مشاريع.. مجسرات.. اتفاقيات ثم ماذا؟

آراء 2024/02/21
...

سوسن الجزراوي

بدءا، أنا قلباً وقالباً مع ما ينجز من مشاريع عمرانية صارت واضحة المعالم في الشارع العراقي، بل وصار الكثير ممن يراها يشعر بطاقة ايجابية، وبمعنى آخر، ما يدفعني لكتابة هذا الموضوع، لا يمت بصلة للانتقاد أو الرغبة في اصطياد بعض الاخفاقات المصاحبة لهذا الكم من المنجزات، التي بدأت تترك بصماتها على الارض، ولكني في الوقت ذاته، اسعى منطلقة من حرصي، أن أسهم ولو بأبسط ما يمكن من خلال تقديم بعض الملاحظات إن صح التعبير.
ومع انتشار عدد لايستهان به من مشاريع عمرانية وخدمية، مثل تبليط الشوارع وانشاء مجسرات مهمة، غايتها تقديم أفضل الخدمات للمواطن، وترميم الكثير من مفاصل البنى التحتية، إضافة إلى إبرام اتفاقيات تجارية تسعى لسد حاجة السوق العراقية من ناحية، وتوفير أنواع شتى من السلع المدرجة في خانة (مواد خام) أو استهلاكية أو صحية أو تقنية من ناحية أخرى، إلا أن كل هذا لم يتم في بعض مفاصله على أسس متكاملة، تجعله منجزاً لا يمكن تسجيل اي هدف في مرماه.
فالمشاريع بشكل عام، يفتقر العديد منها إلى وحدات صيانة مستدامة أو وحدات صحية متكاملة، هذا في ما يتعلق بالمشاريع السكنية.. اذ نجد أنها عبارة عن أبنية متجاورة بشكل (خانق) احيانا، هدف المستثمر منها، بيع اكبر عدد من الوحدات (السكنية)، بغض النظر عمّا يصاحب هذه الوحدات من احتياجات تم ذكرها آنفاً.
كذلك وفي السياق ذاته نجد أن بعض المجسرات التي انجزت لم ترتق لمستوى الطموح، والذي من الممكن أن يكون منقذا للمواطن من الاختناقات المريعة، التي صارت واقعا لا مفر منه، فما الفائدة من مجسر لا يتجاوز بمساحته بقعة صغيرة لا تختلف احيانا عن المساحة المخصصة للطفر العالي، الذي يستخدم فيه اللاعب عصا طويلة (الزانا) للانتقال من هنا إلى هناك.
واذا افترضنا أنها مجسرات مهمة، لعبت دوراً لايستهان به في فك بعض الاختناقات المرورية، إلا أنها بالتالي لا يمكن أن تقضي على هذه الأزمة، لأن استيراد السيارات الحديثة والسماح بدخول العجلات المتضررة من الدول الغربية، ممن تعرضت للغرق أو ممن تهشمت بعض أجزائها حتى صارت عبارة عن خردة متهالكة، اضافة إلى العدد المخيف من التكاتك والدراجات النارية، كل هذا قادر ان ينسف الفائدة المرجوة من هذه (المجسرات)، أو ما يصاحبها من تحويلات وفتح بعض المنافذ المغلقة.
صحيح أن الدولة لا تدخر مجهودا للوصول إلى حلول ناجعة، إلا أن هذه الحلول ما زالت عاجزة بعض الشيء عن بلوغ هدفها، وربما يعود السبب أحيانا لتعدد المقاولين المنفذين، ما بين المستثمر صاحب العقد الاصلي، والمنفذ الرئيس، ومن ثم المقاول الثانوي الذي تقع على عاتقه الكثير من أسباب التلكؤ هذا.
فمن خلال مشاهداتي الحية لبعض ما تحدثت عنه، أستطيع أن أشخّص جزءًا من هذه النسب الواقعة في خانة الأخطاء.. المقاول الرئيس المسؤول مثلا عن مد اسلاك الكيبل الضوئي للانترنت، يحيل هذه المهمة لمقاول ثانوي، والذي يقوم بالتالي لإيداع هذه المهمة لدى مهندسين ومشرفين، لا يتواجدون كثيرا برفقة العمال المنفذين، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى كسر في أنابيب المياه أو إحداث شروخ واسعة في الشارع، تؤدي بالتالي إلى عرقلة مرورية وازدحامات تؤثر في الطرفين في الوقت ذاته (المنفذ والمستفيد).
كذلك نجد البعض من الشوارع الرئيسية التي تتم فيها عمليات الاكساء وتنظيم الارصفة، تستغرق شهورا وشهورا، مسببة زحامات اضافية وعبئا كبيرا على سائقي المركبات والسابلة في ذات الوقت، في حين أنها في حقيقة ما تحتاجه من وقت، لا يتعدى الأسابيع.
وأي كانت الاسباب، فالتخطيط للتنفيذ، هو الأساس الأول والاهم في الانجاز الآمن السليم، لأن المشاريع مهما كانت، ومهما رُصد لها من أموال، لا بد أن تبدأ من النقطة الأهم، وهي (التخطيط) لها، لأنه الطريق الأسلم والأقصر والأكثر ضمانا لتحقيق منجزٍ يشار له بالبنان، إضافة إلى أهمية توفير رأس مال اضافي للضروريات أو مفاجآت المشروع إن صح التعبير، كذلك تلعب مسألة مراقبة ما يحدث من تطورات للمشروع دورا مهما في نجاحه بشكل سليم، وبرأيي فإن اختيار فريق عمل متناغم مثابر مخلص ذكي، كفيل بجعل كل ما يحدث، غاية في الدقة، والتي تصب فائدتها بالتالي في ساحة النجاحات الكفيلة بخلق جسور متينة من الثقة بين المواطن والدولة.