الثلاثاء وحلاق أشبيلية

الصفحة الاخيرة 2024/01/23
...

مفيد عباس



غالباً ما ترافق الأسماء، أسماء الناس والأشياء والأيام والأشهر.. صورة تلمع بالخيال لحظة سماع ذلك الإسم، قد تكون هذه الصورة مرتبطة بحدث معين اختزنته الذاكرة صاحبَ ذلك الاسم، فمثلاً حين أسمع اسم النهروان لا تحضرني معركة النهروان الشهيرة التي قاتل فيها الإمام علي بن ابي طالب المُحكّمة، أو الخوارج، وإنما تحضر صورة ورقية التُقطت لنا، أنا ومجموعة من طلبة إعدادية التأميم، ونحن نرتدي بدلات الجيش الشعبي المرقطة حاملين أسلحة كلاشنكوف كُنا قد سُقنا لمعسكر تدريبي في النهروان سنة 1987.

وحين أسمع اسم أسد أو أرى أسداً في التلفزيون أو في حديقة الحيوانات أضحك متذكراً مقطعاً شهيراً لعادل إمام في مسرحية شاهد مشافش حاجة واقترب منه الأسد فقال (أنا بخاف من الكلب يطلعلي أسد) لكن لا أظنني سأضحك عند رؤيته واقعياً، وإنما هو من سيضحك إسبوعاً وربما أكثر.

عندما اتصل بي رئيس تحرير جريدة الصباح الغرّاء الشاعر أحمد عبد الحسين، طالباً مني كتابة عمود إسبوعي فيها، سألته: يا يوم من الإسبوع؟

-     ليكن الثلاثاء .

فرحت وارتفع مؤشر التفاؤل، فالثلاثاء بالنسبة لي من أجمل أيام الإسبوع، لأنه يوم مؤيد البدري.. رحمه الله، وبرنامجه الأثير (الرياضة في إسبوع). وهنا لابد لي أن أنتهز فرصة كهذه وأقول بحقه شيئاً ينصفه نوعاً ماً، لاسيما ونحن نعيش أيام انتصارات كروية في المحفل الآسيوي:

ليس من الإنصاف أن نختصر مؤيد البدري، بلقب (شيخ المعلقين) لأن البدري كان وما زال حتى بعد وفاته، هو الأب الروحي للرياضة والرياضيين العراقيين، هو الذي علمنا الرياضة وقوانينها، وهو من (فتّح عيوننا) على الدوريات الأوروبية وعلى رياضات لم نكن نعرفها لولا برنامجه، وهو من كان يعلق على مباريات المنتخب وكأن اللاعبين أبناؤه وكأنه أب لهم، هو من أسمعنا (حلاق اشبيلية) فارتبطت هذه السمفونية باسمه وعنوان برنامجه.. مؤيد البدري، هو يوم الثلاثاء، ويوم الثلاثاء هو مؤيد البدري.