عدوى الاغتيال

آراء 2024/03/06
...

سعد العبيدي

لا حاجة إلى الرجوع لأساليب البحث العلمي، والإحصاء الرقمي، للتأكد من تصاعد نسب الاغتيال في الشارع العراقي سبيلاً إلى تصفية الحسابات بين الأفراد والجماعات، أو فرض الحلول المطلوب فرضها بالقوة المدمرة من طرف واحد فرداً كان أم جهة تصفيات، فالأرقام المعلن عنها، وتفاصيل إعلانها المنشورة في سائل الاعلام، والتواصل الاجتماعي تشير، وبما لا يقبل الشك أن النسب قد تزايدت خاصة في مدن الوسط العراقي والجنوب، وقد دخلت بغداد التي يفترض حصانتها القوية، أمنياً وقانونياً وثقافياً بالمقارنة مع باقي المحافظات، ولا حاجة إلى التأكيد على الدافعية الملموسة لوزارة الداخلية الحالية، لما يتعلق بالضبط والسيطرة على فعل الاغتيال سواء بالحد من وقوعه، أو بالسرعة المناسبة لإلقاء القبض على المنفذين، وإحالتهم إلى المحاكم، وبما يفوق ما كان موجوداً في الفترات السابقة.
لكن حمى الاغتيال التي تنتقل في المجتمع عن طريق عدوى الشعور بضعف السلطة، لا يتوقف الحد من انتقالها السريع على دافعية القيادة العليا للوزارة وان كانت مهمة، ولا على دافعية المحققين والشرطة الموجودين في الميدان لأغراض التنفيذ، وإن كانت لازمة، بل منها والظروف النفسية العامة التي تحسب الآن مهيأة لانتقال العدوى، فالتصارع بين الفائزين في الانتخابات المحلية لتوزيع الحصص كان واضحاً، وبواعث الاستهداف السياسي عند الفائزين قد ظهرت من مخابئها بالضد من المنتقدين، والنفوذ السياسي للأحزاب في تزايد مستمر، والميليشيات تتحكم في مجالات الخوف على جميع الأصعدة، عوامل شكلت جميعها ثغرات نفسية أو بيئة صالحة لانتشار العدوى، لن تتوقف مهما أرادت الحكومة ووجهت، ولن تتوقف وان جندت وزارة الداخلية ألف شرطي مقابل كل ساع لارتكاب فعل اغتيال، إنها آفة ستتوقف عدواها فقط، عندما تسد تلك الثغرات، وتعود السلطة الضابطة في المحافظات، والمركز فاعلة بمنأى عن التدخل السياسي، ويسحب السلاح من الأفراد والجماعات، وينتهي حكم الميليشيات، والى أن يتحقق هذا، فالطريق ما زال طويلاً ومحطة الأمان الأخيرة فيه بعيدة عن حافاته
المتعرجة.