ابراهيم سبتي
جميع مفاصل الدولة تحتاج إلى كوادر لتشغيلها، وبالتالي فهي تحتاج لأصحاب الإختصاص والكفاءات والشهادات التي تفضي إلى الابتكار والتميز.. هي اذن حالة توزيع مَن تَخرّج من كليته أو معهده، إلى الدوائر المتوزعة بين الوزارات كافة. والذي مرّ بنا في الفترات السابقة من تأخير في تعيين الخريجين الذي قد يمتد لسنوات، أو ممن لم تتوفر لهم فرصة توظيف مناسبة، فيضطر للبحث عن اخرى وهذا سيحتاج إلى التذكير بإختصاصه وهو يمسك به في وظيفته الجديدة المختلفة، فيسبب برأيي هدراً للنفقات والسنوات التي امضاها في دراسة اختصاص معين وهو ما حدث فعلا للكثير من الخريجين، الذين لم يمارسوا اختصاصاتهم في وظائفهم. وهذا الامر ينطبق بالتأكيد على جميع الخريجين من مختلف المشارب والاماكن دون استثناء. ان الدورات التدريبية التي تقام للخريجين ستؤدي حتما إلى استذكار المادة الدراسية والمنهاج العملي والاداري ويعمل على تطوير وتقدم الدائرة التي سيعمل بها الخريج دون شك. إن أي خريج ومن جميع الاختصاصات، سيحتاج بالفعل إلى تذكير بالمادة العملية والنظرية التي درسها كطالب في السنوات السابقة، وستعمل هذه الخطوة على تكيّف الأفكار مع التطبيق، وبالتالي خلق نواة للتقدم والإبداع في مجاله. لقد درس الخريج عدة سنوات قبل ان يمسك بزمام المستقبل، وربما يمتلك افكاراً لتوظيفها ولكنه يصطدم بعدم تعيينه في وزارات الدولة أو في القطاع الخاص. وإن تعيّن فإنه قد امضى سنوات طويلة بعيدا عن الأجواء الدراسية، الامر الذي قد لا يتذكر شيئا مما درسه أو تعلمه في الجوانب التطبيقية أو النظرية، التي كانت محور دراسته ولكنها تلاشت وتبخرت بفعل تراكم السنين التي تؤدي للنسيان. ان تقويض هذه الحالة وجعلها تتناسب مع الوظيفة الجديدة هو الدخول في دورات تدريبية تنظمها الدائرة المعنية أو معاهد تؤسس لهذا الغرض. وافضل مثال على ذلك هو المعلم والمدرس الذي سيحتاج حتما إلى دورات تأهيليه وتدريبية لمنحة جواز دخول المهنة الجديدة، لأن ما درسه المعلم أو المدرس قد طار وتبخر بفعل طيلة الوقت عاطلاً، فخلق بونا شاسعا بين سنة التخرج وسنة التوظيف والأمر نفسه ينسحب على الكليات والمعاهد الاخرى. انها مسألة تحتاج لكثير من الجهد الذي لن يذهب سدى، ونحن نرى أن الخريج الشاب قد تدرب على اختصاصه، قبل أن يمنح ما عنده من معلومات وأفكار إلى الآخرين، الذين ينظرون اليه كأنه يعرف كل شيء.. إن الجهاز الإداري للدولة يحتاج في بعض مفاصله إلى انشاء معاهد للتذكير أو التدريب للموظفين الجدد، من قِبل الموظفين الذين يمتلكون المهارة والخبرة والمعلومة والابتكار. وللأسف فإن الخريج الذي يبحث عن فرصة عمل (وهذا من حقه)، قد فاته أن المستقبل لا يُصنع جزافاً، ولا يمكن أن يستوعب الاختصاص دون اكتساب مهارة أو تعلّم ليترك اثرًا في مكانه لكي يشار له بالتفوق والتميز. ولاحظنا الكثير من الشباب، وهم يبحثون عن المعلومة والاطلاع على اخر التطورات والبحث والتقصي، لأجل تطوير قدراتهم وهي مهمة ليست عيبًا ولا منقصة أبدا.. هي الحياة العملية التي تريد النجاح وتبحث عنه دائما في كل زمان ومكان.