نرمين المفتي
نشرت جريدة «الصباح» يوم الاثنين الماضي وعلى صفحتها الاولى خبرا عن ضبط هيئة النزاهة الاتحادية عمليَّات غسيل أموالٍ كبيرةٍ في مُحافظة الأنبار.
مُبيّنةً أنَّ تلك العمليَّات تمَّ تمريرها عبر بيع وشراء مئات العقارات في المُحافظة. وجاء في الخبر «…. شراء أحد المتَّهمين (250) عقاراً من أحد المطلوبين أمنياً والذي تمَّت مغادرته العراق في العام 2016، وتحويل ملكيَّة العقارات في العام 2020.
واضافت أنَّ الفريق، الذي انتقل إلى مديريَّة التسجيل العقاري في الفلوجة؛ للتحرّي عن صحَّة المعلومة، وبعد إجرائه عمليَّتي التدقيق والتحري، تبيَّن له تسجيل (1197) عقاراً باسم المُتَّهم الأول، فيما تمَّ تسجيل (40) عقاراً باسم متهم آخر.
ولفتت إلى أنَّ من ضمن تلك العقارات (17) عقاراً تمَّ شراؤها من المُتَّهم الثاني «المطلوب أمنياً»، و(360) عقاراً من زوج شقيقة المُتَّهم الأول، مُنبّهاً على أنه تمَّ حذف هذه الأسماء من حاسبة التسجيل العقاري في الفلوجة، وعدم إجراء تحاسبٍ ضريبيٍّ لهم في دائرة الضريبة فيها.».. وتؤكد الجملة الأخيرة في الاقتباس أن المتهمين بغسيل الاموال، ارتكبوا جريمتين إضافيتين، وهما التزوير في سجلات عامة والتهرب من دفع الضرائب..
مع إعلان هذه السنة 2024 سنة للإنجازات، نقول إن الخدمات والبنية التحتية مهمة جدا ومطلوبة، لكن مواجهة الفساد تبقى الإنجاز الأكبر.
ان عمليات غسيل الاموال التي ضبطت في الأنبار والرقم المفجع لعدد العقارات المشار اليها ليست في هذه المحافظة فقط، انما لا أبالغ إن قلت في كل المحافظات، وإن وجد من يرسل بمعلومات إلى، كما فعل أحدهم من الأخيار وأرسل معلومات من الانبار.. ولكن ماذا إن لم يكن هناك من يرسل بالمعلومات؟
قبل سنوات، أشرت وغيري بمقالات عدة إلى الانتباه إلى ارتفاع اسعار العقارات في جميع المحافظات عامة وبغداد خاصة، والتي أصبحت عقاراتها الأغلى في العالم تقريبا ونبهنا على أن هذا الارتفاع سببه غسيل الاموال، وكانت على الجهات المختصة بالتحريات بدورها أن تنتبه على تضخم الأموال، ولكن!
يقول المثل الفرنسي أن تأتي متأخرا أفضل من عدم المجيء، إن جهود هيئة النزاهة الاتحادية أصبحت واضحة، وليكن القضاء على الفساد شعارا وهدفا.
إن الاموال التي التهمها الفساد والتي لا يعرف المواطن كم تبلغ، لكنه يعرف جيدا أن هذه الأموال كانت تكفي لاعادة المصانع المساهمة إلى العمل، وكانت ستقلل من التهام الرواتب للموازنات السنوية، ووفرت فرصا للعمل لعدد اكبر بكثير من الذين تم تعيينهم السنة الماضية، ولا تزال هناك تظاهرات للمحاضرين المجانيين، يطالبون بتعيينات ومع تخرج عشرات الالاف سنويا وعدم توفير فرص عمل في القطاعين الخاص والمختلط، ستستمر التظاهرات التي تطالب بالتعيين، فالراتب مجزٍ ازاء عمل يومي مختصر جدا، في صورة (براقة) للفساد ايضا، ولكن ماذا يفعل الخريجون في ظل عدم توفر فرص
عمل؟
إن كسب دعم المواطن وصوته سيكون حقيقيا ليس بالبنى التحتية والتعيينات فقط، إنما بوضع خطط واضحة لكل ما يحتاجه البلد والمواطن. ستكون هذه الخطط الخطوة الاولى لمسيرة قد تكون طويلة وتحتاج إلى سنوات، لكنها تمنح اطمئنانا للمواطن بأن القادم افضل.