علي رياح
سيحمل السبت المقبل رمزيَّة شديدة الأهمية في تاريخ كرة القدم على امتداد المعمورة، فلقد قرّرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبار الخامس والعشرين من شهر أيار من كلِّ عام يوماً دولياً لكرة القدم!
القرار الذي جاء- وفقاً لما علمت- بمقترح حمل صيغة مشروع قدّمته دولة عربية شقيقة هي ليبيا، يستند إلى ما تصفه المنظمة العالمية بالدور المهم الذي تؤديه هذه الرياضة في تعزيز السلام بجانب إسهامها الكبير في دعم وسائل التنمية في مهمة فذة استطاعت الساحرة المستديرة أن تنجزها في عالم مليء بالاضطرابات والحروب وصراع الإرادات!
لماذا يصبح الخامس والعشرون من أيار بالذات يوماً للكرة العالمية؟ على الموقع الرسمي للأمم المتحدة إشارة واضحة إلى أنَّ هذا التاريخ يجسّد مرور مئة سنة على اعتماد كرة القدم في مسابقة عالمية واسعة وكان ذلك خلال الدورة التي أقيمت في باريس عام 1924، والتأكيد على مفردة (عالمية) كان ضرورياً، ذلك لأنَّ القائمين على الدورات الأولمبية فتحوا الأبواب أمام الكرة للاشتراك في الدورة التي أقيمت عام 1900 في العاصمة الفرنسية، ولكن على نحو غير رسمي، وبعد ثماني سنوات وفي الدورة التي أقيمت في لندن تمّ اعتماد الكرة رسمياً كمسابقة لها تتويجاتها، غير أنَّ المشاركة في تلك الدورة اقتصرت على المنتخبات الأوروبية، قبل أن تأتي دورة باريس 1924 لتشهد مشاركة عالمية حتى من خارج القارة الأوروبية، وقد توّجت الأورغواي بذهبية تلك الدورة!
رائع أن يحمل اقتراح هذا اليوم بصمة عربية، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بالشقيقة ليبيا التي لم تحُل الظروف الأمنية والسياسية والعسكرية المعروفة التي مرّت بها، دون الإسهام بفكرة فيها كل معاني التبنّي لكرة القدم، وتنطوي على فهم عميق للدور الذي تلعبه هذه الرياضة في ترسيخ المُثل الجميلة في حياتنا، ولا شك أنَّ التاريخ الذي سيُكتب بعد الآن بوجود يوم عالمي للكرة، سيذكر أصحاب الفكرة بمِداد من الذهب!
القرار الأممي بالإعلان عن يوم عالمي للكرة، سيعني بكل تأكيد لوناً خاصاً من الأنشطة التي ستشهدها كل بقعة يمكن أن يصل إليها كل محب لكرة القدم، وقد حثّت الأمم المتحدة دول العالم على الاهتمام بهذا اليوم وإبراز خصوصيته التي تعكس تلاقي الشعوب عند حب الكرة مهما عملت الصراعات السياسية والاقتصادية على إذكاء روح الفرقة والتنابذ، فالكرة هواية وتشجيعاً وممارسة ليست سوى (عاطفة) تعزّز التضامن وتكسر القيود غير الإنسانية..
وفي الموقع الرسمي للأم المتحدة، اقتباسات من أقوال مشاهير اللعبة، تتماهى مع هذا الفهم أو السياق، منهم سفيرا النوايا الحسنة زين الدين زيدان وديفيد بيكام، وديديه دروغبا سفير منظمة الصحة العالمية لأغراض الرياضة والصحة، كما تزهو كلمات الراحل بيليه سفير النوايا الحسنة السابق لدى اليونسكو: كرة القدم هي الرياضة الوحيدة التي تحقّق كل هذا الترابط بين الشعوب.. إنها أمة واحدة، وهذا سر جمال كرة القدم!
يبقى عندي سؤال: هل لدينا نحن العراقيين عِلمٌ بهذا اليوم وما يقتضيه وما يمكن أن نقدم فيه؟ وهل لدى القائمين على شؤون الرياضة والكرة هنا أفكار أو مشاريع لهذا اليوم كي نُعبّر عن اندماجنا الحقيقي بهذا العالم الكروي المُحيط بنا؟!