زيد الحلي
تساءلتُ مع نفسي، وأنا أتجول أمس في السوق لشراء حاجيات البيت، عن السبب الذي حدا بالجشع أن يبكر في التكشير عن أنيابه، إيذانا بقرب حلول شهر رمضان المبارك، مثال ذلك ارتفاع أسعار اللحوم بأنواعها والبيض والبقوليات، ولا أريد التعداد، فالأمر بات معروفاً عند الأسر..
أعرفُ أنَّ البعض سيشير إليّ قائلاً: لماذا الحديث بهذا الموضوع، فأمامنا متسع من الوقت حتى يحل الشهر الفضيل، ربما هذا التساؤل، يمثل مشروعيَّة، فأجيب: إنَّ مقدم شهر رمضان، وما يتبعه عيد الفطر، هو من أبهى الأيام، وفرح لا يدانيه فرح من الجميع، يتمثل ببساطة المعيشة، ورخص الأسعار وتوفر المنتج المحلي، وامتلاء السلة الغذائية الذي تمثله البطاقة التموينية، لكن ملاحظتي الحالية، بشأن ارتفاع الاسعار، ولا سيما الاساسية منها، أجده موضوعا مجتمعيا، يتطلب وقفة حكومية سريعة ، قبل أن يستفحل الحال، وتجعل رب الأسرة لا يقدر على توفير متطلبات الشهر الفضيل، وهي متطلبات أسريَّة معروفة، بسبب إغراءات المولات وتنوع الاستيرادات، ومقابل ذلك، نجد البذخ الذي يمارسه أصحاب فئة مكتنزي الأموال، في الموائد والسلوكيات وحفلات الافطار، ما يفوق الوصف!.
إنَّ ما أشرتُ إليه، ينبغي أن يكون من صلب اهتمام المسار الحكومي، فالحكومة هي الاب، وهي الراعية لكل مواطن، فالقلق. المصاحب لقرب قدوم ايام الشهر الفضيل، عند السواد الأعظم من الأسر العراقية التي تبحث عن لقمة عيشها بأسعار مقدور عليها، هو قلق مشروع، ولعلّي أكون مصيباً بقولي إنَّ المرء يحتاج الى من يعيد اليه قوته الداخلية وإلى طمأنة نفسه من خلال شعوره برعاية الدولة له.
وإلى جانب ما قلت، أدعو إلى تحقيق فكرة التكافل الاجتماعي كمنهج حياة، من خلال التأكيد على التعاضد المجتمعي، فليس الثراء والفقر هو ما يجعلنا سعداء أو تعساء، بل ان عدم بسط أيدينا إلى بعضنا والشعور بالآخر، هو الداء الخطير.. فغني بخيل، هو أفقر من متسول، وأجد أن الفقراء الذين يتبادلون المحبة، وينعمون براحة الضمير هم الأغنياء الحقيقيون، وهي دعوة أوجهها ونحن ننتظر الأيام الفضيلة، إلى (عبدة) المال والجاه، خصوصا لـ (فئة) حديثي النعمة، أن يتواضعوا، حتى يتمكن بسطاء الناس من العيش بيسر وطمأنينة، وحرية مجتمعية..