حراك دولي للتهدئة بين إيران والولايات المتحدة

الرياضة 2020/01/12
...

 
طهران / محمد يوسف المعرفي  وخولة الجاف  عواصم/ وكالات
 
 
 
 
في إطار التطورات المتسارعة في المنطقة، وصل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في زيارة مفاجئة إلى العاصمة الإيرانية طهران، أمس الاحد، لإجراء مباحثات مع المسؤولين هناك وعلى رأسهم الرئيس حسن روحاني، وتأتي زيارة الأمير تزامنا مع وصول وفود دولية إلى إيران لبحث سبل التهدئة وتخفيف تداعيات الأزمة الحالية بين واشنطن وطهران، في وقت وجهت فيه المملكة العربية السعودية رسالة الى “الجانبين” دعت فيها الى تمكين لغةالحوار، وأن تلعب اليابان دوراً كبيراً في تخفيف التوترات في الشرق الأوسط وأن يكون وجودها بمثابة طوق نجاة لتلك الأزمة.
وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “ارنا” بأن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد الذي وصل إلى طهران صباح أمس، بحث مع الرئيس الإيراني حسن روحاني العلاقات الثنائية وآخر التطورات على صعيد المنطقة والعالم. 
من جانبه، قال الرئيس الايراني حسن روحاني في حديث للصحفيين بعد مباحثاته مع أمير قطر: إن “تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة مهم جدا بالنسبة لإيران”، معتبراً أن “السبيل الوحيد للحفاظ على أمن المنطقة، هو توطيد أواصر الصداقة والتعاون بين الجيران ومنع تدخلات الأجانب”.
وكان وزير خارجية قطر محمد عبد الرحمن آل ثاني قال الأربعاء الماضي: إن “بلاده تتابع عن كثب مستجدات الأحداث في المنطقة العربية، وتسعى للتنسيق مع الدول الصديقة 
لخفض التصعيد”.
الى ذلك، قام وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي بزيارة إلى طهران امس الأحد قبل أن يتوجه إلى السعودية (اليوم الاثنين)، في مسعى للتخفيف من حدّة التوتر المتصاعد في المنطقة عقب مقتل الجنرال في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بطائرة 
أميركية مسيّرة. 
وأفادت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان بأن “التطورات الأخيرة تضر بشكل كبير بالسلم والأمن في منطقة متقلّبة أصلاً وتؤكد الحاجة لبذل جهود فورية وجماعية للتوصل إلى حل سلمي”، وأكدت أن قريشي أبلغ إيران بـ”استعداد باكستان لدعم جميع الجهود التي تسهّل حل الخلافات والنزاعات بالسبل السياسية والدبلوماسية”.
وبعد الاجتماع بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف، سيزور قريشي السعودية اليوم الاثنين لإجراء محادثات مع وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان، وسيزور الوزير كذلك الولايات المتحدة بعد اختتام زيارته إلى طهران والرياض، وفق ما أفاد مصدر في الخارجية الباكستانية. في السياق نفسه توجه رئيس مجلس الوزراء السوري عماد خميس، على رأس وفد رفيع المستوى إلى العاصمة الإيرانية طهران لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأحداث في المنطقة.
وذكرت صحيفة “الوطن” السورية نقلا عن مصادر دبلوماسية أن “وفداً حكومياً رفيع المستوى برئاسة رئيس مجلس الوزراء عماد خميس قام بزيارة أمس الأحد إلى العاصمة الإيرانية طهران، يبحث خلالها مع كبار المسؤولين هناك العلاقات الثنائية بين البلدين والعمل على تعزيزها على الصعد كافة، وكذلك التطورات المتسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية»​​​.
وأضافت الصحيفة أن “الوفد ضم في عضويته نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، ووزير الدفاع العماد علي عبد الله أيوب”.
 
