نوزاد حسن
تحقق أقدام لاعبي كرة القدم بعد كل فوز موجة فرح عارم يضم المحافظات كلها. بعفوية شديدة يخرج المواطنون حاملين أعلامهم ويلوحون بها. منظر صرنا نألفه بعد كل فوز. لكن ما يفسد لوحة الاحتفال هو الرمي العشوائي للعيارات النارية.
وكم أتمنى أن تنتهي هذه الظاهرة الهمجية من حياتنا، لأنها تسبب خسائر في أرواح الأبرياء.
إذن حققت الأقدام الكبيرة فوزها على اليابان. لم تكن المهمة سهلة. اليابان فريق آسيوي عريق، وله أسلوبه في اللعب السريع، اعتمادا على مهارة ونشاط لاعبيه. ومع ذلك جاءت الأقدام الكبيرة بالفوز، ويالها من فرحة وفوز.
من المؤسف أن السياسة نادرا ما تأتي بأية فرحة لنا. ودعوني أصحح أن السياسة هي نوع من الصراع الطويل على المصالح التي صار اسمها محاصصة. ويبدو أن ما تهدره السياسة تحققه كرة القدم لنا. ما يضيع في غرف السياسيين تعيده أقدام اللاعبين فوزا يفرح الجميع. هل أتحدث عن معادلة معقدة ربما؟ لكن الأقدام الكبيرة تعوضنا حين تشعرنا بأننا ما زلنا ننافس ونحقق الفوز حتى لو كانت اليابان أمامنا.
شخصيا أحب متابعة أفراح الناس، هذه العفوية الوطنية تعيد إلينا دفء الإحساس بالوطن والناس. تلك الجماهير المحتشدة الراقصة تنهي هويتها الضيقة، ليكون الوطن الفائز للجميع، وكلهم يحيونه. في خضم هذه النشوة الوطنية يبقى هناك شيء واحد بارز للعيان، يبقى الوطن من أقصاه إلى أقصاه.
رمزية الاحتفال بالفوز لها قيمة معنوية عند المحتلفين ومن يتابعهم. هذا الفرح البريء جدا يجدد تمسك الجميع بالقيمة الوحيدة المطلقة في حياتانا، وأعني بها الوطن الذي يرقص أبناؤه فرحا بفوز حققوه. أظنني أتحدث بإسلوب شخص متعطش لرؤية مثل هذه اللوحة الجميلة. خروج إلى الشوارع ابتهاجا بنصر كروي نحن في أمسّ الحاجة إليه. قبل أعوام سألني مواطن من كردستان، وكنت وقتها أعيش في دهوك، وقد فاز المنتخب بكأس آسيا، برأيك هل سيكون هذا الفوز دافعا للوحدة الوطنية. كان سؤالا جيدا لان هذا المواطن يبحث عن تلك الوحدة التي تغير واقع الحال كثيرا. قلت له: فوز المنتخب مهم جدا جعلنا نفرح جميعا دون هوياتنا الضيقة. لكن العبء الأكبر يقع على السياسيين في تحقيق هذه المهمة. ويبدو أن الأقدام الكبيرة تمنحنا مرة أخرى فرحا عفويا.