البرلمان يعتزم تداول اتفاقية الإطار الستراتيجي في جلسة السبت المقبل

العراق 2020/01/06
...

بغداد / عمر عبد اللطيف ومهند عبد الوهاب 
 
كشفت مصادر برلمانية لـ “الصباح”، أن جلسة يوم السبت المقبل ستشهد إلغاء اتفاقية الاطار الستراتيجي المبرمة بين الجمهورية العراقية والولايات المتحدة الاميركية والتي يمكن أن تسرع بالانسحاب الكامل للقوات الأجنبية الموجودة في البلد، وفيما بين نواب أن التباين في المواقف السياسية تضعف الموقف العراقي وتسمح للقوى الخارجية أن تخرق السيادة العراقية، أكدت لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، عدم وجود أي مخاوف اقتصادية أو مالية على العراق بعد قرار تخويل الحكومة بإخراج القوات الأميركية من العراق.
وقالت عضو مجلس النواب انتصار الموسوي لـ “الصباح”: إن “هنالك اتفاقاً بين أعضاء البرلمان على إلغاء جميع البنود المتفق عليها بين الحكومة العراقية ونظيرتها الأميركية ضمن اتفاقية الإطار الستراتيجي والتي تضمن الانسحاب الكامل لجميع القوات الموجودة على الأراضي العراقية”.
وأضافت الموسوي، بأن “الاتفاقية هي ملغاة أصلاً منذ عام 2011، إلا أن مجلس النواب سيعمل على إصدار قرار بإلغائها تماماً”، مؤكدةً إن “الاتفاقية كانت تنص على أن يكون هنالك مستشارين من الولايات المتحدة في العراق بعد احتلال (داعش) لعدد من المحافظات العراقية”، مؤكدةً “وجود قرار وطني داخل مجلس النواب لاستعادة كرامة العراق المنتهكة منذ سنوات”.
 
قرار البرلمان
النائب عن كتلة النهج الوطني حسين العقابي، أكد لـ “الصباح”، إن “القرار الذي صوت عليه مجلس النواب بإخراج القوات الاميركية كان موقفا وطنيا لإنهاء التواجد الأجنبي”، مبيناً إن “القوات الأجنبية الأميركية انتهكت السيادة العرقية بشكل صارخ وكان على مجلس النواب أن يتخذ موقفاً من هذه الخروقات”. 
ودعا العقابي، “الكتل السياسية في البرلمان أن تكون على قدرٍ عالٍ من تحمل المسؤولية لضمان سيادة ووحدة البلد”، وأضاف، إن “العراق ليس بحاجة الى وجود أجنبي، لأن الجيش العراقي قادر على تحمل المسؤولية الكبيرة في حماية أرض وسيادة البلد، ولديه كل الامكانيات التي تحتم عليه الدفاع عن البلد”. 
وأشار الى أن “إقرار قرار إلغاء الوجود الأجنبي يكفي، وإن كانت من اختصاص الحكومة لأن الوجود الأجنبي على أرض العراق لا يحتاج الى قانون”، لافتاً أن “الوجود الأجنبي جاء بطلب من الحكومة وسيخرج بطلب من الحكومة، وعلى حكومة عبد المهدي أن تتحمل مسؤولياتها بوضع جدول زمني لإنهاء الوجود الاجنبي -وخصوصا الأميركي- بعد الخرق الامني الاخير والذي يعد خرقا للسيادة الوطنية العراقية”.
النائب عن تحالف سائرون بدر الزيادي، قال: إن “القرار الوطني الذي تم إصداره من البرلمان أمس الأول الأحد، كان مفاجئا لجميع دول العالم، لأن أميركا كانت تظن ان العراقيين غير قادرين على إصدار هذا القرار”، مبيناً إن “هذا القرار جمعنا له تواقيع منذ عام تقريباً ولو تم تطبيقه حينها لما وصل العراق الى هذا الحال”.
وأضاف الزيادي، أن “اميركا صدمت بالقرار، وبالتأكيد هي ستحاول الضغط بشتى السبل لمنع تطبيقه”، لافتاً الى أن “القواعد الأميركية التي بنيت في ‍العراق لم يكن هنالك اتفاق بين البلدين لبنائها، بل بنتها القوات الأميركية لنفسها، بالتالي فالعراق غير ملزم بدفع مبالغ عن بنائها”.
ولفت النائب، الى أن “العراق والشعب العراقي سبق له وأن حاصرته أميركا وهو أمر ليس غريباً علينا، والمطلوب هو الاعتماد على انفسنا وأن نعمل على تطوير قدراتنا العسكرية والأمنية لضمان عدم الحاجة في أي وقت للقوات الاجنبية”، مقترحا “التوجه للمعسكر الشرقي لتسليح قواتنا وترك المعسكر الغربي، وأن نركز جهودنا على تقوية قوتنا الجوية ودفاعتنا الجوية لحماية أجواءنا من الخروقات الخارجية من خلال التعاقد مع روسيا لشراء طائرات ومنظومات دفاع جوي حديثة، وأن تتم تلك الخطوات بشكل سريع لضمان عدم ترك أي فراغ يستغله أعداء العراق”.
 