رسالة سعودية
الى ذلك وجهت المملكة العربية السعودية أمس الأحد رسالة إلى الولايات المتحدة الأميركية وإيران، وتحدثت عن «طوق نجاة» للتوتر المتصاعد بينهما.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود في مقابلة مع هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية: “نأمل في أن تلعب اليابان دورا كبيرا في تخفيف التوترات في الشرق الأوسط، وأن يكون وجودها بمثابة طوق نجاة لتلك الأزمة”.
وتأتي تصريحات وزير الخارجية السعودية، تزامنا مع جولة رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي إلى الشرق الأوسط، والتي ستشمل 3 دول يبدؤها بالسعودية، لشرح موقف قوات الدفاع الذاتي اليابانية القادمة إلى الخليج والحصول على تأييد لها من دول الخليج.
وتابع بن فرحان: “نأمل أن يكون هناك قناة تواصل بين جميع الأطراف، لمنع أي تصعيد إضافي للموقف بشأن التوترات المتصاعدة بين إيران وأميركا في منطقة الشرق الأوسط”.
وأضاف أن “المملكة وجهت رسالة إلى جميع الأطراف ودعتهم إلى الامتناع عن أي عمل يثير المزيد من التوترات”، وتحدث وزير الخارجية السعودي عن “طوق نجاة” لتلك الأزمة، وأوضح أنها متمثلة في اليابان.
 
احتجاز سفير
من جانب آخر أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أنها تنتظر تقريرا من قوات الأمن بشأن تفاصيل احتجاز السفير البريطاني في طهران لعدة ساعات خلال مشاركته في احتجاجات بطهران أمس الأول السبت.
ونقلت وكالة «إرنا» الإيرانية الرسمية عن مصادر في الخارجية أن «الوزارة بانتظار تقرير الأجهزة الأمنية بشأن تفاصيل احتجاز وإطلاق سراح السفير البريطاني في طهران روبيرت ماكير»، مؤكدة أنه «تم إبلاغ السفير خلال احتجازه بالاحتجاج على حضوره في التجمع».
وكانت وكالة «تسنيم» الإيرانية أفادت بأن قوات الأمن أطلقت سراح السفير البريطاني لدى طهران، بعد احتجازه لساعات بتهمة «تحريض طلبة تظاهروا دون أذن من السلطات أمام جامعة أمير كبير في العاصمة طهران».
بينما عد وزير خارجية بريطانيا دومينك راب احتجاز السفير روبيرت ماكير في طهران دون أساس أو تفسير « انتهاكا صارخا للقانون الدولي»، بحسب تعبيره، وأضاف ان «الحكومة الإيرانية في لحظة فارقة، بإمكانها الاستمرار في وضع المنبوذ مع كل ما يستتبع ذلك من عزلة سياسية واقتصادية أو اتخاذ خطوات لوقف تصعيد التوتر وانتهاج طريق دبلوماسي مستقبلا». من جانبه نفى السفير البريطاني في إيران مشاركته في التظاهرات المناهضة للحكومة التي خرجت في طهران، ونشر السفير روبيرت ماكير تغريدة على «تويتر» قال فيها: «شكرا على العديد من رسائل النوايا الحسنة. يمكن أن أؤكد أنني لم أشارك في أي تظاهرات! ذهبت إلى حدث تم الإعلان عنه كوقفة من أجل ضحايا الطائرة الأوكرانية المنكوبة».
وتابع: «من الطبيعي أن نرغب في تقديم التحية، بعض الضحايا كانوا بريطانيين، غادرت بعد 5 دقائق، عندما بدأ البعض ترديد الهتافات»، بحسب وصفه.
 
