القوات الأميركيَّة في العراق بين الانسحاب والبقاء

آراء 2024/02/19
...

عبد الله حميد العتابي

تشكلت اللجنة العسكريَّة المشتركة العليا بين العراق والولايات المتحدة في شهر آب من العام الماضي، وقد شاركت في هذه اللجنة كلٌ من وزارة الخارجيَّة الأميركيَّة ووزارة الدفاع الأميركيَّة ووزارة الدفاع العراقيَّة للحوار من أجل التعاون الأمني المشترك بين البلدين، فضلاً عن الاهتمام المشترك باستقرار المنطقة. وفي الخامس من كانون الثاني الماضي أعلن رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني أنَّ حكومته بصدد تشكيل لجنة ثنائيَّة لجدولة انسحاب قوات التحالف الدولي ضد داعش من العراق بصورة نهائيَّة، وأنَّه لن يكون هناك تفريطٌ بكل ما من شأنه استكمال السيادة الوطنيَّة على الأرض العراقيَّة.
والواضح أنَّ مطالبات العراق بخروج القوات الأميركيَّة جاءت في ظل لحظة مفصليَّة إقليميَّة يشهدُ فيها الشرق الأوسط مرحلة مضطربة ترتبطُ بالعدوان الصهيوني على غزة وما صاحبه من تداعيات أجَّجت الأوضاع.
بدأت أولى أعمال تلك اللجنة في السابع والعشرين من كانون الثاني الماضي وكان هدف الاجتماع هو الاتفاق بين البلدين لوضع مسارٍ لجدول زمني يتمُّ على أساسه إنهاء مهام التحالف الدولي في العراق والتي سبق أنْ تعهدت بمواجهة البِنْية التحتيَّة الماليَّة والاقتصاديَّة لتنظيم داعش وعرقلتها، والتصدي لتدفق المقاتلين الأجانب عبر الحدود ودعم الاستقرار وإعادة الخدمات العامَّة الأساسيَّة للمناطق المحررة من قبضة داعش ومواجهة دعاية التنظيم. وتدارس المجتمعون آليَّة انتقال المهام المشتركة للتحالف الدولي ضد داعش الى شراكة أمنيَّة ثنائيَّة مستدامة مع مرور الوقت.
ولنا أنْ نتساءل هل أنَّ الإدارة الأميركيَّة جادة في مسألة انسحاب قواتها من العراق في ظل المتغيرات الإقليميَّة والدوليَّة.
للإجابة على هذا التساؤل لا بُدَّ من التذكير أنَّ وجود القوات الأميركيَّة في البلاد يتجاوز بكثير مسألة محاربة فلول داعش، وبات من الواضح رغبة الولايات المتحدة في ردع خصومها الإقليميين وتأمين مصالحها في الشرق الأوسط. وبما أنَّ العراق ساحة رئيسة ومحوريَّة لمواجهة التغلغل الإيراني، فليس من السهل على الأميركيين الانسحاب، فضلاً عن المنافسة الأميركيَّة الجيوستراتيجيَّة مع الصين وروسيا، ويبدو أنَّ الولايات المتحدة قد انتبهت الى خطأ حساباتها الاستراتيجيَّة المتعلقة بانخفاض أهميَّة المنطقة على أجندة أولويات السياسة الأميركيَّة لصالح التوجه شرقاً بغية احتواء التهديدات الصينيَّة والروسيَّة، لذا عادت لتعزيز حضورها الإقليمي في
 العراق. قضيَّة أخرى لعلَّها تعرقل الانسحاب الأميركي من العراق، تتعلقُ بالشأن الداخلي العراقي، إذ لم يتردد الجانبان الكردي والسني في رفض انسحاب القوات
الأميركيَّة. تأسيساً على ما سبق نستخلصُ أنَّ هناك دوافعَ داخليَّة وإقليميَّة ودوليَّة ستستغلها الإدارة الأميركيَّة في عرقلة انسحاب قواتها من العراق.