ترقب عراقي لتنفيذ خطوات الاتفاقية مع الصين

العراق 2020/01/13
...

بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب 
 
على الرغم من انشغال الشارع العراقي بالعديد من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، إلا أن الحديث عن الاتفاقية مع الصين ونتائجها وآثارها بين مؤيد بشدة وداعم لتنفيذها باعتبارها سبيلاً لإنقاذ البلاد والنهوض بها بكل القطاعات، وبين منتقد للاتفاقية لعدم وضوح تفاصيلها بصورة رسمية ومعلنة، "الصباح" استطلعت آراء مجموعة من النواب والخبراء في الشأن الاقتصادي لمعرفة الآثار الإيجابية والسلبية لتطبيق الاتفاقية مع الصين.
يقول عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية نوفل الناشئ لـ "الصباح": إن "الاتفاقية العراقية الصينية تتضمن شقين، شق نتعامل معه بإيجابية، والآخر سلبي، أما الإيجابي فهو ان الاتفاقية ستنهض بالعراق لما لها من خصوصية في التعامل مع القطاعات العراقية، والسلبي ان الولايات المتحدة الأميركية لا يمكن أن تسمح بدخول الاتفاقية حيز التنفيذ". 
وبين الناشئ، أنه "في حال تنفيذ الاتفاقية، فإنها ستنقل الوضع العراقي من حالة الى حالة أخرى متفوقة وعصر جديد من التكنولوجيا والقضاء على البطالة، وسيشمل التغيير كل القطاعات الصناعية والزراعية".
وأضاف، ان "مدة الاتفاقية تصل -وحسب مطالبات الجانب الصيني- الى 50 عاماً، وذلك للنهوض بالعراق نهضة حقيقية"، مؤكداً ان "أثر توقيع العراق للاتفاقية مع الصين، كان سلبياً على الجانب الأميركي، ما دفع واشنطن إلى محاولة إيقاف الاتفاقية وانهاء العمل بها 
أو تأخيرها". 
وأشار النائب الناشئ، إلى أن "أهم القطاعات الصناعية والتي ستنهض بشكل يواكب التطورات العالمية، هو القطاع النفطي وسيكتمل بناء خطوط مد الانابيب من العراق الى الأردن، وكذلك إحياء الانبوب العراقي السوري، وهناك استكشافات نفطية جديدة". 
 
تحرير من القيود
من جانبه، بين عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية عامر الفايز في حديث لـ "الصباح"، أن "بدء العمل بالاتفاقية العراقية الصينية وعلى المستوى الدبلوماسي، سيحرر العراق من قيود دول محددة، وسينفتح على الصين والعالم، وسيتحرر من بعض الدول التي تحاول أن تحتكر الاقتصاد العراقي، وسيمتلك البلد، قراره السيادي، ويعزز تحرير الاقتصاد العراقي من هيمنة الدول الكبرى". 
أضاف الفايز، ان "اللجنة بكل مكوناتها، تدعم الاتفاقية لأنها ستصب في الصالح العام لما فيها من فوائد وإنعاش اقتصادي للبلد، إضافة الى تعزيز القوة الاقتصادية للعراق، وسينعكس تطبيقها إيجاباً على الأوضاع السياسية والأمنية والمجتمعية، وستؤمن العمل للأيدي العاملة لسنوات عديدة". 
وأشار النائب، إلى أن "الاتفاقية المبرمة مع الصين، تعد من الاتفاقيات المهمة والتي سيحاول العراق من خلالها النهوض بالقطاعات المختلفة على مستوى العراق كله، من المحافظات المحررة الى محافظات الوسط والجنوب، والنهوض بالقطاعات المجتمعية ومنها التعليم والصحة والزراعة والصناعة، إضافة الى قطاع السكن"، مبيناً ان "الاتفاقية تعتمد على النفط بدل أن يسدد العراق الأموال (بالدولار)، حيث سيكون بدل ذلك لكل يوم 100 ألف برميل نفط كبدل مالي للمشاريع بحسب أهميتها وستراتيجيتها، أما عن مدة الاتفاقية فستعتمد على حجم إنجاز المشاريع". 
 