انعكاس إيجابي
بدوره، قال النائب عن تحالف النصر فالح الزيادي لـ “الصباح”: إن “الأحداث الأمنية الأخيرة انعكست إيجابياً على واقع المشهد السياسي، وسيعجل من حسم منصب رئاسة الحكومة خلال فترة قصيرة جداً لخطورة الوضع العام في البلاد، وقناعة أغلب الكتل السياسية أن تتوحد على المستوى الوطني للخروج من هذه الأزمة”. 
وأضاف، إن “التغير الحاصل في الواقع، أشعر الكتل السياسية بأهمية التفكير جدياً بمستقبل البلد”، مشيرا أن “التصويت على إخراج القوات الأجنبية من خلال انعقاد الجلسة الاستثنائية، أثر باتجاه خلق قوة ايجابية لاتفاق الكتل السياسية على الاسراع بتسمية مرشح لرئاسة الوزراء”. 
فيما لفت النائب عن تحالف الفتح حامد الموسوي في حديث لـ “الصباح”، إن “الأحداث الاخيرة قربت القوى السياسية ومنها التحالف الوطني والقوى المنضوية تحته، لأن من اختصاصه تسمية مرشح رئيس الوزراء”. 
وبين الموسوي، إن “الفترة السابقة لم يكن هناك أي توافق بين قوى التحالف على مرشح معين لرئاسة الوزراء؛ ولكن ما حدث أخيرا والمؤامرة التي تحاك على العراق دفعت باتجاه اتخاذ قرارات موحدة بين سائرون وقوى المكون بالتوافق لاختيار رئيس وزراء يلبي طموحات العراقيين”.
وأضاف، إن “التوافق بين قوى التحالف الوطني أدى الى انعكاس إيجابي على سير الحوارات لتسمية مرشح منصب رئيس الوزراء، وسيعلن في أقرب وقت لتفعيل حكومة واقعية تعمل على تفعيل كل القرارات المهمة ومنها القوانين التي ننتظرها في مجلس النواب وأهمها الموازنة”. 
فيما أشار النائب عن تحالف سائرون رياض المسعودي في حديث لـ “الصباح”، إن “التحدي الأمني الأخير شكل دافعاً حقيقياً للقوى السياسية لتسمية مرشح رئيس الوزراء وتشكيل حكومة مستقلة نزيهة تحظر بشكل جدي لإجراء انتخابات مبكرة التي ستنتج مجلس نواب جديد يقع على عاتقه اتخاذ قرارات حاسمة”. 
وأكد المسعودي، إن “القوى السياسية على المحك في بيان مواقفها الحقيقية وصناعة قرار عراقي رصين قوى يرسل رسائل للولايات المتحدة الأميركية وغيرها أن الموقف العراقي موحداً وليس متبايناً”. 
وأضاف، إن “التباين في المواقف السياسية تضعف الموقف العراقي وتسمح للقوى الخارجية أن تخرق السيادة العراقية”، ولفت إلى أن “تسمية مرشح لمنصب رئيس الوزراء يتطلب إجماع وطني ويتطلب مقبولية الشارع العراقي الذي طالب بمطالب واضحة لشخصية رئيس الوزراء”. 
 
