نبيل إبراهيم الزركوشي
إن مشاركة العراق في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا، الذي عُقد من 15 إلى 19 يناير/كانون الثاني، لم يكن بروتوكوليا، بل فاعلٌ وبدرجة كبيرة، وقد كانت للتواجد العراقي أهمية كبيرة للدول المشاركة، اذ وجدنا أكثر الوفود كانت لها لقاءات واجتماعات مع الوفد العراقي، مما يؤشر إلى أن العراق أصبح بيئة جاذبة للشركات العالمية، بسبب الوضع الامني المستقر من جانب، ومن جانب آخر نظراً لتوجه الدول إلى المشاريع الاستثمارية الكبيرة، ولعل طريق التنمية أحد تلك المشاريع والتي زادت اهميتها بعد ازمة البحر الاحمر والحرب في غزة، فأصبح البديل للتجارة بين الشرق والغرب، ولعل لحضور العراق في دافوس رسالة اطمئنان إلى جميع الدول بأن العراق أصبح آمناً، ولعل المؤشر على ذلك هو دخول الشركات العالمية المستثمرة للسوق العراقية، وأن هناك تقريرا بريطانيا كشف أن الاستثمار الأجنبي المباشر في العراق خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام الماضي، وصل إلى رقم قياسي بلغ 24 مليار دولار، وهو ما يعادل أكثر من ضعف الرقم القياسي السابق المسجل في العام 2008. والأمر الاهم في ذلك كان عزوف الدول التعاطي الاقتصادي مع العراق، هو بسبب تفشي الفساد المالي في ادارة المشاريع، ولكن الحكومة الحالية ومنذ بداية تشكيلها كانت جادة في القضاء على الفساد وارجاع الاموال العراقية من الخارج خير دليل على
ذلك.
إن المرحلة لما بعد دافوس تعتبر مرحلة مهمة، يجب ان تكون لها ملامح واضحة من خلال الاجابة عن التساؤلات التالية، ماذا نريد أن تقدم لنا هذه الشركات اذا ما دخلت السوق العراقية؟ وكيف يمكن ادارة ملف الاستثمار في العراق اقتصاديا وسياسيا؟ لذا يجب ان تضع الحكومة خطة مشاريع استثمارية وتحدد فيه السقف الزمني لتلك المشاريع وتعلن عنها عبر القنوات الدولية، ناهيك عن ايجاد قوانين نحمي المستثمر من كل اشكال الفساد واكمال الخطوات التي بدأت بها الحكومة في سبيل الاصلاح الاقتصادي التي بدأت بها الحكومة، ولعل رقمنة الدفع والايداع والتحويل المالي أحدى أهم تلك الاصلاحات، ناهيك عن وجود رغبة حكومية في القضاء على سوق بيع العملة غير الرسمي أو ما يسمى بـ (السوق السوداء)، ولعل هناك امر اخر في نفس هذا الجانب وهو كيفية الاستفادة من ملف الاستثمار في تطوير العلاقات مع المحيط العالمي، وهذا ما تقوم به العديد من الدول، ما يجعل لتلك الدول الهيبة والمكانة الرفيعة في المجتمع العالمي، واذا ما تم العمل على هذه الامور، فاننا سنكون قد حققنا من الحضور في هذا المنتدى امرين مهمين الاول هو التواجد مع الاستثمار العالمي والاخر هي كيفية بناء علاقات اقتصادية نستثمرها سياسياً، وهو امر لن يكون صعباً، اذا ما توفرت الإرادة اللازمة لذلك. والقرار السياسي المسنود من قبل
الجميع.