اتفاقية ستراتيجية
الخبير الاقتصادي أسامة التميمي، يرى أنه "برغم كل الاحداث السياسية الجارية بشأن شكل الحكومة المقبلة ومطالبات المتظاهرين، يبقى الاتفاق بالإجماع بين جميع الأقطاب السياسية بشأن الاتفاقية الستراتيجية مع الصين، لأنها ستمثل الإرادة الحرة للتخلص من جميع القوى العظمى في العالم التي تحاول الهيمنة على المشاريع الكبرى في العراق، على اعتبار أن العراق يحتاج الى البنى التحتية الستراتيجية". 
التميمي أكد في حديث لـ "الصباح"، ان "الاتفاقية تتضمن جوانب عديدة وإيجابية، وهي الأولى من نوعها في العالم، لأنها تشمل كل القطاعات، وستنعكس إيجاباً على الداخل العراقي، وتحد من الفساد المالي والإداري، لأن الشركات الصينية ستنفذ بشكل مباشر وتتسلم بالمقابل النفط على شكل دفعات نفطية وحسب أسعار النفط العالمية وتسجل أقيامها وأثمانها". 
مضيفا، أن "الاتفاقية ستكون شاملة، وتأخذ بنظر الاعتبار كل احتياجات البنى التحتية للشعب العراقي، بما فيها قطاعات الصحة والتعليم والزراعة والصناعة، وسيكون لها أثر كبير وواسع على تشغيل الأيدي العاملة في البلاد، وإذا ما نفذت الاتفاقية بشكل صحيح وسريع، فإن العراق سيحتاج الى اياد عاملة إضافية مستقطبة من الخارج". 
ولفت الخبير الاقتصادي، إلى أن "العمل وفق الاتفاقية؛ سيكسب العراق سوقا نفطية ثابتة تصل الى 300 ألف برميل نفط يومياً لمدة 20 عاما، ولن تؤثر في حصة العراق من السوق النفطية العالمية، وسيشعر المواطن أنه تحرر اقتصادياً، وتعد من أهم أسباب استقلالية الدولة، وستعزز ثقة المواطن بها"، مشيراً إلى أن "الاتفاقية لن تؤثر في ميزانية العراق المالية، والتي يستطيع أن يستغلها في أمور تنموية أخرى". 
وأضاف، ان "الاتفاقية ستجعل العراق يواكب التكنولوجيا العالمية واكتساب الخبرات من خلال وسائل ومصانع حديثة عالمياً، وستنتقل هذه الخبرات الى الأيدي العاملة العراقية، وهي خبرات إضافية لم يحصل عليها العراق سابقاً"، لافتاً الى أن "العمل بالاتفاقية لن يجعل على العراق أي التزامات وستكون بدون أثمان مالية، وإنما ستجهز كل المشاريع وفق الاتفاقية على مدى 20 عاماً". 
وأكد التميمي، ان "على العراق أن يجد ستراتيجية اقتصادية وسياسية وعسكرية وأمنية - بغض النظر عن الحكومة وشكلها أو رئيس الوزراء ولأي حزب ينتمي -، وهو ما سيجعل العراق بلداً متقدماً حاله حال الدول المتقدمة التي تعتمد على الستراتيجيات كرؤى مستقبلية تصل الى 25 أو 50 سنة وبغض النظر عن الحكومات وتشكيلها"، مبيناً ان "العراق افتقد الى هذه الخطط منذ عام 1958، بينما كانت هذه الخطط الستراتيجية موجودة في العهد الملكي ومنها مجلس الاعمار وغيرها، والذي يثبت الستراتيجية بغض النظر عن بقاء الحكومة أو لا، ويستمر من خلال الحكومة تلو الأخرى، وتستكمل المشاريع بما يؤمن مستقبل أفضل للمجتمع".
 
