منوعات

الصفحة الاخيرة 2024/01/16
...

حسن العاني

قبل وبعد: اعتادت البلدان العربيَّة – والعراق ليس استثناءً –ألا تتهيأ للأحداث الجسيمة قبل حدوثها، ولا تضع الخطط اللازمة لها مسبقاً، بحيث يمكن مواجهتها والسيطرة عليها، كل شيء عندنا مؤجل، أو كما اعتدنا على تسميته (ما بعد)، ولدينا من الأمثلة على ذلك حمل بعير، ربما أقربها الى الذاكرة، بل لا تزال قائمة هي: جدلنا الطويل العريض وسؤالنا (ماذا بعد داعش؟)، ولم نسأل أنفسنا (ماذا قبل داعش؟) وكيف كان علينا التصرف لكي لا نكتوي بنيران الإرهاب، ولم نسأل أنفسنا كذلك (ماذا قبل الاستفتاء) وماذا كان علينا أنْ نتصرف قبل إجرائه، وها نحن اليوم نتجادل (ماذا بعد الاستفتاء؟)، فيا سادة تميم وغطفان وبكر ووائل وعبس وذبيان، اعملوها مرَّة واحدة في حياتكم لوجه الله، وتصرفوا على وفق المنطق، والمنطق العقلي والفلسفي والرياضي والعملي يقضي أنْ تتقدم (قبل) على (بعد!)
التوأم: من أجمل ما سمعت منذ سنوات بعيدة أنّ مواطناً تونسياً معدم الحال كان يسير في الصحراء حين التقى مصادفة رجلاً تفوح رائحة العافية والثراء من ملابسه وعطره وخدوده المتوردة، فما كان منه إلا أنْ أشهرَ خنجراً في وجهه وقال له (اعطني المال الذي في جيبك)، إلا أنَّ المتعافي ردَّ عليه (ولكنها أموالي الخاصة!) ردَّ عليه المواطن (لديك منها الكثير في البيت والمصرف والخارج) قال له المتعافي (يبدو أنك لم تعرفني، أنا رئيسك زين العابدين بن علي) وهنا ردَّ عليه المواطن (إذنْ في هذه الحالة أعطني مالي الذي سرقته!). ملاحظة: معلوم أنَّ ثلاثة أرباع الحكام العرب هم توائم الرئيس التونسي الذين ينتظرون دورهم في الهرب! إجابة صحيحة: قبل 30 أو 40 سنة، كان الأحفاد يتحايلون على أجدادهم من أجل الاستماع الى (سالوفه حلوه)، أما الآن فالأجداد يتحايلون على أحفادهم من أجل تسلية بريئة أو متعة طريفة.. وهكذا جمعتُ أحفادي وأغريتهم بدفع ألف دينار لمن يستطيع الإجابة على أسئلتي، فوافقوا في الحال.. كان سؤالي الأول هو (لو تزوج رجلٌ قويٌ من امرأة ضعيفة، بمقدوره توجيهها كما يريد) فإن الزوجة في هذه الحال تشبه شيئاً بيد الرجل ما هو هذا الشيء؟)، الجواب معروف لدينا نحن الكبار، إنّها على حد أقوالنا الشعبيَّة تشبه العجينة... الأحفاد شرقوا وغربوا في إجاباتهم لولا أنّ أحدهم فاجأني قائلاً (إنها تشبه الدستور بيد السياسيين!) كانت الإجابة صحيحة مئة بالمئة ولكنني كذبتُ عليه وقلت (الإجابة خاطئة)، فربما يفلت هذا الكلام من لسان أحفادي، وقد يسمعهم إنسانٌ سياسيٌ معروف الولاء، وعندها لا يشفع لهم جدهم ولا جدي!.