عبد الزهرة محمد الهنداوي
بحلول العام الحالي 2024، دخل العراق رسميا في عام تنفيذ التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت، الذي من المؤمل تنفيذه في العشرين من شهرين تشرين الثاني المقبل، وسيكون هذا التعداد، هو التاسع، ضمن سلسلة التعدادات التي شهدها العراق، منذ عام 1927، وانتهاءً بالتعداد الثامن الذي أُجري عام 1997، ولم يشمل محافظات اقليم كردستان، كما أن بياناته التفصيلية لم تظهر الا بعد مرور ثلاث سنوات، وهذا يعني انها فقدت قيمتها التنموية، ولذلك فان التعداد التاسع المقبل، سيكون الاول بعد عام 2003، كما انه أول تعداد سينفذ الكترونيا، عبر استخدام الاجهزة اللوحية (التابلت) المرتبطة بنظم المعلومات الجغرافية، فضلا عن ذلك فان استمارة التعداد ستكون خالية تماما من اي سؤال يخص القومية، أو المذهب، فهذان السؤالان غير مُنتجين تنمويا، ووجودهما ربما يثير مخاوف واشكالات هنا وهناك، عدا ذلك فان استمارة التعداد ستكون شاملة لكل خصائص حياة الفرد، في مجالات الصحة والتعليم، والعمل والسكن، والاعاقة، وتفاصيل اخرى، وعندها سنكون امام قاعدة بيانات شاملة وكاملة، عن الواقع العراقي، بجميع تفاصيله، لاسيما ان التعداد يأتي في ظل اتساع فجوة الحاجة إلى البيانات، بعد غيابه بمعناه الشامل لاكثر من (35) سنة، مشيرين بذلك إلى اخر تعداد كان شاملا هو
تعداد 1987.
وعلى الرغم من الاهمية الاستثنائية والحاجة الكبيرة للتعداد، وعلى الرغم، من انه يمثل اضخم واصعب عمل تقوم به الحكومة في سنة تنفيذه، وعلى الرغم من وجود مزاج سياسي ايجابي داعم للمشروع، وعلى الرغم من إصرار السيد رئيس مجلس الوزراء، على اجرائه خلال هذا العام، وعلى الرغم من ان وزارة التخطيط، قطعت أشواطا مهمة في طريق الاستعداد لتنفيذ التعداد، الا اننا مازلنا نسمعُ اصواتا هنا وهناك، تحاول اثارة الغبار، وتضليل المشهد من أجل تشويه الصورة امام الرأي العام، من خلال اطلاق الشائعات وتوزيع الاتهامات ذات اليمين وذات الشمال، من بينها التشكيك بنزاهة الاجراءات المتبعة في عمليات التعاقد مع الشركات الاستشارية، أو مع الشركات التي تتولى توفير الاجهزة اللوحية، عادّين تلك الاجراءات زائدة أو فاسدة، لأن مشروعا مثل التعداد يُنفذ في يوم واحد ليس بحاجة إلى اي تعاقدات مع شركات عالمية!، فهم باثاراتهم هذه، أما أنهم غير ملمين بتفاصيل المشروع، وأنا أستبعد امرا مثل هذا، لان كل التفاصيل متاحة وواضحة، وبإمكان الباحثين عن الحقيقة الوصول اليها بيسر وسهولة، أو انهم يسعون لافشال المشروع، لاسباب كثيرة، ويتمظهر هذا الامر، ازاء كل مشروع كبير تشرع الحكومة بتنفيذه، فقد سمعنا مثل هذه الاثارات، مع اطلاق مشاريع فك الاختناقات المرورية، ووضع الحجر الأساس للمدن السكنية، وكذلك في مشروع مترو بغداد، وغير ذلك من المشاريع.
وفي الحديث عن التعداد العام للسكان، فان المشروع، بوضوح يحتاج إلى جهود كبيرة، وأموال ليست قليلة، لاستكمال جميع المراحل والمتطلبات، لهذا المشروع، وهي كثيرة ومتعددة، لعلّ من اهمها استيراد الاجهزة اللوحية، (التابلت) الذي يناهز عددها الـ(130) الف جهاز بمواصفات خاصة تتحمل اجواء العراق، وفيها امكانية لاخذ البيانات البايومترية (الوجه والاصابع)، كما أن المشروع يتطلب اجراء تعداد تجريبي، وتنفيذ عمليات الترقيم والحصر، التي تمثل العمود الفقري للتعداد التي تستغرق زهاء شهرين، اضف إلى ذلك مرحلة تدريب العدّادين البالغ عددهم 130 الف عداد، الذين سينفذون المشروع، في جميع محافظات واقضية ونواحي وقرى وقصبات وصحارى وجبال وأهوار العراق، ناهيكم عن إكمال الانظمة والبرامجيات والصور الجوية للوحدات الادارية البالغ عددها (431) وحدة ادارية، ومركز للبيانات، ومقرات العمل، ومخازن الاجهزة، وغير ذلك الكثير والكثير.. لذلك اقول إن التعداد السكاني يمثل مشروعا وطنيا شديد الاهمية، لأن التنمية في البلد بحاجة استثنائية لصورة شاملة ودقيقة للمشهد في العراق.