المعلم والتائهات

الصفحة الاخيرة 2024/03/04
...

عبد الهادي مهودر

احتفلنا قبل أيام بعيد المعلم، وهو الاحتفال السنوي الذي لايرتبط بمؤسس ولا ذكرى تأسيس، والمعلم الأول قبل الإنشاء والآخر بعد فناء الأشياء، هو الذي علّم بالقلم، والقائل إني أعلم ما لا تعلمون، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا، ونحن المقرّين له بسبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، والمَقال عن المعلم الإنسان بمرتبة الدعاء الصاعد الى السماء، لكل معلمٍ يؤدي رسالته بأمانة، ويعلم أن مفردات اسمه ومشتقاته ارتبطت بالعِلم والعالِم والعليم من دون بقية المهن الإنسانية، لأقدس وأهم وأخطر المهن ( أَعلمت أشرف أو أجلَّ من الذي، يبني ويُنشِئُ أنفساً وعقولا )، لكنّ هذه المناسبة العظيمة تمر علينا وقد اهتزت منظومة القيم الإجتماعية والأخلاقية باعترافنا جميعاً نحن سكان أرض الله الواسعة وهذه البلاد، وبعلم المعلمين والمدرسين والمرشدين والمشرفين التربويين ووزارتي التربية والتعليم، ونقابة المعلمين وإدارات المدارس وأولياء الأمر والأمور، صعوداً إلى عمداء المعاهد والكليات ورؤساء الجامعات، وبعلم النوّاب والوزارات والهيئات والمشايخ والسادات، والناطقين والصامتين والمهتمين وغير المكترثين، وبدلالة المحتويات الفارغة والهابطة والعبارات البذيئة المتداولة، ومشاهد التدريب على الخيانة الزوجية في الدراما التلفزيونية، وبالظهور المقزز للمتجاوزات لحدود الحياء والخادشات للذوق العام، والمشوّهات لصورة المرأة العراقية المحترمة وجمالها الطبيعي، والتائهات في (التاهوات) الآمنات من الحساب ومن سؤال من أين لك هذا، وكيف تجمع الواحدة منهنّ في يوم  واحد مايعادل راتب باحثة ومعلمة في شهر او سنة، ولسنا الوحيدين في ظل نظام التفاهة العالمي، الذي يعيش ما يشبه (زمن فيفي عبده) للكاتب المصري عماد ناصف، الذي تعرّض إلى ملاحقة من القضاء ومن السيدة فيفي، وحتى ينجو بريشاته قال أنا لا أتعرض لفيفي عبده كإنسانة ولا حتى كفنانة، ولكن كشخصية عامة أصبحت في ظل ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية يمر بها المجتمع رمزاً لزمن ومجتمع بأكمله.
 ونحن إذ نعزّي أشقاءنا بهذا المصاب وأخوتنا في الإنسانية كافة، نستعين بالله، ثم بالمعلمين الغيارى لانتشال منظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية، ولإنقاذ مايمكن إنقاذه، انطلاقاً من المدارس والتركيز على التربية الأسرية والأخلاقية، بسبب انشغال الوالدين (بترند الهايشه) مع الاعتراف بأن اليد الواحدة لاتصفّق وأن العيب ليس في الزمن، الزمن بريء والعيب فينا وليس في فيفي.