رخصة الزواج

آراء 2024/02/22
...








 نرمين المفتي 


نشر مجلس القضاء الأعلى في موقعه على الإنترنت إحصائية لحالات الطلاق المسجلة في شهر كانون الثاني 2024 في العراق، عدا محافظات اقليم كردستان. 

وكشفت الاحصائية أن المحاكم صادقت على 5610 حالات طلاق خارج المحاكم واصدرت 1843 حكما قضائيا بالتفريق، اي بمعدل 248 حالة طلاق يوميا. وبمراجعة الإحصاءات التي ينشرها المجلس بهذا الخصوص شهريا، نجد أن معدلات الطلاق لا تزال مرتفعة برغم معرفة السلطات المختصة ومنظمات المجتمع المدني بالنتائج الكارثية، غالبا، للطلاق وخاصة على الأطفال.. 

وقبل الإشارة إلى الأسباب، المعروف ان ماليزيا كانت تعاني من ارتفاع حالات الطلاق والتفكك الأسري، لتتبنى حكومتها مع وصول مهاتير محمد إلى الحكم حلولا جذرية لحل المشكلة وبدأت الجهات المختصة بتنفيذها، ونجحت وبعمل متواصل لأكثر من عقد من تخفيض نسبة الطلاق تدريجيا لتصل بعد عقدين إلى اقل من

 6 % بعد أن كانت اكثر من 32 %، اي 32 حالة طلاق من كل 100 حالة زواج ولتسجل انها البلد الاقل بنسبة الطلاق في العالم. كانت خطة ماليزيا اسمها (رخصة زواج) تمنحها معاهد حكومية خاصة بتعليم الشباب والشابات المقبلين على الزواج وتدريبهم على العلاقات الزوجية السوية، اقتصاديا واجتماعيا، لمدة ثلاثة أشهر، والناجح يحصل على رخصة الزواج التي تشكل احدى الوثائق التي تطلبها المحكمة، فضلا على الهويات والفحص الطبي. 

وأكاد أجزم أن هناك حلولا، لدينا، ايضا لو وجد من يفكر بحل جدي، خاصة المنظمات التي تعمل باسم المرأة والطفل. 

ولا أنسى الاشارة إلى درس (التدبير المنزلي)، الذي كان ضمن المناهج الدراسية، والذي كان مهما للحياة المستقبلية للطالبات وافتقدتها المدارس مع بداية الحصار، وأعتقد أن إعادته مع اضافة مواضيع مهمة اليه، استنادا إلى التغييرات التي شاهدها المجتمع العراقي.  في دراسة سابقة، اشارت اليها محامية في حوار تلفزيوني إلى أن حوالي 30 % من اسباب الطلاق في العراق، سببها مواقع التواصل الاجتماعي والتي تؤثر سلبا في العلاقات الزوجية بغض النظر عن الحالة الثقافية والاجتماعية والمادية للزوجين. 

وتساهم هذه المواقع في المشكلات الزوجية، مثل الغيرة وفقدان الثقة أو حتى الخيانة الزوجية، كما ان الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يؤدي إلى إهمال العلاقة أو الانخراط في تفاعلات غير مناسبة مع الآخرين. 

ومع ذلك، فهو مجرد واحد من العديد من العوامل المحتملة التي يمكن أن تتسبب في الطلاق، ومن بينها مشكلة التواصل بين الزوجين، خاصة في حالات الزواج المبكر والتي تؤدي إلى عدم التفاهم وغالبا إلى العنف الأسري. 

وتشكل الخيانة الزوجية سببا مهما وواضحا، وطبعا ليست خيانة الزوج فقط، انما هناك نسبة وان كانت صغيرة، تشير إلى خيانة الزوجة ايضا.

وتبقى المشكلة المادية موجودة دائما وادمان الزوج على الكحول أو المخدرات، والذي يؤدي غالبا إلى عنف أسري مفرط ولا تجد الزوجة خلاصا سوى الطلاق. 

وهناك تدخل الأهل، خاصة إذا كان الزوجان يسكنان في بيت العائلة. وربما هناك سبب آخر لم تشر اليه الدراسات، وهو عدم التوافق بين الزوجين والاختلافات في القيم أو الأهداف أو أسلوب الحياة. 

قد تجعل من الصعب على الأزواج الحفاظ على علاقة طويلة الأمد. إن حالات الطلاق التي تحتاج إلى دراسة ايضا هي تلك الحالات التي تقع بين زوجين امتدّت علاقتهما الزوجية إلى اكثر من ثلاثة عقود، لان حالات مثلها كانت نادرة في ما مضى.. وطبعا لا ننسى ان الحروب والمصاعب التي شهدها البلد تركت آثارها على نفسية النساء والرجال معا. إن الإحصاءات التي ينشرها مجلس القضاء الأعلى تدق ناقوس الخطر خاصة بالنسبة لمستقبل البلد واقصد الإطفال والتمزق الأسري الذي يواجهونه بعد الطلاق.