أبعاد الحدث وتشكيله لدى الجمهور

آراء 2024/03/05
...

 د. محمد وليد صالح


 تسارعت تقانات وسائل الإعلام الرقمي وأزداد التنافس الصحافي للوصول والانتشار بأكبر مساحة ممكنة في العالم، مستفيدة من هذه الإمكانيات لتساعدها على نشر أكثر من طبعة، وفي أكثر من عاصمة ومدينة خارج حدود دولة مركز الإصدار، بالإفادة من الأقمار الصناعية والتقانة الرقمية التي ترسل بواسطتها محتوى الصحيفة بـطبعتها الدولية، فضلاً عن الاعتماد على مواقع الكترونية خاصة بتلك الصحف، سواء أكانت إخبارية أم سياسية أم اقتصادية أم رياضية، وعملية تحديث معلوماتها أولاً بأول على وفق المتغيرات التي تطرأ على الحدث لتمكين المتلقي من المطالعة.  فالمتابع لهذا المشهد الإعلامي والاتصالي لا يخفى عليه التطورات والتحديات المباشرة، التي تواجه دعم عمل تلك الوسائل في تقديم الخدمة الإخبارية للجمهور، بوصفها الأساليب التحريرية والمتابعة الفنية، لحدث ما وتحويله إلى خبر أو تقرير خبري، بعد ان يتم إنتاج المعلومات وتداولها. 

مما يسهم في زيادة فاعلية هذه الوسيلة الاتصالية التي أصبح باستطاعتها أن تتابع وتغطي الأحداث لحظة وقوعها وتوافر بثاً إذاعياً وتلفزيونياً بعيداً عن محاولات التشويش، باعتماد طريقة التغطية المباشرة، والإفادة من تقانة المؤثرات الصوتية في الإخراج عبر أجهزة الحاسوب الالكترونية في تهيئة البرامج الحديثة والمتجددة لتوفير خيارات صوتية عديدة لتقنين الجهد المبذول والوقت المخصص لضمان طريقة دخول الجمهور مسرح الأحداث بالصوت والصورة والحركة.  وتعد الأدوار المختلفة التي يؤديها البث التلفزيوني الفضائي المباشر على مستوى التغطية الإخبارية لأحداث العالم وعلى مدار الساعة، أحد عوامل تشكيل المواقف والآراء والقرارات والتصورات بشأن الكثير من المستجدات الدولية والإقليمية والمحلية. 

فالتلفزيون لم يعد وسيلة اتصال تلاحق الحدث بهدف تغطيته وإنما تسهم في رسم أبعاد هذا الحدث في مخيّلة الجمهور ووعيه سواء من طريق المعلومات التي تقدمها أو تركز عليها أو حتى المهملة منها، إذ أن بيان ما هو مهم وما هو غير مهم، وما الذي يستحق أن يكون ذا صلة أساسية بحياة المواطنين وترتيب الأجندة لاحتياجاتهم وتحريك الرأي العام، ومخاطبة اهتمامات الفئات المعارضة لكسب تأييدهم ودعمهم. وبهذا أصبحت الأقمار الصناعية هي الأداة التقنية الأكثر استعمالاً في البث إلى أنحاء العالم، لترسيخ حالة التقارب الإنساني والحضاري بين الشعوب، وبلورة مفهوم (العولمة) بأساليبها الاتصالية أو السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية، لا سيما أن التلفزيون لا يزال يمارس وظائفه الإعلامية التقليدية، كالتثقيف والترفيه والتسلية، فإن تسخيره بقصد الترويج عبر التغطيات الإخبارية المباشرة للأحداث الساخنة والفورية في العالم، لتقديم صورة مسيّسة حولها بهذا الشكل أو ذاك.