العراق يطالب بوقف العدوان على لبنان
![...](/uploads/posts/2024-09/278267.jpg)
توالت في الساعات القليلة الماضية، المواقف العراقية الرسمية والسياسية والشعبية لدعم لبنان الشقيق ومساندته في معركة الكرامة التي يخوضها ضد الكيان الصهيوني المجرم، وثمّنت الجهات الوطنية وكوادرها بيان المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني الذي دعا العراقيين لدعم ومساعدة الشعب اللبناني الشقيق في هذا الظرف العصيب الذي يعيشه جرَّاء العدوان الغاشم، وبينما أصدر رئيس الوزراء من مقر إقامته بنيويورك عدة توجيهات لتسهيل دخول وتواجد الأشقاء اللبنانيين داخل البلاد، حرصت العتبات المقدسة على اتخاذ إجراءات عاجلة لاستقبال وإيواء العائلات اللبنانية والجرحى والمصابين جرَّاء العدوان.
وقال رئيس الجمهورية د. عبد اللطيف جمال رشيد في بيان: «نُدين ونستنكر بشدة العدوان الذي تعرّض له الشعب اللبناني الشقيق والذي أسفر عن استشهاد وإصابة المئات من المواطنين»، محذّراً من أنه «تطور ينذر بتبعات خطيرة على المنطقة ككل».
وأضاف، «وإذ نؤكد وقوف العراق إلى جانب أشقائه في فلسطين ولبنان، نجدد موقفنا الثابت والراسخ في رفض الأعمال العدوانية ووجوب وقفها بأسرع وقت، كما نجدد مطالبتنا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في وقف الحرب على الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية».
وشدد رئيس الجمهورية: أنه “وسط هذه التطورات الخطيرة، نطالب بضرورة اتخاذ موقف دولي لوقف الأعمال العدوانية إذ ستؤدي إلى انزلاق المنطقة نحو سيناريوهات خطيرة لا تخدم أحداً، ومنع التصعيد وتمدد الحرب إلى لبنان أو أي منطقة أخرى، ونؤكد ضرورة إلاغاثة العاجلة للمتضررين من الأعمال العدوانية”.
توجيهات رئيس الوزراء
من جهته، أصدر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الثلاثاء، ثلاثة توجيهات بخصوص المواطنين اللبنانيين. وذكر بيان صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، تلقته “الصباح”، أنه بالنظر للظروف الصعبة التي يمر بها الشعب اللبناني الشقيق، الذي يتعرض منذ أيام إلى عدوان صهيوني مجرم، وتضامناً وإسناداً من العراق، حكومةً وشعباً، للأشقاء في لبنان، وجّه رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني بما يأتي:
1 - تمديد سمة دخول المواطنين اللبنانيين المتواجدين في العراق دون الحاجة إلى السفر لمدة ثلاثين يوماً، وتمدد مرة أخرى، استناداً إلى أحكام قانون إقامة الأجانب رقم (76 لسنة 2017)، بسبب ما يمر به لبنان من ظروف حرب قاهرة.
2 - إعفاء المواطنين اللبنانيين المخالفين بالوقت الحاضر من العقوبات المنصوص عليها بالقانون أعلاه.
3 -استمرار منح سمات الدخول مجاناً للمواطنين اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية العراقية.
حديث البرلمان
من جهته، أكد نائب رئيس مجلس النواب د.شاخوان عبدالله، على تضامن العراق ودعمه للشعب اللبناني، وقال في بيان أمس الثلاثاء: «نؤكد على استمرار تضامن العراق حكومة وشعباً ودعمه الكامل للشعب اللبناني، وإدانة الجرائم ضد الإنسانية من قتل المدنيين الأبرياء واستشهاد الأطفال والنساء والشيوخ بسبب القصف الجوي الصهيوني على مناطق عديدة في لبنان».
ودعا عبدالله، “الدول الإسلامية والعربية والمجتمع الدولي إلى موقف جاد تجاه ما يجري من عدوان على لبنان وفلسطين، وإجراء خطوات عملية وفعلية على جميع المستويات من أجل إيقاف الحرب الصهيونية”، كما شدد على “ضرورة تكثيف الجهود والمساعي لإنهاء الصراع والحد من التوتر وتجنيب المنطقة من كوارث الحروب وتداعياته الخطيرة”.
