السّيادة مالها وما عليها

آراء 2024/03/12
...

عصام كاظم جري

منذ زمن طويلٍ ونحن نسمعُ بالسيادة، وقدسية السيادة، وحماية السيادة ومكانة السيادة... إلخ من شعارات وعبارات وجمل فضفاضة، والحقيقة لا جدال ولا تفاوض ولا مساومة على أمر وقضية السيادة الوطنية، وفعلا تعدُّ حسب ما نقرأ ونسمع في هذه الأيام خطاً أحمر، فالخط الأحمر وتاج الرأس شعاران يليقان بالسيادة فحسب. ولكن السؤال: من يصنع السيادة؟ ومن يقف خلف الساتر الأمامي الأوّل لحماية جهة السيادة؟ وما معناها؟ أسئلة ليست بغائبة، لكنّها مغيّبة بفعل فاعل. بكل تأكيد المواطن وحده من يصنع فعل السيادة، سواء أكان عسكريا أم إعلاميا، أديبا أم سياسيا أم من عامة الناس، طفلا وشيخا وامرأة، وذلك من خلال تنشئته تنشئة وطنية صالحة، وبث تعاليم الوطن والوطنية في شريانه الثابت، والعمل بالإصغاء التام لتحقيق احتياجاته داخل الأسرة وفي المنطقة السكنية والمحافظة التي يقطنها، ومكاشفته بالحقائق وإمكانات الحكومة بما تستطيع فعله من أجله، بغية تعزيز وجوده مُكرما أبيا قادرا على النهوض بالواقع، ومكتفيا من الحاجات المادية والخدمية والمعنوية... إلخ، وكل الدول العربية والأوروبية تشير إلى السيادة بوصفها مكانة عليا، ولا شيء يعلو عليها، وهذا أمر طبيعي جدا. والدفاع عن السيادة هنا يكون حقا مشروعا وعقلانيا، ولكن الدراماتيكية المأساوية التي تحدث في العراق حول السيادة مثيرة للشك والتساؤل، فمن جهة نسمع بيانات رنانة عن أهمية السيادة، ومن جهة أخرى تتعرض هذه السيادة لضربات جوية واستهداف وصواريخ وهجمات إرهابية وقتل وانتقام وسيطرة على الأجواء والقرار.
وبعد كل هذه التدخلات والتهديدات والحروب، يطل علينا المسؤول بإطلاق باقة من شعارات السيادة ومن فوق برج ذهبي.
لست معنيا بشرح معنى السيادة، ولكن يبدو مصطلح المتفوق أو صاحب المكانة العليا والامتياز، قد طُبقت من قبل بعض دول الجوار من جهة، ومن قوات التحالف التي نسمّيها (الصديقة)! من جهة أخرى، وهذه الانتهاكات إرهابية بالمطلق، تكشف عن إمكانية من هو الحاكم أو من هو السيد؟.
مع كل تصاعد جديد وتوتر أقليمي جديد في المنطقة، تظهر المواقف المتناقضة والشعارات الناعمة حول موضوع السيادة العراقية، وتختلف الآراء بشأن أمر السيادة بين هذا وذاك.
إن قصف أي منطقة في العراق يعدُّ عملا إرهابيا دون شك، ولا خلاف على ذلك، ولكن إلى متى تظل الحكومة العراقية ترفع شعارات الإدانة للقصف الأمريكي والتركي والإيراني على حساب السيادة العراقية؟
وفي كل مرة يستنكر العراقيون، سواء أكانوا جماعات مدنية أم منظمات مختلفة، تناقض المواقف من قبل الحكومة حول قضية السيادة، ولكن دون جدوى. ولا أريد القول إن هذه الانتهاكات تكشف عن غياب وجود حكومة مستقلة ذات سيادة ولكنها تبدو كذلك.
وبعد هذه الأدلة لا علاقة لنا بأصول السيادة، سواء أكانت فرنسية أم لاتينية، ولكن المطلوب هو اهتمام الحكومات بالشعوب المقهورة والوقوف جنبها، من أجل تحقيق الهدف الرئيس في التصدي لأي خطر يمس السيادة مهما كان نوعه.