الكتل السياسية تبحث عن مخرج لأزمة اختيار رئيس الوزراء

العراق 2020/01/11
...

بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب
 
رغم مرور عدة أسابيع على استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وتصاعد الجدل والحراك من أجل اختيار بديل مناسب، مازالت الكتل السياسية المنضوية في مجلس النواب تبحث عن مخرج لأزمة اختيار رئيس الوزراء الجديد الذي يكون متوافقاً مع شروطها والمواصفات التي حددتها ساحات التظاهر، في وقت عدّ فيه نواب من كتل مختلفة أن المخرج الوحيد للأزمة الراهنة التي تشهدها البلاد - بما فيها مشكلة اختيار رئيس الوزراء- هو تطبيق خريطة الطريق التي دعت إليها المرجعية الدينية عبر «التنازل عن القضايا والمصالح الحزبية والشخصية الضيقة».
وقال المتحدث باسم كتلة صادقون النيابية النائب نعيم العبودي: إن «المخرج الوحيد والحقيقي هو تطبيق خريطة الطريق التي دعت إليها المرجعية، علماً بأن هناك قضايا أساسية كانت طالبت بها المرجعية وقد تحققت إلى حد بعيد مثل قانون الانتخابات الذي جرى التصويت عليه، وكذلك قانون مفوضية الانتخابات».
وأضاف العبودي، أن «المسألة المهمة الآن هي الحكومة الجديدة، إذ انه بعد استقالة الحكومة الحالية لا بد من أن تكون هناك استجابة لما تطالب به المرجعية على صعيد تشكيل الحكومة المقبلة بهدف إنقاذ البلد من الوضع السياسي المرتبك وما نمر به من انسداد سياسي».
وأشار إلى أن «المرجعية أكدت في هذه الخطبة -خطبة الجمعة الأخيرة- على أنه يجب أن تكون هناك جدية في العمل من قبل الجميع لاختيار الحكومة المقبلة مع التأكيد على أهمية التنازل عن القضايا والمصالح الحزبية 
والشخصية الضيقة».
بدوره، كشف النائب عن تحالف البناء حسين عرب، عن وجود «اتفاق مبدئي» بشأن حسم منصب رئيس الوزراء خلفاً للمستقيل عادل عبد المهدي، بينما أشار إلى أن القوى السياسية غير مستعدة للتنازل عن «عود ثقاب» وليس عن مناصب ومواقع عليا مثل رئاسة الوزراء.
وقال عرب: إنه «رغم ما يصدر من تأكيدات ودعوات من قبل المرجعية الدينية كل جمعة من أجل التنازل عن المصالح الضيقة للكتل والأحزاب والأطراف السياسية، فإنها سوف تكتفي فقط ببيانات التأييد، لكنها ليست مستعدة للتنازل والالتزام بمخرجاتها»، وأضاف، أن «جميع الأطراف تنتظر خطبة المرجعية، لكنها تبدأ بتفسيرها وفق ما تشتهي وليس 
طبقاً لمضمونها».
وأكد عرب، ان «هذه القوى ليست مستعدة للتنازل عن عود ثقاب وليس عن مناصب ومواقع عليا مثل رئاسة الوزراء، رغم أن المرجعية أعلنت بشكل واضح رفضها التزمت واعتماد رأي مكون واحد على حساب باقي المكونات»، مبيناً أنهم «خبراء في تحريف كلام المرجعية بحسب ما يرونه هم وليس طبقاً لمضمون ما صدر عنها»، بحسب تعبير النائب.
وبشأن الخطوات الجارية لحسم مصير المرشح لمنصب رئيس الوزراء، أشار عرب إلى أن «هناك اتفاقاً مبدئياً بشأن ذلك، وقد تشهد الأيام المقبلة تحركاً باتجاه تسمية 
شخصية لهذا الموقع».
أما النائب فاضل جابر، فقال: إن “الظروف السياسية التي مرّ ويمر بها العراق مازال العامل الخارجي فيها يمثل عقبة أساسية أمام اتفاق الكتل على شخصية جديدة ترأس الحكومة المقبلة”، مشيرا الى أن “تلك الضغوط مازالت مستمرة وتعمل في بعض الأحيان بشكل علني وواضح”.
وأضاف، ان “عاملاً آخر قد تسبب في تأخير اختيار شخصية جديدة بديلة لعبد المهدي هو شعور بعض القوى السياسية التي لها نفوذ بأنها قد تفقد مصالحها الحزبية في حال الاتيان بشخصية قوية، رغم أنها تتبجح في العلن بما تقوله المرجعية الرشيدة من نصائح، إلا أنها في الحقيقة لا تراعي تلك النصائح 
جملة وتفصيلاً”.
ويرى النائب عن تحالف الفتح أحمد الكناني، انه “بعد الأحداث الأخيرة والتجاذبات التي تخص انسحاب القوات الأجنبية، نحتاج الى أن تنهي القوى السياسية المعنية هذا الملف”. 
وأضاف الكناني في حديث لـ “الصباح”، ان “خطاب المرجعية الرشيدة كان واضحاً جداً في الرسائل التي قدمتها للسياسيين لإنهاء ملف اختيار رئيس الوزراء، لأن بقاء البلد من دون رئاسة وزراء وبوجود هذه التحديات؛ أمر غير صحيح”، لافتاً الى أن “الكتل متجهة لحسم ملف مرشح رئاسة الوزراء بحلول هذا الأسبوع”، وأضاف، ان “تحالف الفتح لا يتخذ أي قرار إلا عن طريق المشاورات، لذلك فإننا ندعو جميع الكتل السياسية الى أن تكون لهم 
كلمة لحسم الملف”.  
