حرية التعبير.. حرية منقوصة

آراء 2024/03/03
...








 حسب الله يحيى 


هي حرية منقوصة، نقصها يكمن في تغييب المعلومة عنها، مثلما ينقصها كتم الأنفاس عندما يتعلق الامر بكشف ما هو مستور وغائب عن الناس.

ينقصها.. اعتقال كل صوت عال، كل تعبير حق، كل صورة جلية، كل نقد صادق.

اما ما يقتل حرية التعبير، فهو اقتلاعها من الجذور، ووئدها قبل أن تبوح وبعد أن تبوح، عندما يتعلق الامر بالدليل والبرهان.

حرية التعبير منقوصة، لأن القانون لا يحميها، ولا يتكفل بالدفاع عنها، عندما تتعرض لاي صد ورفض من الآخر.. سواء كان شخصا أو مؤسسة.

حرية التعبير، حرية نقد، والنقد مواجهة، والمواجهة تملك الدليل، والدليل يفضح الجريمة ويكشف عن مرتكبيها.. يفضح الاخطاء، مثلما يكشف عن الأفعال.

حرية التعبير.. حرية معتقلة اليدين واللسان، لأن شروط الاعتقال حاضرة، والإدانة جاهزة واللسان مقطوع.

فليكن كل ما قلناه على خطأ.. فليكن، وهذا لم يكن اصلا، ومعنى ذلك فليكن، هكذا نفترض، مجرد افتراض. 

فما هي متغيرات ان تكون هناك حرية تعبير ورأي عام يعارض؟

هناك تغافل، والغفلة موقف، والموقف انكسار وتعسف واصرار على ارتكاب الاخطاء ودليلنا، ان كل ما قلناه عن جرائم الفساد والجريمة؛ لم يأخذ مكانه من الاهتمام والانتباه والمعالجة.

اذن.. كل ما نقوله، مجرد كلام في شبك!

وعلام نكتب وعلام نشخص، وعلام نتلقى الضربات والشك والريبة والاتهامات والضغوط وتكميم الافواه.. إذا كان كل ما نعبَّر فيه عبر (حرية التعبير) لا استعبار له من قبل البرلمان والحكومة على حد سواء؟

ماذا نفعل بـحرية التعبير)، اذا كان هذا التعبير لا يجد آذانا صاغية اليه؟

ماذا نفعل بهذه الحرية المتاحة لنا، اذا لم نجد من يتوقف عندها وعند أهدافها المرجوة؟

ترى هل نخاطب انفسنا، ونصغي لأصواتنا، وهل نباهي حالنا، كوننا نمتلك أصواتنا (الحرة) في البوح؟

هل الأمر كذلك فعلا..؟

اذن كم نحن في غفله عن حالنا واحوالنا امام واقع كل صفحة فيه بها حاجة إلى النقد والكشف والتعرية كذلك؟

اذن.. ما جدوى أن نناقش كل مسألة تتعلق بـ(حرية التعبير) وهناك من يتغافل عنا، ولا يصغي إلى أصواتنا؟ 

لماذا لا نقول هذا؟

ولماذا ندعي ونناقش المسألة اصلا، ما دامت الامور على وفق هذا الشكل من الإهمال.. وفي أفضل الاحوال هناك من يدافع عن الباطل بباطل، اكثر شراسة وكذبا ورياء ودجلًا ونفاقا؟.

مهمتنا أن نناقش المسألة من زاوية أخرى تتعلق بأهمية الإصغاء والانتباه إلى ما تسفر عنه (حرية التعبير)، التي يعمد الكثير من المسؤولين إلى تغييبها بطرق شتى، حفاظا على انفسهم ومواقعهم من اية شائبة.

صحيح أن الكثرة من المسؤولين، لا يريدون من حرية التعبير سوى انها تعد ضد حرياتهم التي لا حدود لها، ازاء حرياتنا المحدودة جدا والمغيبة والمهملة والمراقبة!؟.

حرية التعبير التي ننشدها، حرية تمسك بالحقائق والبراهين والادلة.. وحين تكون ممسكة بالجمرات; لا تجد الا خيارين:

‏اما أن تتم تصفية أصحابها أو تهديدهم أو اعتقالهم، أو العمد إلى إهمالهم إهمالا تاما.. وفي كلا الحالتين، لا يكون الخاسر الا العراقي الذي يعاني الكثير.. ولا يجد أي مفتاح لأي معاناة من معاناته الطويلة الأمد، والتي لا تجد في الأفق مايشير أو يؤكد إلى أنها قابلة للحل!.

نعم.. حرية التعبير، حرية منقوصة، تنقصها الشفافية والقبول والمناقشة والاصغاء والانتباه.. لا التغافل ولا التجني ولا سوء الظن ولا الصاق التهم بأصحابها، ذلك أن اصحابها لا يملكون من متاع الدنيا سوى ما هو اقل، ولكنه الاكثر اطمئنانا للنفس ولقيم الشرف، التي يمتلكونها والنضال الباسل، الذي يمتهنون مصداقية المواقف فيه وامتلاكه والدفاع عن معطياته، التي يحاول الكثرة ممن يعنيهم الامر تغييبه وتشويه صورته.. وفي أسوأ الخلاص منه بشتى الطرق..

نحن لا نريد حرية تعبير منقوصة، بل نريد حرية تعبير يتكفل القانون بالدفاع عن أصحابها، مثلما يتكفل المسؤولون عن معالجة ما تقدمه من صفحات حقيقية صادقة.