لنرحب بما ترسمه الحياة

الصفحة الاخيرة 2024/03/13
...

زيد الحلي



لم يدرك أبداً، بعد أن غزا الشيب رأسه، أن يجد نفسه في حلقة وجدانيَّة ضيقة، ورغم محاولته اليوميَّة الانتصار على نفسه، من خلال الخروج من تداعيات هذه الحلقة، لكنّه فشل، فتأكد له أن الحياة بطبيعتها قاسية، وبات يشعر بالإخفاق وبخيبة الأمل، غير أن ذلك لم يمنعه من الاستمرار في يومه، طامعاً في اشراقة  أمل تعيد التوازن اليه، فالأمل هو أقوى محفز في الحياة، هو العواطف المخففة والمسكنة للألم والحزن.. 

من السهل على المرء أن يتمنى أشياءه، لكن من الصعب عليه تحقيقها إذا عاكسته الظروف، أو لم يتفهمه الشخص المقابل، وتجاهله، رغم أن قطار الحياة يسير سريعاً، ومحطاته تتقلص. 

إنَّ رغبات الإنسان تبقى، لا سيما الغاطسة منها في العقل الباطن عصية على الفهم والادراك، وإن التمسك بالأفكار النائمة في بئر المرء، والدفاع عنها باللا شعور، والتضحية في سبيلها بالإرادة  أم من دونها، هو من أساسيات السلوك البشري، إذ يصعب على من آمن برؤى معينة، عاشت معه، وعاش معها، أن يتركها ويتخلى عنها، حتى لو كانت بعيدة عن صواب المنطق، فقد جبل الانسان على هذا المنوال دون ارادة منه، غير ان ذلك لا يمنع، حين يكون التفكير بصوتٍ عالٍ ديدننا، فهذا التفكير يعلمنا كيف نقتحم عوادي الزمن، ونناقش مستجدات ما لا نرغب، ونرحب بأيام الشتاء عند مقدمها بكل ارهاصاتها، مثلما نفرح بحلول الصيف بكل منغصاته.

علينا أن نصادق الحياة، بود ووداد، فهي مدينة مفتاحها الصدق  وشجرة بذورها الوفاء وأغصانها الأمل وأوراقها السعادة.. وهي ليست حكرا على  حالة معينة، فكم فترة ودورة من دورات الحياة، كانت مظلمة في تصوراتنا، لكنّها كانت مضيئة في نتائجها اللاحقة، وكم موقف سعدنا به، فتبيّن لنا أنّه موقف ساذج، بدأ من اللا شيء وانتهى إلى اللاشيء  ربما ما نلمسه من فرح طاغ ، أو حزن طاغ، أو خلنا عتمة لكنها حزمة ضوء حقيقيَّة، يكون استثناء ... والاستثناء لا يقاس عليه..

فهل نبدأ بمصافحة الحياة، الان .. و نبحث عن ضوء حقيقي بدلاً عن عتمة مقصودة، ونرحب بربيعها ... قبل فوات الأوان؟.