محمد شريف أبو ميسم
بات مؤكدا لدى قوى العدوان، أن مقاومة المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة أمر له صلة وثيقة بالعقائد وبالثقافة، التي ترى في الشهادة كرامة من الله لا يمنحها إلا لعباده الصالحين، ومثل هذا المعتقد لا يمكن الانتصار عليه بتفوق الآلة العسكرية، ما لم يتم تفكيك المعتقد والتقليل من شأن مريديه، وصناعة جيل ناقم عليه وغارق في الاستهلاك اعتمادا على الغرائز والشهوات، وهذا ما يحتاج لمراحل طويلة من التدجين في ظل أدوات العولمة المتاحة.
اذن لا بدَّ من التهدئة في الشرق الأوسط في هذا الوقت، تحديدا الذي تشهد فيه المصالح الصهيوأمريكية في أوكرانيا وبحر الصين تهديدات كبيرة، واعتماد اسلوب محدودية ردات الفعل على عمليات المقاومة مع التلويح باستمرار العمليات العسكرية للحفاظ على ماء الوجه، لذا تتكرر بين الحين والآخر تصريحات القائمين على هذا المشروع بشأن عدم رغبتهم في اتساع رقعة الحرب، إذ إن اتساع الحرب في المنطقة سيعني الحاق الضرر بما أنفق من أجله نحو سبعة ترليونات دولار بحسب الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” في وقت تتعاظم فيه المحاولات الجادة، لدعم مشروع الانتقال باقتصاديات دول المنطقة إلى مرحلة الاندماج الجهوي عبر مشاريع مدن “نيوم” في شمال غرب المملكة السعودية و”الحرير الشمالي” في شمال الكويت على طرفي “أرض الميعاد” الممتدة من النيل إلى الفرات، تحت شعار”من الماء إلى الماء تترامى أطراف الدولة اليهودية الكبرى”.
وعلى هذا، انحسرت ملامح استعراض القوة في العدوان الأخير على منشآت المقاومة في الحدود العراقية السورية، وهم بصدد حفظ ماء الوجه بعد الاصابة الدقيقة التي تعرضت لها القاعدة الأمريكية على الحدود السورية الاردنية، ردا على اغتيال أحد قادة المقاومة في بغداد، وبات القائمون على المشروع الصهيوأمريكي في الشرق الأوسط يكررون القول “إن الولايات المتحدة لا تريد اتساع رقعة الحرب” وإن الولايات المتحدة داعمة لحل الدولتين، وهذا ما يؤكد المأزق الصهيوأمريكي في سياق التأسيس لمشروع الشرق الأوسط الكبير، بعد الانقلاب الاعلامي الذي كشف جرائم الاحتلال، ما يستدعي إعادة تجميل الوجه الأمريكي في المنطقة، والاعتماد على سياسة التطبيع والاندماج الجهوي فضلا عن الاحتواء الاقتصادي بوصفهما المعادل الموضوعي للشروع بالمشروع الشرق
أوسطي.