طهران: محمد صالح صدقيان
بدأت أمس الثلاثاء، مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، وذلك في مدينة تبريز مركز محافظة أذربيجان الشرقية في شمال غرب الجمهورية الإسلامية، حيث توفي في حادث تحطم طائرة مروحية مساء الأحد في منطقة جبلية وعرة، ويتخذ مسار تشييع الرئيس الراحل بعد تبريز مدينة قم المقدسة حيث الحوزة العلمية ومن بعدها ينتقل إلى العاصمة طهران حيث يصلي عليه المرشد الإيراني السيد علي خامنئي، ليستقر به المطاف أخيراً في مدينة مشهد المقدسة حيث سيدفن “رئيسي خادم الإمام الرضا” في العتبة الرضوية الشريفة.
وتوافدت حشود ضخمة إلى الساحة الرئيسية في مدينة تبريز، ولوحت بأعلام وصور للرئيس الذي قضى عن (63 عاماً) وللضحايا السبعة الآخرين في الحادث، ونقلت النعوش الثمانية مغطاة بالعلم الإيراني على متن شاحنة وسط الحشود.
وبعد مراسم التشييع، نقل جثمان رئيسي إلى مدينة قم المقدسة وسط إيران في وقت لاحق الثلاثاء، قبل الانتقال إلى طهران، حيث من المقرر أن يؤدي السيد خامنئي الصلاة على الجثامين ليل الثلاثاء، عشية مراسم وداع مهيبة تقام في العاصمة الأربعاء.
وسينقل جثمان رئيسي بعدها إلى محافظة خراسان الجنوبية في شرق البلاد، وسيوارى الثرى مساء الخميس في مسقط رأسه مدينة مشهد، حيث مرقد الإمام علي الرضا “عليه السلام”.
يذكر أنه بعد عملية بحث طويلة وشاقة عُثر في وقت مبكر من صباح أمس الأول الاثنين على حطام المروحية عند سفح جبل في منطقة حرجية وعرة، وكانت تقل على متنها الرئيس الإيراني إلى جانب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان إضافة إلى إمام الجمعة في مدينة تبريز علي آل هاشم، ومحافظ أذربيجان الشرقية مالك رحمتي، وآخرين.
في الاثناء، أبدى مصدر، لــ”الصباح”، استغرابه للمعلومات التي ذكرها متحدث باسم الادارة الأميركية عن طلب إيراني لواشنطن بالمساعدة في العثور علی حطام الطائرة، موضحاً أن هذه المعلومات عارية عن الصحة “وهي لا تعدو أكثر من حلم يدور برؤوس بعض المسؤولين الأميركيين”.
وأضاف المصدر أن هذه المعلومات “ملفقة” ولا يوجد مثل هذا الطلب إطلاقا؛ مستدركاً أن دولاً صديقة مثل تركيا وروسيا تعاونت مع إيران بهذا الشأن.
في غضون ذلك، انتخب مجلس خبراء القيادة في إيران، أمس الثلاثاء، الشيخ موحدي كرماني، رئيساً له في دروته السادسة بأغلبية 55 صوتاً. وبحسب النظام الداخلي للمجلس، فإن كرماني سيتولى رئاسة هذا المجلس لمدة عامين.
وافتُتحت الدورة السادسة لمجلس خبراء القيادة الإيراني، أمس الثلاثاء، بعد يومين على تغييب الموت عضوي المجلس (الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وإمام جمعة تبريز محمد علي آل هاشم)، بالإضافة إلى وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق
لهم.
وأقيمت مراسم افتتاح الدورة السادسة لمجلس خبراء القيادة، صباح أمس، بحضور رؤساء السلطات الثلاث، وبدأت بقراءة المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، أكّد فيها أنّ “مجلس خبراء القيادة هو مظهر الديمقراطية الإسلامية”.
وأضاف خامنئي، أنّ “اختيار القائد وفق المعايير الإسلامية هو مهمة هذا المجلس”، وأنّ “اختيار الشعب والمعايير الإسلامية هما أهم مؤشر على الجمهورية الإسلامية”.
يذكر، أن عدد أعضاء مجلس خبراء القيادة في دورته السادسة المنتخبة لمدة ثماني سنوات هو 88 عضواً، ومع وفاة العضوين (رئيسي وآل هاشم)، فإن عدد الأعضاء الفعليين للمجلس أصبح 86 عضواً.
في غضون ذلك، كتب ديفد سانجر مقالاً في صحيفة “نيويورك تايمز” تساءل فيه عن مسارات الصراع بين طهران وواشنطن بعد حادث وفاة رئيسي، وقال فيه: كانت العلاقات بين طهران والولايات المتحدة آخذة بالاقتراب إلى حد خطير من مستوى الصراع المفتوح، حتى من قبل الإعلان يوم الإثنين عن وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم الطائرة المروحية التي يستقلها. ما سيتكشف على مدى الأيام القليلة المقبلة، بما في ذلك ما ستعلنه إيران كسبب لحادث التحطم، من شأنه أن يحدد ما إذا كانت الدولتان قادرتين على تلمّس طريقهما للخروج من الأزمات العديدة المتزامنة.
ورأى سانجر، أن الصراع الأهم بين الطرفين، الذي ستطغى أهميته على كل ما سواه على المدى البعيد، هو حتماً ذلك الذي يتمحور حول برنامج إيران النووي، ذلك البرنامج الذي أمكن احتواؤه إلى حد كبير في أعقاب المفاوضات مع إدارة الرئيس أوباما وتمخضت عن اتفاق نووي مع إيران في العام 2015. بيد أن الرئيس “دونالد ترامب” استنكر ذلك الاتفاق ثم انسحب منه قبل ست سنوات، فما كان من إيران إلا أن استأنفت انتاج الوقود النووي المخصب إلى مستويات اقتربت جداً من الحد الذي يتطلبه إنتاج عدد من القنابل.
وسلّط مقال “نيويورك تايمز” الضوء على الدور الذي لعبه الراحلان “رئيسي” و”عبد اللهيان” في الملف النووي الإيراني، وأكد المقال أن مسألة البرنامج النووي، والتساؤل بشأن ما إذا كانت إيران ستحاول الحصول على سلاح أم تكتفي باستغلال وضعها كقوة تقف على عتبة القدرة على انتاج ذلك السلاح بسرعة، تبقى تلوح مخيمة على كل ما سواها من مواجهات إقليمية.