د. محمد وليد صالح
العراق بعد تأسيس نظامه الملكي في 23 آب عام 1921 خطى نحو الحياة النيابيَّة الديمقراطية، وفقاً للنموذج البريطاني بعد نجاحه في انتخاب المجلس التأسيسي، على الرغم من سريان روح المقاطعة للانتخابات بين أبناء الشعب والمعارضة السياسية، خاصة بعد المعاهدة العراقية البريطانية لعام 1922، بحسب المؤرخ عبدالرزاق الحسني، وكانت مهمات المجلس الجوهرية هي إقرار الدستور للمملكة العراقية لتأمين حقوق الأفراد والجماعات في القانون الأساس، وتثبيت سياستها الداخلية، وقانون انتخاب مجلس النواب الذي ينوب عن الأمة ويراقب سياسة الحكومة وأعمالها.
وبعد مئة عام على تأسيس أول مجلس نيابي عراقي والاحتفاء باليوبيل الماسي 1924 - 2024 وتحت شعار (النظام النيابي.. إرادة شعب) فيما ركزت الندوة العلمية، التي اقامها قسم الدراسات التأريخية في بيت الحكمة وبالتعاون مع دائرة البحوث والدراسات التابعة لمجلس النواب، على مخاضات التأسيس للحياة النيابيَّة في العراق والإفادة من التجارب، وأدارها الدكتور إسماعيل الجابري واستطلعت نشأة الأسس الدستورية للحياة البرلمانية وتطورها للدكتور إبراهيم العلاف، ونظرة تقيميَّة للانتخابات النيابيَّة للدكتور حميد التميمي، وكذلك تمثيل الأقليات في المجالس النيابيَّة للدكتور مقدام الفياض، والمجالس التشريعية في مئة عام للدكتور عادل حسن، وقضايا بارزة في المناقشات البرلمانية للدكتور صباح مهدي.
إذ سلطت أضواء على قضايا صاخبة ومناقشات حادة في المؤسسة التشريعية والقوانين الستراتيجية في تأريخ السلطة التشريعية في العراق للمدة 1925 - 2023، بوصفها الركن الأساس في بناء منظومة الدولة عبر تغطية الأحداث والوقائع لنظم سياسية ذات توجهات ايديولوجية مختلفة في إدارة المؤسسات الرسمية، فضلاً عن مراجعة العشرات من القوانين والتشريعات، سواء أكانت السياسية منها أم الاقتصادية أم العلاقات الدولية أم التجارية أم المالية، والجوانب الاجتماعية والتعليم والصحة والأسرة والمجتمع، وصدرت إلى جانب هذه القوانين أنظمة وتعديلات ومراسيم وقرارات عدة إلا أنها لم تكن صادرة عن السلطة التشريعية. وقد توالى على تسنم إدارتها (49) شخصية بواقع (36) رؤساء لمجلس النواب 1925 - 1958، و(3) رؤساء للمجلس الوطني 1980 - 2003، ورئيسين للجمعية الوطنية الانتقالية 200 4 - 2006، و(؟؟ رؤساء لمجلس النواب 2005- 2023، ناقشت قضايا بارزة منها إشكالية الدستور وقوانين الانتخابات وتعديلاتها وتأسيس المفوضية العليا للانتخابات، واتفاقية الإطار الستراتيجي مع الولايات المتحدة الامريكية وقانون التقاعد الموحد وقانون الخدمة الجامعية وإقرار الميزانية المالية، وقانون حظر حزب البعث وقانون منع التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وفي هذه المرحلة لا بد من عمليتي التقييم والتقويم بطريقة أكثر عقلانية في التخطيط الفاعل لبناء منظومة العمل السياسي ومأسسته وإصلاح الخلل البنيوي، عبر تحديد المساحات المخصصة لكل من السلطات العاملة في جانب الصلاحيات والواجبات، وانبثاق رؤية دستور مانع لتقزيم الدولة وزيادة أزماتها، عن طريق التأهيل المجتمعي للأفراد على وفق برنامج وطني شامل.