علي حسين عبيد
من طبائع الإنسان المهمة أنه يميل فطريا إلى التميّز والنجاح، وقلّما تجد إنسانا مجرّدا من هذه الخاصية، ونقصد بها خاصية البحث عن النجاح والتفوق على الأقران أو على الآخرين، وهذه الخاصية أيضا هي التي حفّزت حالة التنافس بين بني البشر، فوصلت البشرية من خلال التباري والتنافس إلى ما وصلت إليه من تطور وتقدم كبيرين، فهناك دائما مدخلات ثم تتبعها وتنتج عنها المخرجات. لذا يجب أن تقترن المدخلات (وهي عبارة عن حزمة الاستعداد والتهيئة والتخطيط وسبل التنفيذ)، بالاستعداد الإداري الجيد حتى تكون جودة المخرجات مضمونة أيضا.
إذا افتقدت المدخلات للتخطيط المسبق فإنها سوف تفتقد للنجاح بصورة أوتوماتيكية، لأن التخطيط هو الذي يقود العمل أو المشروع نحو النجاح، هذه هي العلاقة الجدلية المترابطة بين رباعية (المدخلات والمخرجات، والنجاح والتخطيط)، فإذا توافرت هذه الرباعية في أي مشروع اقتصادي عملي أو غير ذلك، تكون النتائج مضمونة.
من هنا ينظر المختصون إلى المدخلات على أنها تمثل الأسس والبدايات التي يضعها الإنسان لكي ينطلق منها نحو أهدافه، وعليه أن يتحرك وفق البرنامج والخطة التي وضعها وصولا إلى قطف المخرجات أو النتائج، لهذا المشروع أو ذاك، فما علاقة الإيمان والنجاح بالمدخلات والمخرجات، ولماذا يؤكد المهتمون بالقضايا والأنشطة الاجتماعية ونجاح الأفراد على أهمية التحالف بين التخطيط والنجاح.
فقد رأى عدد من علماء الاجتماع، أن النجاح لا يمكن أن يتحقق للإنسان إذا لم يكن مدعوما بالتخطيط، وإذا أردنا أن نفسر هذا الطرح، فإن الوقائع والتجارب التي نعيشها أو نسمع بها أو نقرأها تؤكد على أن النجاح يبقى في عِداد المستحيل، إذا لم تدعمه العناصر الداعمة المطلوبة.
فهل هذا يعني أن الإنسان لا يمكنه الاقتراب من خط النجاح إذا لم يحقق أولا قضية الإيمان في ذاته ونفسه، هذا الأمر مفروغ منه، لأن الإنسان المؤمن يكون ذا قدرات كبيرة ويتحلى بإرادة قوية جدا تفوق إرادة غير المؤمن الذي يكون في الغالب ضعيف التصميم، متردد، مهتزّ الإرادة، تخذله همّته، ويكون متردّدا في أبسط الأمور.
في مجالات العمل أتاحت لنا الحياة نماذج كثيرة من الناس الناجحين والفاشلين، تبدأ هذه المقارنة من بداية دخول الإنسان في معترك الحياة، فهناك مثلا طلبة متميزون في المدرسة الابتدائية وفي المراحل اللاحقة، وهناك طلبة عاديّون قد ينجح في أدنى درجات القبول، ولكنه ليس متميزا، وهنالك الفاشلون في دراستهم وعلاماتهم الدراسية لأنهم لا يمتلكون التخطيط الجيد، وبالتالي فإنهم يفتقدون للعنصر الأهم الذي يقودهم إلى النجاح.
إن معظم الدراسات العملية، تدلّ على أن فشل الإنسان وابتعاده عن النجاح يعود إلى انشغاله بذاته وتفكيره الأناني الفردي، وعدم تفكيره بالفائدة الجماعية، وهاتان النقطتان (قلة الإدراك، وأنانية الأهداف وفرديتها)، تؤديان إلى الفشل الحتمي، لأسباب عديدة منها أنك لن تقوم بعملك بشكل جيد بسبب التوجه الفردي الأناني.
إذن نحن أمام مدخلات ومخرجات، ولدينا أهداف وعوامل داعمة ومساعدة، فأنت أولا مطالَب بالتخطيط حتى يكون النجاح قرين لك في حياتك، وثانيا، عليك أن تحضّر المدخلات والأسس والبدايات الصحيحة حتى تكون مخرجاتك سليمة وجيدة، وثالثا وهذا هو المهم، أن تنأى بنفسك عن التوجّه الأناني والعمل لصالح الأنا، والتهرب من مساعدة
الآخرين.