دولة القانون
بدوره، أشاد رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، بموقف المرجعية الدينية الذي يدعو الأمة لمواصلة التصدي والمقاومة.
وقال المالكي في كلمة متلفزة: إن “الإعلام المغرض لا يتحدث عن إنجازات المقاومة وما يتعرض له الصهاينة من ضربات المجاهدين، ولا يتحدث عن ضربات المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق”، لافتاً إلى أنه “حتى لو انتهت هذه الحرب فهناك جولات أخرى حتى تحرير القدس”، مشيداً بـ”مواقف القوى التي تواجه غطرسة الاحتلال الصهيوني، وبموقف المرجعية الدينية الذي يدعو الأمة لمواصلة التصدي والمقاومة”.
ودعا المالكي المنظمات والقوى السياسية لـ”إسناد المقاومة ودعمها بكل الأشكال”، مشيراً إلى أنه “وجهنا نواب دولة القانون بالتبرع برواتبهم ودعونا التجار وأصحاب رؤوس الأموال للمساهمة”.
وكان المكتب السياسي لحزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه المالكي، أصدر بياناً مساء أمس الأول الاثنين، أدان فيه العدوان الصهيوني على لبنان، مطالباً “الأمة الإسلامية والشعوب العربية وقواها الخيرة وعلماءها المخلصين بإعلان الاستنفار العام لمواجهة هذا العدوان الهمجي بكل الوسائل والأساليب المتاحة، قبل أن يستفحل ويرتكب المزيد من المجازر الوحشية، ويستبيح البلدان وينتهك الحرمات”، كما أكد الحزب، أن “لبنان في هذا الظرف العصيب يجب أن لا يبقى وحيداً فريداً، وهو بحاجة إلى مواقف النصرة والدعم من كل الشعوب الحرة في العالم والمنطقة”.
رؤية نيابية
إلى ذلك، قال عضو مجلس النواب كامل العكيلي، في حديث لـ»الصباح»: إن «العراق قادر على دعوة الجامعة العربية أو مجلس الأمن إلى جلسة طارئة للتباحث حول ما يحصل في لبنان من قصف على منازل المواطنين والمؤسسات الحيوية».
فيما أطلق عضو مجلس النواب ضياء الهندي، “دعوة لدعم لبنان في أزمته الحالية”، مشيراً إلى “ضرورة تقديم العراق مساعدة إنسانية عاجلة”، داعياً إلى “تنظيم حملات الدعم وتفعيل قرارات برلمانية تلزم الحكومة بتقديم المساعدة للشعب اللبناني على الصعيدين اللوجستي والطبي، بالإضافة إلى دعم المنظومة الكهربائية في لبنان عبر النفط العراقي”.
وقال النائب ضياء الهندي، في حديث لـ”الصباح”: إنه “انطلاقاً من العمق العربي ودور العراق في الشرق الأوسط، يتوجب علينا كممثلين للشعب العراقي مساندة لبنان في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها”، وأوضح أن “المستشفيات اللبنانية لن تكفي لتغطية حجم الإصابات، لذلك يجب فتح المستشفيات العراقية لاستقبال المصابين وتقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم”.
كما أشار إلى الجهود المبذولة من قبل العتبات المقدسة التي وصفها بأنها “ممتازة ولم تقصر في دعم الشعب اللبناني”، مضيفاً أن “هناك حملات عديدة للتبرع بالأموال لدعم لبنان، لكن من المهم تنظيم هذه الجهود وتحويلها إلى دعم لوجستي وطبي مستمر”.
وشدد الهندي، على أن “البرلمان العراقي مطالب بإصدار قرار لدعم لبنان مادياً وإنسانياً، أو عبر توفير النفط للمساعدة في دعم المنظومة الكهربائية اللبنانية”، وأكد على “ضرورة استمرار الجهد الحكومي بإنشاء جسر جوي مستمر لنقل المساعدات الطبية واللوجستية إلى لبنان”، مشيراً إلى أن “هذه المساعدات يجب أن تكون متواصلة ولا تنقطع”.
