شقة في بغداد.. شقة في كردستان

آراء 2024/02/22
...

  رعد كريم عزيز 


يتيح البناء العمودي للمواطن فرصة أن يعيش بخدمات كاملة بعيدا عن الازمات الوقتية للكهرباء والماء والمجاري والحماية، ومن خلال التجربة المعاشة في العراق كان البناء العمودي غير مرغوب فيه، باعتبار أن العراقي يحتاج إلى حديقة خاصة، ولا يحب ان يسكن وفوق رأسه عائلة أخرى.

ولكن لتطور الحضري واتساع المدن والزيادة السكانية فرضت قبولا جديدا للمواطن حتى تعايش مع الوضع الجديد، فأصبح البناء العمودي مطلبا شعبيا ومحل إيواء مقبولا، وتكيف المواطن مع المصاعد الكهربائية والعلو الشاهق والاعتماد على حديقة مشتركة لعمارة تتكون من عدة طوابق.

ومع شيوع الثقافة السكنية الجديدة ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق، وأصبحت الـ 500 مليون أو اقل أو ازيد متداولة في السوق العقارية، لا سيما البغدادي والشواهد كثيرة. وهناك الكثير من الشقق تطلب قسطا شهريا يتجاوز المليون دينار إضافة إلى قسط المصرف الذي يسلف المواطن بضمان الشقة. ترى من يستطيع تسديد هذه المبالغ؟ اكيد الموظف لا يستطيع.. اصحاب الأموال التي لا نعرف مصدرها هم المقتدرون واكثرهم يشترون الشقق للنزهة والترفيه.

ولو عقدنا مقارنة بين أسعار الشقق في بغداد وبين إقليم كردستان – والحديث هنا لا علاقة له بالسياسة- فان مبلغ شقة واحدة في بغداد يمكن المواطن من شراء 3 شقق في كردستان.

اين يكمن الخلل.. بالتأكيد ان الاستثمار في كردستان اسلس وضغوطات العمل اقل من بغداد، التي تضعف فيها الرقابة على كيفية الحصول على الاستثمارات فيها، ومتابعة بسيطة لطبيعة الاستثمار في مول بغداد والفندق الشاهق المهمل وسط بغداد، يكشف عن الالتباس الحاصل بين الاستثمار الذي يعود بالفائدة على الناس وبين الاستثمار الذي يبقى شاهقا امام اعين المواطن، الذي يتحسر على خدمته الوظيفية التي افنى عمره فيها بلا مقابل يتكافئ مع الجهد الذي بذله مخلصا لعمله بكل نزاهة، لذا نشاهد ان اعداد المشترين للشقق في كردستان اكثر من العاصمة بغداد نسبة لاعتدال الأسعار وقيمة الأقساط التي يدفعها المواطن شهريا. وبحساب بسيط أو كما يقولون (حساب عرب) فان العراق يحتاج 10 ملايين وحدة سكنية، اذا اقصينا من الأربعين مليون نسمة الأطفال وكبار السن والذين يملكون عقارا من جيبهم الخاص أو الذين حصلوا عليه بمساعدة الدولة، وهذه العشرة ملايين نسمة لو وضعناها امام الأرقام التي تعلن عنها هيئة النزاهة بالمليارات المهدورة في كل يوم لعرفنا اين الخلل.

الامر لا يحتاج إلى خبير بل إلى قانون حازم لحل الازمة... ولي أن أعترف بأن الأمر شاق وصعب والطريق مليء بالعثرات، ولكن واقع الحال ان الأنظار تتجه عند الناس لشراء شقة في كردستان اكثر من بغداد.