سامر المشعل

صدمة رحيل المبدع، تؤدي إلى استنفار إعلامي لبيان قيمة هذا المبدع وعطائه، فتتولد انتباهة للرأي العام تدفع القارئ بفضول معرفي الى التعرف على منجزه الابداعي، هي اشبه بولادة جديدة، لهذا المبدع، لكن بعد أن يوارى الثرى.
الشاعر بدر بن عبد المحسن من سلالة المبدعين الكبار، والذي رحل عن عالمنا الفاني يوم السبت الماضي، مخلفاً وراءه ارثاً ابداعياً كبيراً تفخر به المملكة العربية السعودية، إذ يعد سفيراً للمفردة واللهجة السعودية إلى العالم العربي، استطاع أن يوظف المفردة الخليجية بطريقة رومانسية حداثوية في الاغنية، من خلال صياغة نصوص شعرية تتسم بجمال ايقاعها وثراء خيالها وعمق دلالاتها.. الأمر الذي جعل الكثير من نجوم الغناء الخليجي والعربي يتغنون بقصائده ومنها: "ليلة لو باقي ليلة" بصوت عبد الرب ادريس، وأغنية "وترحل"، بصوت طلال مداح، واغنية " ناي" بصوت كاظم الساهر، واغنية "صدقيني" بصوت عبد الله رويشد، واغنية " ابعتذر" بصوت محمد عبده، واغنية "المسافر" بصوت راشد الماجد، واغنية "سوالف رحلتي" بصوت عبادي الجوهر، واغنية " شهد الحروف" بصوت ماجد المهندس، واغنية " قالوا سألتي" بصوت أصيل ابو بكر، وأغنية "اعلق عيوني" بصوت اصالة، والاغنية الوطنية الشهيرة "فوق هام السحب" بصوت محمد عبده.. بالاضافة إلى أغانٍ كثيرة قدمت باصوات العديد من المطربين، ومن مختلف الاجيال منهم الفنان عبد الكريم عبد القادر ونوال الكويتية واحلام وحسين الجسمي.. وآخر أغنية قدمت بصوت المطرب السعودي فهد العمري بعنوان "كفاني شجون".
اروع من جسد شعر الامير بدر غنائياً، هو الملحن المبدع طلال مداح، من خلال استنطاق مناطق الجمال في نصوصه بصياغات لحنية ظلت ماثلة في الذاكرة الابداعية بعشرات الاغاني الجميلة منذ بدايات الشاعر في كتابة النص الغنائي في أغنية "عطني المحبة "، وتجلت ذروة هذا الثنائي الابداعي في أغنية " زمان الصمت"، كون الشاعر بدر والملحن طلال من بيئة واحدة، والاخير أكثر فهما وقربا في تحسس المفردة باللهجة السعودية، ولعلهما يشتركان في هدف واحد هو نشر اللهجة السعودية إلى اسماع العالم العربي، ونجاحا في مسعاهما ايما نجاح.
تمتاز نصوص بدر بن عبد المحسن بالسرد الشعري، فهو يكتب الشعر باسلوب القصة المحبوكة بحيث يشد المستمع إلى تتبع صوت المطرب بتشوق يثير الوجد والخيال معاً مع اضفاء فسحة من التأمل في قصائده الوجدانية، التي بلغت اعلى مراتب الرومانسية.
استطاع ان يترجم المشاعر الانسانية لدى الفرد الخليجي برهافة واحساس عالٍ، من خلال الوصف الثري بالصور الشعرية وسلاسة اللغة وعمق المعنى.
تفتح وعي الامير السعودي ( 1949 -  2024 ) على مكتبة كبيرة لوالده الامير عبد المحسن تجمع كنوز المعرفة والاداب، بالاضافة إلى مجلسه الذي يرتاده كبار المثقفين والعلماء والمفكرين والشعراء.. هذا ساهم في تشكل وعيه المبكر، ورهافة احساسه وتنوع ثقافته وقراءاته، التي صقلها بالدراسة والتعليم في المملكة العربية السعودية ومصر، ثم في بريطانيا واميركا.
بدأ حياته الفنية رساماً ثم اتجه إلى الشعر ووجد ضالته فيه بان يترك اثرا طيبا في حياته وبعد مماته، اصدر العديد من الدواوين الشعرية، ونال ارفع جائزة في السعودية هي وشاح الملك عبد العزيز.. لتودع السعودية بدموع الحزن أحد أهم شعرائها النجباء.