وفي ما يتعلق بالوضع السياسي، حذّر الهندي، من أن “مصير لبنان قد يصبح شبيهاً بمصير غزة في حال استمرار المشروع الصهيوني في الضغط على البلاد”، ودعا البرلمان العراقي إلى “اتخاذ قرار موحَّد يضمن استمرار تقديم المساعدات للبنان، منعاً لتدهور الأوضاع أكثر”.
كتلة “تيار الفراتين”، النيابية أكدت إمكانية تحرك العراق بخطوات مدروسة لدعوة الجامعة العربية ومجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة الهجوم الذي يتعرض له لبنان.
وقالت رئيسة الكتلة رقية رحيم النوري لـ”الصباح”: إنه “يمكن للعراق أن يتبنى دوراً نشطاً وحيوياً في دعم لبنان عبر القنوات الدبلوماسية المناسبة، بصفته دولة تمتلك تاريخاً طويلاً في مواجهة التحديات الإقليمية والحفاظ على الأمن والاستقرر”.
وأضافت، أنه “من منظور سياسي، فإن العراق لديه مصلحة مباشرة في استقرار لبنان، لأن أي تدهور إضافي في الوضع اللبناني سيؤثر في التوازن الإقليمي ويهدد منظومة الأمن العربي”.
وتابعت النوري أن “العراق، وهو عضو في الجامعة العربية وله ثقل دبلوماسي في الساحة الإقليمية، يمكنه أن يطرح هذا الموضوع بقوة”، مشيرةً إلى أن “مثل هذه الهجمات تمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية ولحقوق الشعوب في تقرير مصيرها والعيش بسلام”، وبينت اأنه “من خلال هذه الخطوة، سيظهر العراق تضامنه مع لبنان ليس فقط من باب التضامن العربي فحسب، بل من منطلق الحرص على عدم السماح لأي جهة بزعزعة استقرار المنطقة أو المساس بالسيادة اللبنانية”.
وأوضحت، أن “هذا الموقف لا يعزز فقط الروابط التاريخية بين الشعبين العراقي واللبناني، بل يؤكد أيضاً أن العراق يدرك تماماً حجم التحديات التي تواجه المنطقة وهو على استعداد لتحمل مسؤولياته والعمل بجدية لحماية مصالح الأمة العربية ككل، كما يمكنها أن تشكل الموقف العربي والدولي، والدفع نحو حلول دبلوماسية تحول دون تصعيد الصراع وتحمي حقوق الشعب اللبناني من أي اعتداءات غير مشروعة”.
رئيس كتلة الصابئة المندائية النيابية، أسامة البدري، أوضح لـ”الصباح”، أن “علينا جميعاً أن نقف مع لبنان الشقيق وقفة جادة من أجل إيقاف هذا العدوان عليه، انطلاقاً من مبادئ التآزر والتماسك في وحدة الموقف، لذلك علينا أن نكثف الوقفات الاحتجاجية من جهة إعلامية؛ ومن جهة أخرى نحثُّ الخطى في التحرك الدبلوماسي، إضافة لدعم لبنان معنوياً ومادياً وتوفير الغذاء والدواء وكل ما نستطيع تقديمه من أجل نصرة الشعب اللبناني”.
وأكد البدري، أن “جميع العراقيين ومن كل الطوائف والقوميات والمذاهب، يقفون إلى جانب لبنان في معركته ضد الكيان الصهيوني المعتدي، وعليه فإن على الجميع أن يدعم لبنان بأي شيء يستطيع أن يفعله، وإضافة إلى الوقفات الاحتجاجية، يجب أن تكون هناك وقفة أخرى من نوع آخر وهي وقفة الدولة عبر الطرق الدبلوماسية أو السياسية، والضغط على دول العالم من أجل إيقاف استنزاف الدم في لبنان”.
وأضاف، أن “على القوى السياسية أن تتحرك باتجاه دعم الدولة لإيقاف هذه الحرب على لبنان الشقيق كل من خلال اتجاهاته وبأي شيء ممكن”، مشيداً بموقف المرجعية الدينية العليا المشرّف في دعم مساندة لبنان الشقيق.
