استرجاع الأموال وسياسة الرعاية الاجتماعيَّة

آراء 2024/02/25
...

  وليد خالد الزيدي

حينما وضع الدستور العراقي ضمن اهدافه قضية احتواء الفقر، ومكافحة حالات الحرمان في البلاد ترجمت الحكومة ذلك الهدف، خلال برنامجها الوزاري منذ انبثاقها، والذي قرأته أمام ممثلي الشعب ورغم انشغالها في حسابات تامين رواتب الموظفين والمتقاعدين، فضلا عن المشمولين اصلا ضمن الرعاية الاجتماعية، لكن ذلك لا يعني صرف الاهتمام عن الطبقات الفقيرة والهشة المتضررة منذ سنوات لاسباب عدة، منها عدم نجاح برامج وخطط تنفيذ مراحل تقليص أعداد الأسر الفقيرة، مع وفرة الامكانيات المالية خلال السنوات الماضية، حيث وجدت الحكومة نفسها ملزمة بتطويق ظاهرة الفقر والهشاشة المعيشية، التي تضر ملايين الأسر في العراق عبر سياسات جدية بأهداف واعدة ومراحل تصاعدية عمودية نوعية وافقية عن طريق التوجه، نحو استيعاب جميع فئات المجتمع المتضررة جراء الاخطاء الماضية وتداعيات الأزمات التي مر بها البلد في أوقات سابقة.
رؤية الحكومة ومن خلال وزارة العمل والشؤون الاجتماعية كجهة قطاعية متخصصة في هذه الخدمات، قد جسدتها بتفعيل سبل التكيف مع الوضع المالي غير المستقر وانعكاساته على أوضاع ملايين العراقيين وتداعيات العجز المالي الخاص بالموازنة ومحدودية مدخلاتها وعدم تنوع مواردها وتذبذب اسعار النفط المصدر إلى الخارج، الذي يرفدها بعائداته فإن تلك الخطوة تعد جيدة لإدامة مواصلة سير تنفيذ مقررات البرنامج الحكومي، لاسيما أن الهدف الأساس من الحماية الاجتماعية، هو ابرز الغايات الاساسية التي وضعت لها الحكومة اهمية كبيرة في خططها الواعدة لحماية جميع أسر المجتمع العراقي من شظف العيش وآفة الفقر، ولغرض تحقيق تلك الغاية أفرزت الوزارة برامج موجهة نحو دعم تلك الفئة ماديا من خلال اجراءات عدة، كالقرارات الصارمة والمدروسة المتعلقة بتدقيق معلومات وبيانات الأسر، التي شملتها في أوقات سابقة واشرت فيها تجاوزها على شروط الضوابط المنصوص عليها للشمول باعانات الرعاية الاجتماعية لاسيما أولئك الذين يستلمون رواتب من المؤسسات الرسمية، ومن خلالها تتم عملية استعادة تلك الاموال كاعانات غير مشروعة إلى خزائن الوزارة ليتم بعد ذلك رفد مخصصات رعاية المستحقين لها حقا.  ومن باب القول الصريح والطرح الواقعي فان اجراءات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية قد اخرجت وبنسبة كبيرة تلك الوزارة من دائرة الضبابية وغياب الشفافية ونظرة الشك، التي كانت ترسم ملامح عملها بنظر بعض من ابناء مجتمعنا لاسيما أولئك الذين يستحقون الشمول بخدماتها بشكل عادل ومنصف ولكونهم اصحاب المصلحة الحقيقية فيها، وما يمكن ان يكون لافتا وعكس نظرة المواطنين لها هو فسحة الامل والرؤية بعين التفاؤل، التي أخذت تنتاب أرباب الأسر الفقيرة وأقدامهم بشكل واسع على طلب التقديم لرعايتهم والانتظار المقرون بطموح كبير بتحسين احوالهم المعيشية وظروفهم حياتهم اليومية. وهنا لا بد من تنسيق جهود مؤسسات الدولة كافة، بمساعدة الوزارة واعادة اموال منتسبيها المتجاوزين على مستحقات ابناء شعبهم وتحقيق التحويلات النقدية، ووضعها ضمن اطار شبكة الحماية الاجتماعية ومعالجة الارتباك والتداخل المالي غير المنطقي فيها حفاظا على المال العام وتوجيهه للذين كانوا سابقا يواجهون قيودا في تحصيل تلك الاعانات الضرورية والمشروعة بشكل يسير.