الطائرة الأوكرانية
إلى ذلك، اعتبر رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو أن على إيران أن تتحمل كامل المسؤولية عن إسقاط الطائرة الأوكرانية قرب طهران ودفع تعويضات لأسر ضحايا الحادث، مؤكدا ضرورة إجراء تحقيق شامل.
وقال ترودو في مؤتمر صحفي عقده أمس: إنه “لا تزال لديه أسئلة كثيرة عن إسقاط الطائرة الأوكرانية”، مشددا على ضرورة الحصول على “إجابات واضحة للتأكد من أن الكارثة نجمت حقا عن خطأ». وأشار ترودو إلى أن اعتراف إيران بإسقاط الرحلة “خطوة مهمة”، مضيفا: “نتوقع تعاونا كاملا من قبل السلطات الإيرانية، ويجب إجراء تحقيق شامل في القضية”.
وشدد رئيس الوزراء الكندي على أن إسقاط طائرة ركاب مدنية يمثل “أمرا مرعبا، وعلى إيران أن تتحمل كامل المسؤولية عن الكارثة”، معتبراً أن “دفع إيران التعويضات لأسر الضحايا جزء من الإجراءات التي يجب اتخاذها”.
وأكد ترودو أن “التوتر في المنطقة بسبب التصعيد الأميركي الإيراني ساهم في تحطم الطائرة”، مشددا على أن “النزاعات غالبا ما تؤدي إلى فقدان حياة أناس أبرياء”.
وذكر رئيس الوزراء الكندي أنه طلب من الرئيس الإيراني حسن روحاني “العمل مع كندا والمجتمع الدولي على حلحلة التوترات في المنطقة”، مشيرا إلى “ضرورة التركيز في المرحلة الراهنة على ضرورة الوصول إلى حقيقة ما حدث والحصول على كل الإجابات اللازمة”.
في السياق نفسه، قال قائد‌ الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، في اجتماع مغلق عقده مجلس الشورى الإيراني: “كنت أفضل الموت مع ركاب الطائرة الأوكرانية على أن أكون محرجا اليوم أمام الشعب الإيراني”.
من جهته، أكد رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني في الاجتماع أن “قائد الحرس الثوري اللواء، حسين سلامي، قدم تقريرا بشأن الحادث المؤلم الذي وقع بخصوص الطائرة الأوكرانية”.
وأضاف لاريجاني في تصريحات صحفية أن “الاجتماع المغلق ناقش المشكلات التي أدت إلى ارتكاب خطأ إسقاط الطائرة الأوكرانية، وكلف لجنة الأمن القومي في البرلمان بدراسة الحادث والتحقيق في كيفية سقوط الطائرة وأبعاد ذلك، وكيفية الحيلولة دون وقوع مثل هذه الأحداث مستقبلا”.
وعقد مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) أمس الأحد، اجتماعا مغلقا للبحث في ملابسات حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية بحضور قائد الحرس الثوري وقائد القوات الجوية في الحرس الثوري.
وأعلنت إيران في وقت سابق أمس الأول السبت أن طائرة “بوينغ” الأوكرانية التي تحطمت فجر 8 كانون الثاني الجاري قرب طهران، في كارثة أودت بحياة 176 شخصا بينهم 63 كنديا، أسقطت عن طريق الخطأ بصاروخ أطلقته منظومة إيرانية للدفاع الجوي كانت في حالة استنفار بعد الضربات الصاروخية التي وجهها الحرس الثوري الإيراني، قبل بضع ساعات من الحادث، على أهداف عسكرية أميركية في العراق.
وتحملت قيادة القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني كامل المسؤولية عن الكارثة، بينما وصفها روحاني بأنها “خطأ لا يغتفر”.
 
احتجاجات جديدة
في غضون ذلك أفادت تقارير أجنبية بأن عشرات المحتجين تجمعوا مجدداً خارج جامعة في طهران ورددوا هتافات مناهضة للسلطات العليا، وأضافت التقارير أن عشرات المحتجين الإيرانيين ظهروا في صور على «تويتر» وهم يتجمعون في مدن 
أخرى منها أصفهان.
وأشارت تغريدات على “تويتر”، بحسب وكالة “رويترز”، إلى أن عشرات المحتجين احتشدوا لليوم الثاني على التوالي في إيران أمس الأحد، مرددين هتافات مناهضة للسلطات في أعقاب إقرار الجيش بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية عن طريق الخطأ بعدما ظل لأيام ينفي مسؤوليته.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية رسمية، بخروج احتجاجات مساء السبت بعد قليل من إقرار الجيش بإسقاط الطائرة الأوكرانية واعتذاره، وهتف المحتجون الذين احتشدوا في شارع أمام جامعة في طهران: “يكذبون ويقولون إن عدونا أميركا، عدونا هنا”، وتجمع المحتجون في مدن أخرى أيضا.