‏رُفِعَت الجلسة في لاهاي

آراء 2024/02/15
...

محمد حسن الساعدي

‏على الرغم من سيطرة القوى الغربية على المشهد في الصراع الدائر في قطاع غزة، إلا أن محكمة العدل الدولية انتصرت للفلسطينيين، وأن هذا الانتصار يمثل انتصاراً لقيم العدل والإنسانية وقرار إدانة للكيان الصهيوني، ويمثل فضيحة مكتملة الأركان لهذا الكيان الغاصب، خصوصا وإنما قيل على لسان القضاة في المحكمة الدولية، وفي مقدمتهم رئيسة المحكمة القضية الأمريكية (دوان دونوغو) وتأكيدتها على أن ما قدمته جنوب إفريقيا من أدلة كان مقنعا تماما، إذ إن المحكمة بقرارها الشجاع هذا، أكدت أنها المعنية بالنظر بمثل هذه الدعاوى، والتي تمثل إبادة جماعية للمدنيين العزل وإقرارها بحق جنوب أفريقيا برفع الدعوة إلى جانبي إقرارها بحق الفلسطينيين بالدفاع عن أنفسهم، وتمتعهم بالحماية، وتأكيد القضاة بإلزام إسرائيل على منعها من تدمير الأدلة المتعلقة بالإبادة الجماعية، إضافة إلى أن القرار أكد ضرورة التزام إسرائيل بالاتفاقيات الدولية في عدم التعرض للمدنيين، والأهم من ذلك كله قرارها بمنع إسرائيل من أي إجراء ضد هؤلاء المدنيين أو محاولة التحريض عليهم.
‏ما صدر من محكمة العدل الدولية يمثل روح العدالة والقضاء، كونه صدر بالاجماع وأن قراره كان يمثل الضمير المهني والإنساني وليس الانتماء والولاء إلى أي دولة أو موقف أو حتى دعم للعدوان الإسرائيلي، إضافة إلى أنها أمرت إسرائيلي بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المدمرة، حيث تشير التقارير الواردة من وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن عدد الشهداء ارتفع ليصل إلى 26038 وفق آخر إحصائية، معظمهم من النساء والأطفال، وعلى الرغم من عدم صدور قرار يلزم الكليان الإسرائيلي بوقف الحرب على غزة، إلا أن الإجراءات الصادرة عنها تشكل ضغطا على اسرائيل وتقييدها، بالإضافة إلى أنها تضع الجيش الإسرائيلي تحت قبضه المسألة والملاحقة القانونية الدولية.
‏هذا القرار يمثل بطاقة حمراء بوجه الكيان الإسرائيلي، والذي سيكون شبحل يلاحق آمالها ورئيس حربها، الذي تلاحقه المساءلة القانونية في العمق الإسرائيلي، على خلفيات فساد واستغلال للمنصب، وأن على إسرائيل أن تكون حذرة في التعامل مع الفلسيطنيين، إذ لا يمكن لتل أبيب أن تفعل ما يحلو لها من عدوان وقتل وإبادة جماعية بالفلسطينيين، إضافة إلى كونه يؤسس لمرحلة جديدة وجدية لكيفية التعامل الدولي مع الكيان الإسرائيلي بكل ما يتعلق بالعلاقة مع الشعب الفلسطيني، كما أن القرار أدان وبشكل واضح الحديث والتصريحات الصادرة عن القيادات السياسية والعسكرية، بحق الشعب الفلسطيني واعتبرها تحريضا واضحا ضد المدنيين العزل، كالدعوة إلى الإبادة الجماعية وتدمير البنى التحتية لقطاع غزة وباقي المدن الفلسطينية، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، ووصف السكان بغزة بالحيوانات البشرية وغيرها من تصريحات عدائية تمثل عداءً واضحاً ودعوة للقتل، الأمر الذي بالتأكيد سيجعل إسرائيل تحت طائلة المساءلة القانونية من المجتمع الدولي وبشكل
مستمر.
‏القرار يمثل إنهاء للغطرسة الإسرائيلية وهزيمة منكرة لهذا الكيان، ما يعني ان إسرائيل أمام مرحلة مختلفة وجديدة بكل ما يتعلق بطريقة التعامل مع الفلسطينيين، والأهم من ذلك كله أن إسرائيل خسرت المحافل الدولية والقانونية والقضائية، وبات عليها أن تثبت للعالم والمجتمع الدولي أنها لا يمكنها الاستمرار بهذه الإبادة وبهذه الطريقة في التعامل مع القضايا المشتركة، وعليها أن تتوقف فوراً في إثبات نفسها في حربٍ خسرتها مبكراً.