عن وصف مجالس المحافظات بـ «الحلقة الزائدة» ‏

آراء 2024/03/06
...







 عبد الحليم الرهيمي

لم تمر أي دورة انتخابية لمجالس المحافظات منذ الانتخابات الاولى عام 2005 حتى الانتخابات الاخيرة في ‏‏18 كانون الاول/ ديسمبر العام الماضي، دون أن تواجه إشكالات معقدة وحملة انتقادات، وحتى تشكيك ‏بنتائجها ومشكلات حول توزيع مقاعد المجلس واختيار أو (تعيين) المحافظ، هذا بين المشاركين فيها وحتى ‏مفوضية الانتخابات وقانونها، فضلاً عن الانتقادات الكبيرة واحياناً (التسقيطية)، من الرأي العام الشعبي ‏والاعلام.
ولعل أقرب الامثلة على ذلك الانتخابات الاخيرة وما واجهته من مشكلات وانتقادات، خاصة مشكلات ‏اختيار المحافظين وتوزيع المهمات بين بقية أعضاء المجالس واحتدام الصراعات حول ذلك بين (الكتل) ‏الفائزة، هذا باستثناء محافظات كردستان العراق الثلاث: اربيل، السليمانية، دهوك، التي حلها عام 2017 ‏رئيس الحكومة الاسبق دكتور حيدر العبادي.‏
ان ابرز واهم الانتقادات وحتى الادانات التي كانت توجه إلى تلك الانتخابات ومجالسها، بدءاً من عام 2005 ‏مروراً بالاعوام 2009 و 2017 وحتى الانتخابات الاخيرة وما اسفر عنها من جدل وانتقادات من كتلها، ‏والأهم من الرأي العام بمن فيهم أعداد من قواعد تلك الكتل الذين صوتوا ام لم يصوتوا، هي: ‏
اولاً: الفشل الكبير والمروع في تحقيق الانجازات والاهداف الملقاة على عاتقها بالدستور وبقانون مجالس ‏المحافظات، سواء على صعيد الصحة والتعليم والسكن أو على صعيد الخدمات الضرورية المناطة بها.‏
ثانياً: خدمة المصالح الحزبية والشخصية للكتل والاحزاب، التي اتت بها إلى تلك المناصب على حساب ‏المصالح والمطالب والاحتياجات الحقيقية لابناء تلك المحافظات.‏
ثالثاً: استشراء الفساد المالي والاداري وهدر المال العام بشكل مروع، والذي يتحسسه ويشير اليه الرأي العام ‏بالمحافظة دون ملاحقة أو محاسبة جدية من الجهات الرقابية والرسمية المحلية والاتحادية، الامر الذي كان ‏يؤدي إلى تفاقم ذلك الاستشراء بالفساد، ولعل ابرز الادلة على ذلك انكشاف فساد العديد من اعضاء مجالس ‏المحافظات والمحافظين، الذي كان يعلن عنهم أو الذي هربوا أو تم تسهيل تهريبهم خارج العراق، بمساعدة ‏فاسدين آخرين فيتم اغلاق ملفاتهم دون القدرة على مساءلتهم ومحاسبتهم الأمر، الذي كان يزيد ويضاعف ‏حالات الفساد واستشرائه.‏
رابعاً: أما السبب الاهم والابرز فهو الطعن بصحة التمثيل المطلوب الذي تعبر عنه أعداد المصوتين ونسبتهم ‏في مجتمع المحافظة، لان ضآلة التمثيل المعمول بها قد تبدوا أو تقر دستورياً لكنها لا تحتسب ولا تعبر عن ‏سلامة وحقيقة التمثيل الشعبي الذي وان كان يتم تجاوزه والسعي لتحقيقه، فان ضآلة النتائج تطعن أو ‏تضعف من شرعية المؤسسات أو القيادات التي تتولى القيادة أو الحكم في مجالس المحافظات، وهذا قد ‏ينسحب حتى على نتائج ودلالات التمثيل الضئيل في المجالس التشريعية.‏
ولأن التغطية على هذا الواقع أو تبريره وايراد النسب والارقام غير الحقيقية للتصويت والتمثيل، والذي تقوم به ‏الكتل والتيارات والاحزاب المتنفذة في المجتمع وفي السلطة، فغن نتيجته السياسية والفعلية، هي حصول عدم ‏استقرار في الوضع السياسي والأمني العام في البلاد، كما حصل وجرى التعبير عنه بالانتفاضة الشعبية ‏الواسعة التي عبرت عنها حركة الاحتجاجات الشعبية والوطنية عام 2019.‏
وهنا يمكن طرح العديد من التساؤلات منها : اذا كانت كل تلك الانتقادات والادانة لاداء وفشل وفساد معظم ‏مجالس المحافظات وقياداتها قد أدت، من بين ما أدت إلى دفع أو ارغام البرلمان على التصويت عام ‏‏2019 بالغاء مجالس المحافظات، كأحد المطالب الرئيسية لحركة الاحتجاجات، غير انه اعادة العمل بقانون ‏تلك المجالس وعلى اساس قانون (سانت ليغو) الذي يهدف إلى تثبيت هيمنة القوى والاحزاب التقليدية المتنفذة ‏، ووجه بانتقادات شديدة من مختلف القوى المعارضة والاحتجاجية، قد مثلت صدمة حقيقية لها، الامر الذي ‏يجب اعادة النظر أساساً مجدداً بقانون انتخابات مجالس المحافظات، وإضافة إحدى الفقرات المهمة، التي تحدد ‏النسبة المئوية اللازمة لنتائج التصويت، فضلاً عن السعي لاصلاح حقيقي ودستوري لعمل وشرعية مجالس ‏المحافظات، الامر يساعد في إقناع ابناء المحافظات تلك المجالس والثقة بادائها ونزاهتها، كي يتحقق الاستقرار ‏المطلوب بفضل تحقيق الاهداف والانجازات الحقيقية لمواطني تلك المحافظات، ويبدد الآراء التي تقول بأن ‏مجالس المحافظات حلقة
زائدة.‏