الاقتصاد النيابية
في السياق، قال عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية النائب المستقل عباس العطافي في تصريح صحفي: إن “العراق لديه القدرة على إدارة الملف النفطي إضافة الى الطاقة، حيث كان يمتلك الكثير من الشركات التي تعمل لديه لإدارة هذه المجالات، بعيداً عن أميركا”.
وأضاف، إن “العراق ليس بحاجة أميركا فيما يتعلق بالنفط أو الطاقة، حيث هو اليوم بحاجة الى الحفاظ على سيادته من التدخلات الأميركية وخرقها للسيادة العراقية والأعراف الدولية”.
وأكد العطافي، “عدم وجود أي مخاوف اقتصادية على العراق بمقاطعته وإخراج القوات الأميركية من أراضيه، إضافة الى عدم وجود أي مخاوف مالية خاصة إن العراق قادر على إدارة المرحلة بنفسه ولا يحتاج الى مساعدة أي دولة في هذا الإطار”.
 
خبراء قانون
إلى ذلك، قال الخبير القانوني على التميمي لـ “الصباح”: إن “إلغاء الاتفاقيات يكون بطلب من رئيس الوزراء ومجلس الوزراء مجتمع ويرسل الى مجلس النواب”، مبينا إن “الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال ولا يحق لها إلغاء الاتفاقيات”. 
وأضاف، إن “الطريقة القانونية هي أن يكون هناك قرار من مجلس الوزراء ويرسل الى مجلس النواب للمصادقة عليه ويعدل قانون التواجد الاميركي بموجب الاتفاقية وهو الطريق القانوني الوحيد”، مؤكداً إنه “من غير الممكن للحكومة -وهي حكومة تصريف أعمال- أن تتخذ الاجراءات بإلغاء الاتفاقية، ووحدها الحكومة الجديدة قادرة على إلغاء هذه الاتفاقية لأنها تمتلك صلاحيات مطلقة”.
من جانبه، بين الخبير القانوني أمين بكر، إن “القرار الذي أصدره مجلس النواب أمس الأول الأحد بإجلاء جميع القوات الاجنبية من العراق، كان بمثابة توصية الى السلطة التنفيذية”.
وقال بكر لـ “الصباح”: إن “القرار كان ارضاء للموقف السياسي للكتل المشاركة في التصويت، وهو ليس إلزاميا للحكومة”، مبيناً ان “الحكومات السابقة كانت قد قدمت طلبات على ضرورة تواجد تلك القوات على الاراضي العراقية اثناء الحرب على (داعش) أو بعدها”.
وتابع: إن “إنهاء وجود تلك القوات يعود للحكومة دون أن تكون هنالك توصية من مجلس النواب، وهي بإمكانها اتخاذ اجراءات لتقديم طلب الى تلك القوات بعدم استمرار تواجدها داخل الاراضي العراقية”، مستدركاً ان “هذا الطلب يجب ان يكون من حكومة كاملة الشرعية ولم تكن قد قدمت استقالتها وهي الآن لتصريف الاعمال لا أكثر”.
ونبه بكر، الى ان “القرار البرلماني كان بمثابة حالة استثنائية ونوع من التوصية للحكومة، في حين كان بإمكان الحكومة الإقدام على هذه الخطوة دون الرجوع للبرلمان كون ذلك يقع من صلاحياتها”.
وكان مجلس النواب، صوّت أول أمس الاحد في جلسته الاستثنائية بحضور رئيس مجلس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، على قرار يلزم الحكومة بإنهاء التواجد الاجنبي في البلاد، ومنعها من استخدام الاراضي والمياه والأجواء العراقية لاي سبب كان، وأن تقدم الدول التي تعود إليها تلك القوات تعهداً بعدم استعمال الإقليم العراقي كمنصة لاستهداف أية دولة أخرى، كما تضمن القرار أيضاً إلزام الحكومة بإلغاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، وذلك لانتهاء العمليات العسكرية والحربية في العراق وتحقق النصر والتحرير.
وقدم عبد المهدي في الجلسة الاستثنائية للمجلس، رسالة كشف فيها عن الحيثيات والتفاصيل الدقيقة لطلب إنهاء الوجود الأجنبي في العراق، ولقي قرار مجلس النواب ترحيباً من أغلبية قادة ونواب الكتل السياسية، بينما تحفظت كتل أخرى على القرار البرلماني ولم تشهد جلسة التصويت 
عليه.