د. عدنان لفتة
كم هو جمهور رائع ذلك الذي تحتشد به مدرجاتنا، تعجز الكلمات والحروف عن وصف دوره الحيوي في إحياء ملاعبنا وإرسال رسائل الجمال والثقة والاطمئنان لكلّ دول العالم.
كم هو عظيم أن يحضر آلاف من أبناء العراق من مختلف المدن في هذا الصيف اللاهب متحملين كلَّ قساوة حرارة الأجواء وقبل ساعات طويلة ليقفوا مساندين وداعمين لمنتخبنا الوطني في أيامه الشامخة بتصفيات كأس العالم 2026، يعانون كثيراً من أجل فرحة مشاهدة منتخبنا الوطني ولاعبيه، لا يأبهون لكلِّ ما يواجههم من متاعب وانتظار طويل وزحامات بشرية، وإجراءات أمنية، وصعوبات في النقل والمواصلات والاتصالات.
هكذا هو العراقي دوماً نفخر به وبعطائه وبدعمه لكلّ نشاط رياضي في بلدنا، لن ننسى روائعهم خلال منافسات خليجي 25 في البصرة التي كانت في عز البرد والشتاء والأمطار الغزيرة، كم رفعوا رأسنا وأتحفوا بلادنا، كم جعلوا العراق على كل لسان بفضل حضورهم الذهبي القياسي وتشجيعهم الحضاري الراقي، جعلوا البصرة سعيدة بهم وتتغنى بما قاموا به، أذهلوا الخليجيين بأرقامهم القياسية التي ربما ستعجز أي دولة أخرى منظمة للبطولة الخليجية أن تتمكن من تسجيل حضور جماهيري مماثل.
بالأمس لم تختلف الحال مع مباراة منتخبنا مع فيتنام في ختام التصفيات الأولية، إذ تقاطر العراقيون شيباً وشباباً، رجالاً ونساءً ليقدموا مواثيق حبهم للعراق ويؤكدوا تفانيهم ووقفتهم المشهودة مع أسود الرافدين.
نعم درجات الحرارة ربما تلامس الخمسين لكنها ليست بشيء أمام عشق العراقيين وولعهم بكرة القدم، ليست بشيء إزاء الوقوف مع بلدنا وكرتنا ومنتخبنا ولاعبيه.
كم هي رائعة وملهمة ومحفزة تلك الهتافات والأصوات الصادحة الهاتفة بحب الوطن، إنه الدعم الذي يبحث عنه أي فريق ويتمناه في كل منافسة.
أرأيتم كيف تفاعل اللاعبون مع مشجعينا وكم أثروا فيهم، هي لحظات خالدة تمنح أيّ لاعب الحافز الكبير لكي يكون شعلة من النشاط والحيوية والعنفوان.
جمهورنا هو الرعب الذي يواجهه أي فريق زائر فهو يضع كل الصعوبات أمامهم بفضل مساندته المتواصلة لمنتخبنا ومدربه كاساس واتحادنا الكروي بقيادة الكابتن عدنان درجال.
سيخشى الكثير من المنتخبات اللعب في العراق لمعرفتهم أنَّ منتخبنا سيكون كبيراً ناشطاً في ملعب البصرة وهو يقارع الكبار.
هل عرفتم الآن؟ لِمَ يرفض البعض اللعب في ملاعبنا، كذباً يقولون بسبب الظروف الأمنية فأمننا بحمد الله وبفضل حكومتنا وجيشنا وقواتنا الأمنية وحشدنا بألف ألف خير، إنهم يخلقون الذرائع والتبريرات كي لا يواجهوا منتخبنا هنا فجمهوره لا يرحم، وحضوره يثير الحماسة في النفوس ويشغل كل طاقات اللاعبين ويحوّل سكونهم إلى نشاط لا يتوقف، جمهورنا يتفاعل مع كل كرة وكل لمسة وكل إبداع، جمهورنا ذواق يشجع اللعب الجميل ويرفع من همم لاعبينا مع تألقهم وإبداعهم.
جمهورنا فخرنا دوماً فهو يرسم لوحات عشق تشجيعية لا نظير لها تؤكد أنَّ هذه البلاد المتحدية لكل الصعاب ستبقى دوماً أجمل بقاع الدنيا بفضل هذه الأصوات الوطنية الصادحة بحب العراق فهنيئاً لنا بهم وبروائعهم وكرمهم، هنيئاً لنا بالبصرة عروس الرافدين وأبنائها الغيارى منبع الغيرة والطيبة والوفاء والكرم.