تبرع الصدر وموقف العتبات
من جانبه، تبرع زعيم التيار الوطني الشيعي السيد مقتدى الصدر بـ25 مليون دينار للشعب اللبناني، وسط توقعات بأن يتبعه الملايين من أنصاره بالتبرع، كما جرى في أحداث سابقة منها قوافل الصدريين في إغاثة ونصرة الشعب الفلسطيني في غزة.
في غضون ذلك، أعلنت العتبتان العلوية والحسينية المقدستين، أمس الثلاثاء، استعداداتهما لمساندة وإغاثة اللبنانيين، تنفيذاً لدعوة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني.
وقالت العتبة العلوية، إنها تعلن “فتح جميع الفنادق ودور الضيافة ومدن الزائرين العائدة لها لاستقبال المهجّرين من أبناء الشعب اللبناني البطل في مواجهتهِ مع جبهة الشرِّ الصهيوني المُطلق”، مشيرة إلى تجهيز قافلة (عليٌّ أبونا) والتي ستحمل المساعدات الإنسانية واللوجستية المختلفة متوجهةً إلى الأراضي اللبنانية المنكوبة.
من جانبها، أعلنت هيئة الصحة والتعليم الطبي التابعة للعتبة الحسينية المقدسة، عن إنشاء مقر لبعثة الإغاثة الطبية في بيروت.
وقالت الهيئة: إن “هيئة الصحة والتعليم الطبي في العتبة الحسينية المقدسة، أنشأت مقراً لبعثة الإغاثة الطبية التابعة للعتبة الحسينية المقدسة في العاصمة بيروت، وذلك امتثالاً لتوجيهات المرجعية الدينية العليا بإغاثة الشعب اللبناني”.
كما أعلنت العتبة الحسينية المقدسة، عن تشكيل فريق أزمة لإغاثة الشعب اللبناني، وذلك امتثالاً لتوجيهات المرجعية الدينية العليا، فيما تعتزم افتتاح مستشفى ميداني.
هذا وأعلن، المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، أمس الثلاثاء، في بيان تلقته “الصباح”: “سنرسل قوافل من المساعدات عبر البر والجو لإغاثة الشعب اللبناني بتوجيه من المرجعية الدينية العليا”.
جمعية الهلال الأحمر العراقي، أعلنت أمس الثلاثاء، عن تجهيز مستشفيات وعيادات طبية متنقلة ومحطات استراحة على المنافذ الحدودية.
وقالت الجمعية في بيان تلقته “الصباح”، إنها “باشرت تجهيز مستشفيات وعيادات طبية متنقلة ومحطات استراحة لنشرها على المنافذ الحدودية العراقية لاستقبال العائلات اللبنانية النازحة جرّاء القصف الصهيوني على لبنان”.
بيان إعلامي
بدوره، قال مجلس مفوضي هيئة الإعلام والاتصالات، في بيان تلقته «الصباح»: إن «المجلس دعا خلال جلسته الاعتيادية التي عقدها (أمس الثلاثاء)، المؤسسات والقنوات الإعلامية إلى مراعاة قواعد السلوك الإعلامي والابتعاد عن استضافة الشخصيات التي تبرر الجرائم التي يرتكبها العدوان الصهيوني تجاه الشعبين اللبناني والفلسطيني».
وشدد المجلس - حسب البيان - على «ضرورة التزام هذه المؤسسات بالمعايير المهنية في نقل ما يقوم به الكيان الصهيوني من استهداف للأبرياء والمدنيين الآمنين باستخدام وسائل محرمة دولياً».
وأعرب مجلس المفوضين عن، «استنكاره للعدوان الذي تشنه آلة الشر الصهيونية، مثمناً موقف الحكومة العراقية والقوى السياسية في مؤازرة الشعب اللبناني ودعمه من خلال حملات الإغاثة العاجلة بالغذاء والدواء ومساندة الشعب اللبناني ودعمه في هذا الصراع عبر البرامج والتقارير التلفزيونية التي تكشف جرائم الكيان بحق الشعوب العربية».
وأشار مجلس المفوضين، إلى “بيان مكتب المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، الذي أدان هجمات العدوان الصهيوني وأساليبه المتوحشة، شملت تفجير أعداد كبيرة من أجهزة الاتصالات الشخصية واستهداف مساكن مكتظة بالمواطنين، بمن فيهم النساء والأطفال”.