نيوتن في مخيم رفح

آراء 2024/03/06
...

نوزاد حسن

بهذا الاسم «نيوتن» ينادي ساكنو مخيم رفح ذلك الفتى، الذي وضع مراوح صغيرة تدور ربطها بعامود فوق خيمة نزوحه لتوليد الطاقة الكهربائية.
وفي ظرف كالظرف الذي يعيشه أهل غزة فإن وجود كهرباء تصنع من مواد بسيطة، وبالكاد حصل عليها نيوتن رفح يعدُّ إبداعا له بصمة فلسطينية بلا
نقاش.
وحين شاهدت التقرير القصير عن نيوتن الفلسطيني شعرت بالفرح، والحزن في وقت واحد.
اذ من الممكن أن ينشأ هذا الفتى الطموح، ليكون عالما في المستقبل، ولنفترض هناك عشرات غيره.  
 ما احزنني هو هذه الظروف التي تحاول أن تفرغ روح الفلسطيني من أملها.
لكن النضال الروحي لهذا الشعب مبهرا حقا.
وفي مقابل هذا الحزن شعرت بفرح له علاقة بتاريخ فلسطين كمكان تعرض لأغرب احتلال في تاريخ الشعوب.
 فهذا الشعب له هدف اخلاقي يمارسه يوميا دون ان يتخلى عنه.
إنه شعب يقاوم منذ عقود. كما أن أطفاله ينضجون مبكرا ليقفزوا إلى عالم الرجولة، بسبب الضغط الذي يتعرضون له.
نيوتن الصغير هو رمز لانتقال الوعي إلى مرحلة لإدراك واقع الماساة.
إن الضوء الذي انتشر داخل خيمة هذا النازح الهارب من موت يطارده كما يطارد الآلاف غيره، يعني أن إرادة الحياة ستنتصر.
وفي كلمة قصيرة لهذا الفتى ولاسمه فتى الضوء قال إنه يحلم بإنارة كل خيام النازحين من حوله.
لكنه شكا من قلة الامكانيات وانعدم حصوله على المواد الأولية التي تمكنه من مواصلة صناعة النور للاخرين.
ترى أي درس هذا الذي اتعلم منه شخصيا حكمة لا تقدر بثمن.
وكم سأكون مبالغا لو قلت إنني سأصمد لو عشت تحت خيمة ذلك الفتى المثابر.
إن اعادة النور لهيمة، وقد تنتشر هذه التجربة في مخيم رفح كله يرسل رسالة لي قوية لا تختلف في شيء عن قصيدة لمحمود درويش، أو عن ثورة ادوارد سعيد، وهو يعيد صياغة افكار ما بعد الاستعمار.
إذًا أنا أمام حالة تكشف عن تاريخ طويل من التغيير ومواجهة الالم.
ومن هنا أقول إن الفلسطيني مهنته تعليم النقد، والشعر والرسم، وفن الكاريكاتير وايضا صناعة النور تحت القصف من امكانيات محمدودة
 جدا.
هذه اللوحة هي ما يبهرني حقا.  ويجعلني أشعر بأني أهدر وقتي أحيانا، دون أن ابدأ بامكانياتي المتوفرة تحت يدي.