بشرى البستاني
وقلتِ: النهايةُ غصنٌ سيورقُ
سنبلةٌ
دوحةٌ وارفة
تدورُ مناديلنا في الرياحِ
فيتبعها قمرٌ معتمٌ وجراحْ
ليالي المنافي تؤرّقني
وظلالكِ تتبعُ طيفَ غزالٍ يلاحقني
جرّحته الخيامُ، وخانه وعدٌ كذوبْ
وطني، الكون نايٌ مُريبْ
تموج المواويلُ، أصرخ: غزةُ
إن الجبالَ تراقصُ غيمي
وتمسحُ دمع العراقِ على طفلةٍ
ترتدي علمَ القدسِ نامتْ قُبيلَ الأوانْ
تميلْ الخيامُ مع الريحِ.
أُصغي إلى الزنبقِ المستفَزِّ
وأرسمُ قلباً بفاكهةٍ مُرةٍ
وسؤالٍ يحاورُ كأساً بلا خمرةٍ
لم يعدْ هدهدُ الجولةِ الفائتةْ
لم يعدْ
وأنا أستريبُ بجولتهِ الآتيةْ
وأحمل بين ذراعيَّ سطراً أخيراً
أدوّن فيهِ: أحبكِ.
يا حسرتي
خلفَ جرحكِ يغفو القرنفلُ
يهذي الحمامْ
ويُطرقُ حزنُ الأغاني البعيدةِ
يبتزُّ ريحَ الصَّبا
وتباريحَ ليلٍ يطولْ
عبرتْ فيه نارُ الفصولْ
عبرت في الأماسي الغريبةِ:
إنّ النوافذَ مفتوحةٌ
شُرفتي تتأملُ وقع القذائفِ
مرهونةً باصطياد المنى
وأنا أتأملُ حباً قديماً وحلماً يجفُّ
يعاودني كلما هبت ِالنسمةُ الشاردةْ
وغنى اليمامْ:
حول مائدة الحبِّ كنا غريبين،
ما بيننا قهوةٌ مُرّةٌ وعذولْ.
يحدّقُ كلٌّ بصاحبهِ: أهْوَ هذا؟
أصابعُ باردةٌ، ليلةٌ شاحبةْ.
والرياح تجئُ بنايٍ غريق ٍ
ومختنقٌ صوتُ آخرِ سربِ الكراكي
تداري الغصونُ انطفاءاتِها
وتخاتلُ أجفانَها نجمةٌ خائفة
على دمعةٍ واجفة.
وتكسرُ أرجوحةٌ ساعديها
وتسقط فوق الحصى ميّتة
**
خذوني إليها ألمُّ مواجعها
وأزيحُ أسى مقلتيها
التباسَ مفاتنِ زيتونها بجراح الجذوعِ
وبوحِ النخيلٍ على ضفتيها
أقولُ لطفلتها:
الآن تولد غزة الفرسانِ من دمنا
وتولدُ من ضياء عيوننا
ولظى خطانا ..
ألآنَ تولدُ غزةُ الفرسانِ
تمنحني الهويةَ أعتلي عرشاً من الياقوتِ
تنفتحُ النوافذُ والبيارقُ والزنابقُ
والعبيرُ يفوحُ،
والأنهارُ تجري في بوادي الكونِ
ترسمُ ليلة جذلى وإيقاعاً عتيدْ
يشدو بسيرة من سيأتونَ
النشيد يغادرُ الأمسَ السعيدَ
غزالةٌ تعدو، وعنوانٌ جديدْ