العراق وانتخابات أميركا

الأولى 2024/07/22
...

الانتخابات الأميركيَّة هي، من الناحية النظريَّة، شأن داخليّ أميركيّ، لكنّها بسبب الثقل السياسيّ والعسكريّ والاقتصاديّ للولايات المتحدة حدث عالميّ بامتياز.
ومنذ التغيير الذي حدث في العراق سنة 2003 كان الانشغال بهذه الانتخابات ونتائجها أمراً مفروغاً منه، نظراً لطبيعة العلاقة الملتبسة بيننا وبين أميركا في ظلِّ احتلال ثمّ معاهدة شراكة ثم اتفاقيات أمنيَّة وستراتيجيَّة أفضتْ إلى رسوخ تأثير اقتصاديّ حصراً عنواناه الرئيسان تعامل العراق بالدولار الأميركي ووجود أموال عراقيَّة مودعة في البنك الفيدرالي.
غير أنَّ الانتخابات الأميركيَّة المقبلة، التي تحتدم فصولها هناك وتتسارع دراماتيكياً، بدليل محاولة اغتيال المرشّح الجمهوري ترامب وانسحاب بايدن أمس، تبدو أقلَّ المواسم الانتخابيَّة الأميركيَّة حضوراً على الساحة العراقيَّة. سبب ذلك أنَّ العراق يشهد الآن استقراراً سياسياً بيّناً ولم يعدْ مسألة خلافيَّة أو إشكاليَّة تُغري المرشّح باستثمارها ضدَّ مرشّح آخر، وأنَّ السياسة التي انتهجتها حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والقاضية بتصفير المشكلات والعوالق بين الجانبين قد آتت ثمارها، إضافة إلى التوازن الذي أصبح يمثله العراق إقليمياً في ظلِّ وضع متفجّر يُنذر بالاتساع.
في جدل الانتخابات الأميركيَّة لا تحضر عادة سوى الأزمات المستعصية لأنها مادة للاحتراب بين المرشحين، ولذا فإنَّ أزمة أوكرانيا والرؤى الكفيلة بوضع حلول لها هي الأشدّ وضوحاً في نقاشات المرشحين كما في مداولات المحللين والمعلقين، ومثلها أزمة العدوان الذي تشنّه "إسرائيل" على المدنيين في غزّة.
غياب العراق عن هذا الجدل المحتدم نقطة ضوء وعلامة تفاؤل تُثبت أنَّ سياسة الحكومة العراقيَّة في تصفير الأزمات القديمة المزمنة قدْ نجحتْ أخيراً.