الأسئلة البلهاء

آراء 2019/03/25
...

حسين الصدر 
 
- 1 -
الاعتقالات للحرائر والأحرار في أيام الدكتاتورية البائدة كانت تجرى وفق نظرية رهيبة تقوم على أساس النظر الى النوايا لا الأفعال .
فاذا دلّت حسابات السلطة على أنَّ انسانا معيّنا مرشحٌ للعمل ضدها في المستقبل، تبادر الى اعتقاله في الحال .والعقاب على النوايا من أبشع الانتهاكات لحقوق الانسان، ومن أكبر الاختراقات للموازين والقوانين..
 
 
ولقد اتضحت الطبيعة القمعية للنظام من خلال استهدافه عيون الرجال والنساء، ممن لم يخضعوا لسياساته وبرامجه، ومع ذلك كانت هناك اسئلة بلهاء تُثار عند اعتقال هذا أو ذاك ، ويتم التساؤل عما فعله مما يوجب الاعتقال ؟
البلاهة في السؤال ناشئة من الجهل الفظيع بحقيقة الطبيعة الدموية لرأس الحربة في النظام وسياسته في اضطهاد وملاحقة الشرفاء من العراقيين دون 
هوادة ..
- 2 -
انّ السؤال يكشف عن أمور كثيرة تتعلق بالسائل ، ونستطيع من خلاله التعرف على درجة وعيه وذكائه وثقافته وفهمه لما يجري في البلاد .
 
- 3 -
وفي احدى تظاهرات المعارضة العراقية في لندن ، ابّان الحكم العفلقي البائد ، وقفتُ خطيبا في المتظاهرين ، وارتجلتُ الخطاب المطابق لمقتضى الحال . 
والبلاغة كما يقولون هي مطابقة المقال مقتضى الحال .
ورغم أنّ الخطاب كان مرتجلا تساءل بعض البلهاء :
من الذي كتب الخطاب ؟
والبلاهة هنا مركبة :
تساءل عن الكاتب والخطاب مرتجل، ويفترض أنّ الخطيب يقرأُ ما يُكتب له..!!
 مِنْ قِبلِ غيرِهِ ..!!
لاندري على مَاذا يُحمد هذا السائل الأبله ؟
على افتراضاته الجوفاء أو على غفلته العمياء؟
- 4 -
وقد يقول لك بعض البلهاء في الدفاع عن بعض الفاشلين :
لقد استطاع الرجل ان يلتقط آلاف الاصوات ،
ألا يدل ذلك على شعبيته وقدرته السياسية والاجتماعية ؟
انه أبله لانه لا يقرأ ما وراء السطور ..
انّ كثيرا من هذه الاصوات ليس حقيقياً 
فهناك التزوير ..
وهناك المال السياسي ..
وعادة ما يكون الابله غاطّاً في سبات عميق، يحجبه عن الاحاطة بحقائق
الامور ..!!
- 5 -
وجاء في كتب الادب :
“ دخل يزيد بن منصور الحميري على المهدي وبشّار بين يديه ينشده قصيدةً امتدحه بها، فلما فرغ منها أقبل عليه يزيد بن منصور الحميري – وكانت فيه غفلة – فقال
له :
يا شيخ :
ما صناعتك؟
فقال :
أثقبُ اللؤلؤ 
فضحك المهدي ، ثم قال لبشار :
اعزب ويلك 
أتتنادر على خالي !!
فقال له :
وما أصنع به !
يرى شيخا أعمى ينشد الخليفة شعراً ويسأله عن صناعته 
الاغاني ج3/159
 
- 6 -
البلاهة مساوقة للحماقة 
وقد قيل قديما :
لكل داءٍ دواء يستطب به الاّ الحماقة أعيت من يداويها 
 
- 7 -
يتمنى الواعون الوطنيون المخلصون ان تختفي طبقة البلهاء من المجتمع ، بينما يراهن عليها المحترفون السياسيون ويفرحون بما يرون منها .