مجلس خبراء القيادة الإيرانيَّة.. مهامُ صعبةٌ وطريقةٌ معقَّدَة لانتخاب القائد

آراء 2024/03/17
...

 محمد صالح صدقيان 


تناولنا في مقال سابق نتائج الانتخابات البرلمانية والخارطة السياسية داخل البرلمان الجديد وتاثيراتها علی الداخل الايراني، وعلی المحيط الاقليمي والخارجي علی ان نتاول في هذا المقال نتائج انتخابات مجلس خبراء القيادة الايرانية التي لاتقل اهمية عن نتائج الانتخابات البرلمانية التي ترتبط مباشرة بالمرشد الايراني الاعلی وادائه الوظيفي. هذا المجلس يتم انتخاب أعضائه كل ثماني سنوات بشكل مباشر، من قبل المواطنين من الفقهاء والمجتهدين في الفقه والعلوم الدينية، حيث أوكل إليه القانون مهمة انتخاب المرشد الاعلی «القائد»، الذي «يتمتع بالاعلمية بالأحكام والموضوعات الفقهية، والمسائل السياسية والاجتماعية، وحيازته تأييد الرأي العام، وتمتعه بشكل بارز بإحدى الصفات المذكورة.... ويتمتع القائد المنتخب بولاية الأمر ويتحمل كل المسؤوليات الناشئة عن ذلك.». هذه المهمة ليست بسيطة، خصوصا أنه يضع مواصفات دقيقة لتلك الشخصية، التي يجب أن تتوفر فيها «الكفاءة العلمية اللازمة للافتاء فـي مختلف أبواب الفقه»، و «العدالة والتقوى اللازمتان لقيادة الأمة الإسلامية»، و امتلاكه لــ «الرؤية السياسية الصحيحة، والكفاءة الاجتماعية والإدارية، والتدبير والشجاعة، والقدرة الكافية للقيادة، وعند تعدد من تتوفر فيهم الشروط المذكورة يفضل من كان منهم حائزاً على رؤية فقهية وسياسية أقوى من غيره.». فيما تتعقد مهمة مجلس خبراء القيادة عندما يتعلق الامر بالصلاحيات، التي حددها القانون للمرشد أو القائد أو ولي الفقيه، الذي «يرسم السياسات العامة لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام» و «الإشراف على حسن إجراء السياسات العامة للنظام» و «إصدار الأمر بالاستفتاء العام» و»القيادة العامة للقوات المسلحة» و «إعلان الحرب والسلام والنفير العام» و «نصب وعزل وقبول استقالة كل من فقهاء مجلس صيانة الدستور وأعلى مسؤول فـي السلطة القضائية ورئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون فـي الجمهورية الإسلامية الإيرانية و رئيس أركان القيادة المشتركة و القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية والقيادات العليا للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي، وحل الاختلافات وتنظيم العلاقات بين السلطات الثلاث وحل مشكلات النظام التي لا يمكن حلها بالطرق العادية، من خلال مجمع تشخيص مصلحة النظام، وعزل رئيس الجمهورية مع ملاحظة مصالح البلاد وذلك بعد صدور حكم المحكمة العليا بتخلفه عن وظائفه القانونية، أو بعد رأي مجلس الشورى الإسلامي بعدم كفاءته السياسية، على أساس المادة التاسعة والثمانين». 

وعند عجز القائد عن أداء وظائفه القانونية أو فقده أحد الشروط المذكورة، أو عُلم فقدانه لبعضها منذ البدء فإنه يعزل عن منصبه. ويعود تشخيص هذا الأمر إلى مجلس الخبراء المذكور. وفـي حالة وفاة القائد أو استقالته أو عزله فإن الخبراء مكلفون بالقيام بأسرع وقت بتعيين القائد الجديد وإعلان ذلك، وحتى يتم إعلان ذلك القائد فإن مجلس شورى مؤلف من رئيس الجمهورية، ورئيس السلطة القضائية، وأحد فقهاء مجلس صيانة الدستور – منتخب من قبل مجمع تشخيص مصلحة النظام – يتحمل جميع مسؤوليات القيادة بشكل مؤقت، وإذا لم يتمكن أحد هؤلاء من القيام بواجباته فـي هذه الفترة (لأي سبب كان) يعين شخص آخر فـي الشورى من قبل مجمع تشخيص مصلحة النظام مع التركيز على بقاء أكثرية الفقهاء بعد موافقة ثلاثة أرباع أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام. ومتى ما عجز القائد – أثر مرضه أو أية حالة أخرى – عن القيام بواجبات القيادة مؤقتاً يقوم المجلس المذكور فـي هذه المادة – خلال مدة العجز – بأداء مسؤوليات القائد. 

هذه المهام تجعل مجلس خبراء القيادة يحظی باهمية ومسؤولية فائقة، لذلك كان مجلس صيانة الدستور الذي يحقق باهلية المرشحين لانتخابات مجلس الخبراء مهمة تختلف في دراسة أهلية المرشحين لرئاسة الجمهورية أو أعضاء البرلمان. 

في الانتخابات التي جرت في الأول من اذار مارس الجاري تم انتخاب 88 مرشحا عدد اعضاء مجلس خبراء القيادة، ومدة هذا المجلس ثماني سنوات، حيث يستحوذ الفقهاء المحافظون علی غالبية المقاعد، وفقا للسياقات التقليدية لهؤلاء الفقهاء. 

ونجح المجلس المذكور من الاتفاق علی المرشد الايراني الحالي الامام علي خامنئي، بعد رحيل مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الخميني عام 1988 في أول اجتماع عقد لهذا الشأن. وتتحدث المعلومات عن قيام المجلس المنتهية ولايته بتشكيل لجنة مكونة من 15 عضوا مكلفة، لتشكيل لجنة ثلاثية لدراسة الشخصيات المؤهلة لشغل المنصب في حال فراغه. وذكر عضو مجلس خبراء القيادة محمدي عراقي أن المرشد الأعلی رفض النظر بصلاحيه نجله «مجتبی» لتولي المنصب بسبب وجود شبهة «التوريت»، التي لا يريدها أ تتحقق في هذا الامر، ما فتح الباب علی مصراعيه امام تكهنات حول الأسماء المؤهلة لشغل المنصب، خصوصا أن المرشد الامام علی خامنئي يبلغ من العمر 85 عاما.

ان الرئيس الحالي لمجلس خبراء القيادة علي جنتي «97 عاما» لم يُرشح لعضوية المجلس المذكور؛ الامر الذي تتوجه الانظار لرئيس هذا المجلس، الذي لن يكون بعيدا عن منصب القائد في حال فراغه؛ واذا ما تم انتخاب الرئيس ابراهيم رئيسي الذي فاز بانتخابات مجلس خبراء القيادة لرئاسة هذا المجلس فإنه يعطي دلالة علی عديد المؤشرات بهذا الشأن. 

وتتحدث المعلومات أن اللجنة الثلاثية التي شكلها مجلس خبراء القيادة تجتمع بشكل دوري لدراسة اهلية الاسماء المرشحه والمؤهلة، من حيث الاهلية والمواقف والسلوك، الذي ينسجم مع القانون بالشكل، الذي تتم اضافة أو حذف بعض الاسماء بطريقة معقدة وبحساسية قلَّ نظيرها. 

اما في مايتعلق بقائمة الاسماء المرشحة، فلن يتم الاعلان عنها وبقيت طي الكتمان ؛ ما جعل سوق التكهنات مفتوحا، لكنه لايرتقي لمستوی يمكن الاعتماد عليه.