مشاركة السوداني في مؤتمر ميونيخ للأمن: الدلالات والنتائج

آراء 2024/02/21
...

 أ.د.جاسم يونس الحريري


شارك المهندس محمد شياع السوداني/رئيس مجلس الوزراء العراقي في مؤتمر ميونيخ: السياسة والامن في دورته 60 خلال الفترة من17- 19/2 / 2024بمشاركة 500 شخص، بينهم زعماء دول وحكومات ووزراء خارجية ودفاع، وبحضور المستشار الألماني (أولاف شولتس). وشارك في المؤتمر سبعة وأربعون وزير خارجية وثلاثون وزير دفاع، وتسعون برلمانياً، وشارك ايضا رؤساء أوكرانيا وبولندا، والأمين العام الجديد للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش)

ومندوبة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي (فريديريكا موغيريني)، والأمين العام لحلف الناتو.
وذكرت الاخبار أن «18 شخصية من دول مختلفة زارت السوداني»،  وأن «هذه الشخصيات تنوعت بين رئيس ووزير ومسؤول أمني رفيع».
فيما أكد السوداني رغبة العراق في «الانفتاح» على جميع الدول «الصديقة والشقيقة». وفي السياق ذاته، التقى السوداني في مقرّ إقامته بمدينة ميونيخ المديرة التنفيذية لمجموعة الأزمات الدولية (كومفورت إيرو)، وناقش معها «تعزيز الشراكات الدولية لمواجهة مختلف التحديات والأزمات العالمية، الاقتصادية والأمنية، فضلاً عن مشكلات التغيرات المناخية، والعمل المشترك للتصدي لها والتخفيف من آثارها». (كريستوف هيوسغن) منظم وامين عام مؤتمر ميونيخ،علق على مشاركة العراق في المؤتمر قائلا «إن مشاركة العراق في مؤتمر ميونيخ باتت ضرورية إلى جانب مشاركته في المنتديات الدولية، وذلك من خلال دوره في محاربة الارهاب، ونحن نقف بجانبه». وأكد موقع العراق في محاربة الإرهاب الذي تمتد حدوده مع سوريا، حيث احد معاقل تنظيم داعش الإرهابي، أن» العراق واهميته لا تنحصر داخلياً بل اقليمياً ودولياً».
تحليل واستنتاج:
1 - أظهر السيد السوداني ثقة بالنفس في لقاءاته الدولية في ميونخ، وهذه لم تأتي من فراغ، بل نمت وترعرعت بسبب الرضا الشعبي عن سياساته الاصلاحية والعمرانية في البلاد، وقد اعترف الامريكان بانفسهم بذلك، من خلال فحص الرأي العام العراقي، وقياس ردود فعله تجاه انجازات السيد السوداني في الساحة العراقية، ففي استبيان أجراه معهد (غالوب)، وهو المعهد الاميركي للرأي العام، الذي تأسس في مدينة برنستون، بولاية نيوجيرسيأن الأمريكية أكد أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يحظى بتأييد
69 % من العراقيين الذين يعلقون آمالاً كبيرة على بلادهم، رغم أن عدم الاستقرار والاحتجاجات والاضطرابات تصدرت العناوين حوله لفترة طويلة. غالوب «Gallup” التي تعد شركة استشارية أميركية خاصة يقع مقرها الرئيس في العاصمة واشنطن، استبينت آراء العراقيين حول حكومتهم واقتصاد بلدهم، معتبرة أن النتائج تظهر بصيصاً من الأمل في “استقرار بمنطقة غير مستقرة”.
2 - استقبال “ السوداني” وزير الخارجية البريطاني ((ديفيد كاميرون))، وذلك على هامش مشاركته كممثل عن العراق في مؤتمر ميونيخ للأمن 2024، جاء ليؤكد تغيير نظرة إحدى الدول الدائمة في مجلس الامن الدولي (الصين، فرنسا، الاتحاد الروسي، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة) لموقع ومكانة العراق الاقليمية وتفهم رغباته على لسان السيد السوداني حول مستقبل علاقته مع التحالف الدولي، حيث أكد السيد السوداني في لقائه مع الوزير البريطاني”أن الحكومة العراقية تسعى إلى تنظيم العمل مع التحالف الدولي، والذهاب نحو إنهاء وجوده في العراق، والانتقال إلى العلاقات الثنائية المتعددة مع دول التحالف).
وهذا الامر شجع الوزير البريطاني طرح رغبات الحكومة البريطانية على عدم الاقتصار علاقاتها مع العراق على عضويتها في التحالف الدولي، بل هناك توجهات حكومية بريطانية على توسيع العلاقات مع العراق إلى جوانب اخرى لا تقتصر على الجانب الامني والعسكري، وحتى الاستخباري فحسب، وهذا ما أكده الوزير البريطاني في لقائه مع السيد السوداني، حيث عبر “كاميرون” عن رغبة بلاده في توسيع العلاقات مع العراق، بما يحقق المنفعة المتبادلة، مؤكداً أن هذه العلاقات يجب ألّا تقتصر على الجانب الأمني، الذي يجري تنظيمه من خلال مشاركة بريطانيا في التحالف الدولي، بل إن بلاده ترغب في إيجاد شراكات متعددة مع العراق، لاسيما في الجوانب الاقتصادية والتنموية.
3 - إن مشاركة السيد السوداني في مؤتمر ميونخ للامن تعتبر مهمة للغاية في ظل تداعيات الحرب الاوكرانية الروسية، والتداعيات الخطيرة على العالم عموما ومنطقة غرب آسيا خصوصا، لا سيما أن العالم يأخذ بنظر الاعتبار تداعيات هذه الحرب اقتصاديا وعسكريا، ومشاركة العراق في هذا المؤتمر الا اعادة لدوره المحوري في تشكيل ورسم التحالفات في المنطقة، وهذا ما أكده المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، إذ يقول (أما على المستوى السياسي، فقد انعكست تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية، من نواحي الطاقة والغذاء على معظم دول العالم ومنها العراق، فيما كان لارتداداتها السياسية تأثير مباشرعلى منطقتنا (غرب آسيا) في إعادة تشكيل التحالفات السياسية الكبرى في المنطقة، مما يفرض على العراق وقيادته السياسية أن ينخرط بفاعلية في ثنايا المؤتمر وتفاصيله الحساسة، لمعرفة اتجاه البوصلة العامة، وطبيعة القناعات السياسية، التي ستشكل بمجملها خرائط عمل ستتحرك وفقها الكثير من الدول المؤثرة تجاه غرب آسيا، باعتبارها نقطة الجذب العالمية لمصادر الطاقة، التي أصبحت جزءا أساسيا من المواجهة بين روسيا وأوكرانيا ومن خلفها حلف  الناتو”.