انتقادات وسلبيات
في المقابل، دعا رئيس كتلة "بيارق الخير" البرلمانية النائب محمد الخالدي، الحكومة الى إرسال مسودة العقود التي أبرمت مع الصين خلال زيارة رئيس مجلس الوزراء "المستقيل" عادل عبد المهدي، قبل المضي بتفعيلها.
وقال الخالدي في حديث صحفي: إن "هناك الكثير من اللغط بشأن الاتفاقية الصينية والبدء بتفعيلها، كما ان هناك طروحات عديدة عن فائدتها وكأنها المنقذ الوحيد للعراق وحبل النجاة لتحويل البلد الى مصاف الدول المتقدمة"، مضيفاً، "نتحدى كل من يتحدث عن الاتفاقيات التي أبرمت مؤخرا مع الصين أن يخبرنا عن مضمونها أو تفاصيلها، فهي ما زالت مخفية ولم يتم إرسالها الى البرلمان للاطلاع عليها".
وأضاف، ان "حالة الغموض التي أحاطت بتلك الاتفاقيات، وعدم الاعلان عن مضمونها أمام السلطة التشريعية، يجعلنا نضع عشرات علامات الاستفهام عن مضمونها ومدى نزاهة تفاصيلها"، مشدداً على اننا "لا نريد التشكيك بأي شخص أو طرف، كما اننا لا نريد أن نكبل العراق باتفاقية اقتصادية -ما أنزل الله بها من سلطان- كرد فعل سياسي غير محسوب النتائج، لأننا في دولة مؤسسات وقانون وينبغي عدم التعامل مع الأمور بمزاجية أو اجتهاد شخصي من هذا الطرف أو ذاك".
ودعا الخالدي الحكومة، الى "إرسال الاتفاقيات الى مجلس النواب قبل تفعيلها أو المضي بتنفيذها للاطلاع على تفاصيلها ومدى جدواها الاقتصادية، خاصة ان هناك أحاديث هنا وهناك بوجود فائدة على القروض المعدة لانجاز المشاريع والتي تضمنتها العقود تصل الى 6 بالمئة - وهو فارق كبير جداً في حال كانت تلك الأرقام حقيقية - عن الأرقام المقدمة من شركات عالمية والتي لم تتجاوز فوائدها الـ 2 بالمئة".
إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن المشهداني: إن "زيارة رئيس الوزراء (المستقيل) عادل عبد المهدي العام الماضي إلى الصين، لم تشهد توقيع الاتفاقية بين الجمهوريتين العراقية والصينية، بينما وقع الجانبان على مذكرة تفاهم فقط وفق ما ورد إلينا من معلومات بهذا الشأن".
وأضاف، أن "هناك فرقاً بين المذكرة والاتفاقية، وتوقيع الاتفاقية يعني أن الطرفين اتفقا مسبقاً على الخطوط العامة وجميع التفاصيل التي تخص المشاريع الكبيرة والبنى التحتية في عموم العراق والتي روج لها الإعلام خلال الأيام الماضية"، لافتاً إلى أن "مذكرة التفاهم تعني الحاجة إلى توقيع اتفاقية جديدة يعقب توقيع المذكرة بين طرفين، مما يدل على أن العراق والصين لم يوقعا اتفاقاً خلال زيارة عبد المهدي إلى بكين".
وبين المشهداني، أن "الخطوط العامة للاتفاقية التي تحدثت عنها الحكومة لم توضح للعلن، بينما امتنع المستشارون والوزراء والمحافظون عن الإدلاء بأي تصريح يخص هذه الاتفاقية"، مؤكداً أن "الموضوع يعد سياسياً وليس اقتصادياً بسبب الظروف التي تمر بها البلاد".
الخبير الاقتصادي قال: إن "تعميم رئاسة الوزراء الأخير والذي يطلب من المحافظات والوزارات تقديم المشاريع التي تحتاجها والتكاليف، يؤكد الرواية التي تقول: إن المحافظين لم يعلموا أسباب الزيارة"، مبيناً أن "المحافظين تفاجؤوا بوجود اتفاقية بشأن المشاريع والبنى التحتية".
وكان مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي قد وجه مؤخراً، اعماماً إلى جميع الوزارات والمحافظات بشأن تنفيذ الاتفاقية العراقية- الصينية.
وذكرت وثيقة صادرة عن مكتب عبد المهدي اطلعت عليها "الصباح"، أن "الاعمام يأتي بهدف متابعة الاتفاق العراقي- الصيني ولتحديث البيانات الخاصة بالمشاريع أو إضافة مشاريع أخرى".
وأضافت: "يرجى تزويدنا بمشاريع البنى التحتية الأساسية ذات العلاقة وبكشوفات تفصيلية دقيقة، على أن تتضمن مشاريع المدارس والمستشفيات والطرق والجسور وخدمات الماء والمجاري وأي مشاريع أخرى".
جدير بالذكر، ان النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي دعا الأسبوع الماضي، إلى ضرورة المضي بتنفيذ الاتفاقيات العراقية- الصينية التي أبرمتها الحكومة الحالية في بكين من الآن، لاسيما وانها توفر فرصاً كبيرة لإعمار العراق، مؤكدا تعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية لوضع جميع الإجراءات المتعلقة بالاتفاق حيز التنفيذ، وتسهيل دخول الشركات الاستثمارية الكبرى إلى البلاد.