بينما أكد النائب عن تحالف سائرون صباح العكيلي لـ “الصباح”، انه “لا توجد أسماء معينة الى الآن، لذلك أوضح زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر ان (عناد الجماهير سيتسبب بحرج كبير ويجب أن يقف 
عند وقت معين)”.  
وشدد العكيلي، على “أهمية أن يكون المتظاهرون على قدر من المسؤولية، ويعلموا أن التأخير في اختيار شخصية رئيس الوزراء سيهدم الكثير من المشاريع، لذلك ندعوهم الى أن يكونوا أكثر دقة في الاختيار لإرسالها 
الى رئيس الجمهورية”. 
من جانبه، بين المحلل السياسي مناف الموسوي لـ “الصباح”، ان “اختيار مرشح لمنصب رئيس الوزراء صعب، لعدم توافق المكونات السياسية داخل البرلمان، وعدم وجود كتلة أكبر، إضافة الى ضغط الجماهير، وهي مجموعة إشكاليات ليس من السهل اجتيازها”. 
وأكد الموسوي، ان “الكتل السياسية يجب أن تتوحد، لأن العراق يمر بأزمة حقيقية، وهناك خطر خارجي يهدد سيادة البلاد، لذلك يجب أن تكون هناك وقفة حقيقية لاختيار حكومة منتخبة”، وأضاف، انه “على الكتل السياسية أن تتعامل مع الخروقات والتجاوزات التي حدثت من خلال الحكومة المنتخبة”.
ويرى الخبير القانوني بشار الحطاب في حديث لـ “الصباح”، ان “ اختصاصات حكومة تصريف الأعمال التي يقودها رئيس الوزراء المستقيل؛ تحمل في حيثياتها تحقيق هدفين، الأول ضمان الاستمرار في إدارة شؤون البلاد ومرافقها العامة التي ترتبط بتوفير الحاجات الأساسية للمواطنين، والثاني إتاحة الفرصة أمام مختلف القوى السياسية للاتفاق على مرشح يحظى بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب يمكن لرئيس الجمهورية تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة طبقا 
للمادة (76) من الدستور”.
وأضاف، انه “على الرغم من مرور أكثر من شهر على موافقة مجلس النواب على استقالة رئيس الوزراء، إلا أن الالتزام الدستوري مازال يفرض على رئيس الجمهورية أن يمارس دوراً سياسياً يتلاءم مع ضمان العمل بالدستور طبقاً لأحكام المادة (76) منه، والذي يوجب عليه أن يسعى إلى تحقيق تسوية سياسية تنهي الجدال بشأن اختيار رئيس الوزراء الجديد، بما يستوعب متطلبات إصلاح الحياة السياسية انسجاماً مع مطالب الاحتجاجات الشعبية في العراق، وبخلاف ذلك لن تكون أعمال حكومة تصريف الأعمال في مأمن من الطعن بعدم مشروعيتها أمام رقابة القضاء الإداري، لاسيما أن مجلس النواب ينتظر تقديم مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2020 من قبل مجلس الوزراء طبقا للمادة (62) من الدستور، التي لا يمكن لحكومة تصريف الأعمال المضي قدماً بمناقشتها لارتباطها الوثيق مع البرنامج الوزاري للحكومة الجديدة، لما يمثله قانون الموازنة من مرتكز حيوي في النشاط المالي للدولة”.
في سياق ذي صلة، قال الأمين العام للاتحاد الاسلامي لتركمان العراق جاسم محمد جعفر: إن «المباحثات السياسية بين الكتل تتلخص حالياً بشأن إبقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي في السلطة لحين اجراء انتخابات مبكرة». وأضاف، ان «بقية الكتل تحاول اقناع زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر حالياً لإبقاء عبد المهدي في السلطة على أن يجري استبدال 17 وزيراً من حكومته الحالية، فضلاً عن تعهده بإجراء الانتخابات في نيسان أو تشرين الأول المقبلين». 
وأوضح جعفر، ان «رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني غير مقتنع بالأصل في قضية استقالة عبد المهدي، وهو يقاتل بكل قوته من أجل إبقاء عبد المهدي في السلطة». في غضون ذلك، أعلن المكتب الاعلامي لرجل الدين قاسم الطائي، السبت، أن الأخير يدرس إمكانية ترشيح نفسه لرئاسة الوزراء.
وقال المكتب في بيان اطلعت عليه «الصباح»: إن «المرجع قاسم الطائي، يدرس إمكانية الترشيح لرئاسة الوزراء»، مبيناً ان «ذلك جاء بعد تلقيه مطالبات كثيرة من قبل المتظاهرين بالترشيح للمنصب، وخاصة من قبل متظاهرين في محافظة ذي قار».
وأضاف البيان، ان «المتظاهرين بينوا خلال طلباتهم للمرجع ثقتهم به وبقدرته على انتشال البلد من الواقع الحالي»، مشيرا الى ان «الطائي يمتلك برنامجا كاملا لهذه المهمة يتضمن القضاء على الفساد وتقديم جميع الفاسدين من 2003 وحتى الآن للمحاكمة مهما علا شأنهم، كبيرهم وصغيرهم»، 
بحسب تعبير البيان.
وتابع أن «الطائي يرى أن هناك إمكانية أن يعود العراق، إذا كانت هناك قيادة جادة مخلصة وعادلة ولها القدرة على استثمار ثروات العراق لشعبه لا لسياسييه»، لافتاً الى انه «لم يحسم موقفه بعد من هذا الترشيح، لكنه يدرس الموضوع بكل جدية».