الطرق سالكة في بغداد والمحافظات
العراق
2020/01/20
+A
-A
بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب/ المحافظات/ جنان الأسدي - حسن شهيد العزاوي
تصوير / علي الغرباوي
عادَ الهدوءُ إلى العاصمة بغداد ومعظم مدن الوسط والجنوب عقب فتح الطرق التي أغلقها بعض «المحسوبين» على التظاهرات السلمية بالإطارات المشتعلة والحواجز، حيث قامت قواتنا الأمنية ببغداد باعتقال مجموعة من «العناصر العنيفة» التي عمدت منذ أمس الأول الأحد إلى قطع الطرق خصوصاً «محمد القاسم والقناة وسريع الدورة» في بغداد، وبينما أكد الناطق الحكومي لـ «الصباح» التزام الحكومة بجانبين هما الحفاظ على سلامة المتظاهرين السلميين وكذلك فرض القانون والحفاظ على حياة المواطنين وسلامتهم من أي اعتداء أو تخريب وضمان أمنهم وحريتهم، عبر زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر عن دعمه لإجراءات الحكومة بالتصدي لأعمال الشغب والتخريب.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة سعد الحديثي لـ «الصباح»: إنه «كانت للحكومة اجراءات قبل أن تستقيل، وما زالت تطبق هذه الاجراءات في ما يخص القضايا المعيشية والخدمية والوضع الاقتصادي، إضافة الى المباشرة بتنفيذ مطالب المتظاهرين وقسم منها أخذ مداه الى التطبيق».
وأضاف، أن «الحكومة حريصة على احترام القانون وفرض النظام واستمرار العمل في مؤسسات الدولة المختلفة، وضمان المصالح العامة للمواطنين وعدم قطع الطرق العامة، لأنها ستلحق ضررا بمصالح المواطنين، وهو جزء من التزامها».
وبين الحديثي، ان «الحكومة تسعى لتوفير أجواء التظاهر السلمي للمتظاهرين السلميين، وفي الوقت نفسه تضمن حقوق المواطنين الآخرين في انتظام سير العمل في المؤسسات والدوائر الحكومية المختلفة والمدارس والجامعات والمراكز التجارية، لأن هناك قطاعا كبيرا من المواطنين يتعاطون مع هذه المراكز، لذلك تضمن الحكومة حق الوصول إليها والتبضع منها واستمرارية الرزق اليومي للكسبة الذين يعملون فيها».
وأشار المتحدث الحكومي، إلى «وصول مناشدات من شرائح اجتماعية عديدة، تدعو لقيام الحكومة والقوات الأمنية في الحفاظ على انسيابية حركة المرور في بغداد وبقية المحافظات، وهو جزء من التزامها وهي تعمل على تنفيذه بما يضمن عدم إلحاق الضرر بأي من المواطنين؛ سواء كان من المتظاهرين السلميين أو بقية المواطنين الذين يمارسون حياتهم الطبيعية بشكل معتاد».
في سياق متصل، أكد المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء الركن عبد الكريم خلف، أن مجلس الأمن الوطني خول القوات الأمنية باعتقال من يقوم بقطع الطرق وغلق الدوائر، ودعا خلف، «المتظاهرين الى الالتزام بساحات التظاهر التي تم تأمينها وعدم الخروج الى الطرقات وقطعها لتجنب الاعتقالات».
من جانب آخر، أشار النائب عن تحالف الفتح أحمد الكناني إلى أن أبرز إجراء يمكن أن يتخذه البرلمان بخصوص التهدئة وتدارك التصعيد في التظاهرات، هو «الاتفاق على إعلان اسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء من قبل رئيس الجمهورية بعد اتفاق الزعامات السياسية».
وأضاف الكناني لـ «الصباح»، إن «الحراك بين الزعامات السياسية (العامري والسيد الصدر) في الاسبوع الماضي، هو اتفاق لحسم ملف التكليف لمنصب رئيس الوزراء، لكن التأخير كان من قبل رئيس الجمهورية».
النائب عن تيار الحكمة أسعد المرشدي أكد في حديث لـ «الصباح»، أن «مجلس النواب أكمل كل الإجراءات الخاصة بمطالب المتظاهرين من قوانين وغيرها، لذلك يبقى على الحكومة أن تتخذ الاجراءات بعد انتهاء مهلة المتظاهرين والحفاظ على الأمن وحماية المتظاهرين السلميين».
وأضاف المرشدي، أن «قطع الطرق والحرق يعدان من الأعمال التخريبية ولا يمثلان المتظاهرين السلميين»، مبيناً انه «على مجلس النواب أن يجتمع الاسبوع المقبل للاتفاق على تسمية مرشح لمنصب رئيس الوزراء».
وبين ان «تسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة، يحتمان على المتظاهرين أن يعطوا فرصة للحكومة في معالجة الواقع والتحضير لانتخابات مبكرة»، لافتاً إلى أن «التفاهمات توصلت الى أن يتوافق رؤساء الكتل السياسية على اسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء على ألا يظهر للإعلام، وأن يكون متوافقا عليه بعيداً عن الأحزاب السياسية».
السيد الصدر والأمم المتحدة
إلى ذلك، قال زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، في تغريدة على حسابه في «تويتر»: « أحترم قرار التصعيد الذي اتخذه الثوار، واتمنى أن يلتزموا بالسلمية وعدم الإضرار بأمن الشعب وتعريض البلاد لحرب أهلية طاحنة».
