صداع الصافرة

الرياضة 2024/06/26
...

خالد جاسم

    الشكاوى والتظلّم من التحكيم وأخطائه المستمرّة ليست حالة جغرافيَّة محدّدة أو حالة عراقيَّة بامتياز كما يظنّ البعض من متعصّبي التشجيع لفرقهم لدينا بل تجدها في كلِّ دوريات كرة القدم في العالم، بل أنَّ بطولات كبيرة ومهمة ومنها المونديال وكأس الأمم الأوروبية وكأس القارات كثيراً ما شهدت أخطاء ارتكبها أصحاب الصافرة ومساعدوهم، ولم تكن من طراز الأخطاء البسيطة أو الهيّنة بقدر ما يمكن وصفها بالمصطلح المتداول والمعروف: أخطاء مميتة, والذاكرة بالطبع ممتلئة كما هو تاريخ كرة القدم بالكثير من هذا النوع من الأخطاء القاتلة أو المميتة لأنها تؤثر في نتائج المباريات بشكل جذري في معظم المواقف والحالات التي تشهد ولادة تلك السلسلة من الأخطاء التي نادراً ما تحدث في ملاعبنا ويرتكبها حكامنا الأعزاء ومع ذلك لم يسلم أيّ منهم وبرغم بساطة أخطائهم التي يمكن وصفها بالأخطاء الحميدة من اللوم والغضب بل وهناك من يبرِّر سوء أدائه وتراجع مستواه بتلك الأخطاء التحكيمية ويجد فيها أفضل شماعة لتعليق الفشل. وآخر صيحات الشكاوى والأنين من أخطاء التحكيم تعالت في دورينا بعد الاستعانة بتقنية الفار، إذ تصاعدت حدّة الجدل بشأن أخطاء أهل الصافرة في العديد من المباريات, الأمر الذي أسهم في إفساد العديد منها مع ما يُثار من علامات تعجب واستفهام بشأن التحكيم والحكام برغم التوقعات والآمال المتفائلة في إمكانية تقلّص وانحسار الأخطاء بعد استخدام الفار الذي صار في نظر كثيرين نقمة وليس نعمة في المباريات. وبرغم أنَّ ردود الأفعال على التحكيم والحكام ليست بالأمر الجديد في ملاعب العالم كما هي الحال في ملاعبنا, بل أنَّ الكثير من المدربين وإدارات الأندية بما فيها الأندية الجماهيرية الكبيرة كثيراً ما تعلّق أسباب فشل فرقها على شماعات الحكام وتذهب في التفسير إلى أبعد من ذلك في بعض الأحيان, فتحضر نظرية المؤامرة التي تنفذ بواسطة التحكيم على تلك الفرق, إلا أنَّ تزايد حالات الشكوى والتذمر من التحكيم والحكام تبقى قائمة في كل موسم بشكل لافت حتى وإن كانت بعض من تلك الشكاوى والتصريحات التي تهاجم الحكام وقراراتهم وتأثيرها في نتائج الفرق, لا تعدو كونها مبالغات أو محاولات يائسة لأجل تمرير أو تسويق مبررات أو تبريرات شمعية, وضعيفة الحجّة والمنطق عن سوء أداء هذه الفرق وضعف إمكانياتها الفنية.
ومع حضور هذا الافتراض الذي لا يخلو من واقعية إلا أنَّ الأمر الواقعي الآخر الذي يجب الالتفات إليه والعناية به, هو أنَّ التحكيم في الدوري لم يكن على ما يرام بشكل عام, ومسألة تعاظم الأخطاء التحكيمية التي تدخل في إطار الأخطاء غير المقصودة أو المتعمدة وحضور بعض المجاملات لفرق على حساب فرق أخرى من قبل أهل الصافرة هي جميعاً أمور صارت تشاهد بالعين المجردة ولا تتطلب عدسة مكبرة, أو استعانة بمجهر دقيق ومن واجب لجنة الحكام التوقف عندها بجدية وموضوعية واتخاذ ما يلزم من معالجات بشأنها كي لا نشاهد المزيد من الذي شاهدناه هذا الموسم, مع التمني أن يرتقي أداء الإخوة الحكام الذين لا نشكّ في حياديتهم ونزاهتهم إلى المستوى الذي ينسجم وحجم الآمال المعقودة عليهم في المتبقي من جولات الدوري بأدنى قدر من الأخطاء التحكيمية التي تبقى حاضرة في مباريات الكرة شئنا أم أبينا لكن شتان بين أخطاء هينة وسهلة الكلفة وأخطاء مع سبق الإصرار
 والتعمّد.