السياسة والفساد ومسألة النفاذ الأسود

آراء 2024/03/19
...

  سعد العبيدي 


لا شك أن رئيس الحكومة الحالية عمل في عدة مجالات نجح في بعضها بامتياز، وتقدم خطوات في أخرى بقدر معقول، وحاول في ثالثة، محاولات لم تنجح أو أنها توقفت، لم تتقدم بسبب شدة المقاومة المتواجدة بالضد، هكذا هي الصورة العامة، وهكذا هو الشأن في إدارة الدول والحكومات خاصة في الدول النامية، المهم في شأنها أن تستمر المحاولة، ومعها قدر من المناورة السياسية والنفسية، لتجاوز عتبات التوقف، وبصددها وعند إلقاء النظر على أكثر المجالات، التي حصل فيها توقف حكومي لغالب الحكومات المتعاقبة، أو التي لم يجري اختراق في صفوفها قط، هو الفساد، تلك الآفة المستشرية على طول البلاد وعرضها، إذ لم يتلمس المواطن العادي في معاملاته الإدارية والمالية، تقدماً يحول دون تقديم الرشى والتزييف والاستحواذ، وكذلك الحال بالنسبة الى المستثمر، والتاجر، والمقاول، والمريض، والموظف، وصاحب الكشك على رصيف البلدية، وغيرهم، وكأن الجميع يدورون في دائرة فساد سورت بأسوار حديد لا تخترق، وكأن تلك الأسوار الحديدية النفسية، تتمثل في نوع من النفوذ أسسه السياسيون في جسم الدولة، وساروا عليه اسلوباً للتأثير وإنتاج القرارات، والضغط على المواطن والدولة، إنه نفوذ أسود حال ويحول دون محاسبة حيتان الفساد (بعض السياسيين الكبار)، وعدم المحاسبة استمرار بقاء أبواب الفساد مفتوحة، وكذلك حال دون إصدار الأحكام المناسبة  على الفسادين الذين يقعون في الشرك، وغياب الأحكام الشديدة أو المناسبة لن يردع الفاسدين الذين يتحركون في كل اتجاه للنهب وزيادة

 النفوذ. 

إن العراق بوضعه الحالي لما يتعلق بالفساد يقترب فيه أن يكون قريباً من حالة مريض عضال، أو بالمعنى الشعبي (المعَلعّل)، لا يمكن أن يتخلص منها حالة مستعصية، الا إذا انتفض السياسيون على ذواتهم، وأنهوا سياسة النفاذ الأسود، وأسسوا بدلاً منها أساليب تأثير وطنية فيها المصلحة العامة فوق كل اعتبار.