وأضاف، «احترم قرار الحكومة (إن وجدت) في التصدي للمخربين وأعمال الشغب، لكن يجب التمييز بين السلميين والمخربين، كما يجب عدم زج الحشد الشعبي في التصدي لهم فهذا يسيء لسمعتهم».
وشدد السيد الصدر، على «الإسراع في اختيار مرشح غير جدلي وتقديمه إلى رئيس الجمهورية ليتم تكليفه بتشكيل حكومة، وكفاكم أيها السياسيون مماطلة وكفاكم صراعاً من أجل المغانم فشعبكم وعراقكم في خطر»، مبيناً أن «أمنيتنا الإصلاح والسيادة.. لا شرقية ولا غربية.. ثورة ثورة إصلاحية».
إلى ذلك، شددت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، على ضرورة أن تبقى التظاهرات سلمية.
وقالت بلاسخارت في بيان: انه «في الأشهر الأخيرة، خرج مئات الآلاف من العراقيين من جميع مناحي الحياة إلى الشوارع للتعبير عن آمالهم في حياةٍ أفضل، خاليةٍ من الفساد والمصالح الحزبية والتدخل الأجنبي»، مبينة إن «مقتل وإصابة متظاهرين سلميين إلى جانب سنوات طويلة من الوعود غير المُنجزة قد أسفر عن أزمة ثقةٍ كبيرة».
وأكدت، «من الواضح أن التصعيد الأخير في التوترات الإقليمية قد أخذ الكثير من الاهتمام بعيداً عن العمل المحلي العاجل غير المُنجَز»، مشددة على ضرورة أن «لا تطغى التطورات الجيوسياسية على المطالب المشروعة للشعب العراقي، فلن يؤدي ذلك إلا إلى المزيد من غضب الرأي العام وانعدام الثقة».
وحثت الممثلة الخاصة «السلطات العراقية على بذل قصارى جهدها لحماية المتظاهرين السلميين»، كما دعت «المتظاهرين إلى الالتزام بالسلمية، وتجنب العنف الذي يؤدي إلى نتائج عكسيةٍ وتدميرٍ للممتلكات».
أوضاع بغداد
بالحديث عن الأوضاع في العاصمة بغداد، أفاد بيان لخلية الاعلام الأمني، تلقت “الصباح” نسخة منه، بأن “قيادة عمليات بغداد فتحت جميع الطرق في بغداد التي حاولت المجاميع العنيفة غلقها”، وأعربت الخلية عن شكرها لـ”جهود المتظاهرين السلميين الذين ساهموا ودعموا القوات الأمنية في فتح جميع الطرق ومنع غلقها”.
وأوضح البيان، أن “أغلب مناطق العاصمة بغداد تشهد حركة طبيعية وانسيابية في السير، إضافة إلى أن الوضع الأمني في المحافظة مستقر وحركة الموظفين طبيعية، حيث لا يوجد قطع للشوارع الرئيسة”.
وأضاف، أن “مدينة الدورة وشوارعها الرئيسة والفرعية مستقرة وتشهد انتشاراً أمنياً مكثفا”، مؤكداً أن “جسر الجادرية وسريع الدورة وشارع المطار جميعها مفتوحة أمام حركة المركبات”، وتابع أن “مدخل منطقة الخضراء من جهة القادسية مفتوح أيضا”.
بدورها، حذرت قيادة عمليات بغداد، من “تغلغل” المجاميع التي تحاول إثارة العنف داخل ساحة التظاهر.
وقالت القيادة في بيان تلقت “الصباح” نسخة منه: إنها “تؤكد التزامها الكامل بتوجيهات رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة في حماية المتظاهرين السلميين وتأمين ساحة التظاهر الرئيسة في بغداد (ساحة التحرير) والمناطق المحيطة بها””.
وأهابت القيادة بـ “المتظاهرين السلميين كافة بالابتعاد عن الاحتكاك مع القوات الأمنية، ومنع المجاميع التي تحاول إثارة العنف من التغلغل داخل ساحة التظاهر”.
وجددت القيادة “شكرها وتقديرها العاليين للتعاون الكبير الذي ابداه المتظاهرون السلميون مع القوات الامنية طيلة ليلة الأحد وصباح أمس الاثنين، من مكافحة غلق الشوارع ورفض جميع مشاهد العنف وخرق القانون”.
وأفادت قيادة عمليات بغداد في بيان آخر، بأن “مجموعة خارجة عن القانون حاولت في تمام الساعة الثامنة والنصف (صباح أمس الاثنين)، قطع طريق أسفل جسر 600 على سريع محمد القاسم في منطقة الصليخ”.
وأضافت، ان “القوات الأمنية توجهت الى المكان وأعادت افتتاحه”، مشيراً الى أنها “ألقت القبض على هذه المجموعة وأحالت أفرادها على القضاء”.
كما كشفت قيادة العمليات، عن إصابة 15 ضابطا بينهم آمر اللواء الثالث في الفرقة الأولى بالشرطة الاتحادية بعد اعتداء متظاهرين عليهم وسط العاصمة بغداد.
وقالت القيادة: إنه “اثناء تأدية قواتنا الأمنية واجباتها لحماية المتظاهرين وتأمين مدخل ساحة التحرير من تقاطع قرطبة، أقدمت مجموعة من مثيري العنف على تخريب أرصفة الشوارع واقتلاع الحجر المقرنص ورمي القوات الأمنية به، وقد أدى هذا الفعل الى جرح 14 ضابطاً، حيث كانت إصابتهم في الرأس”.
وأضافت عمليات بغداد، أن “آمر اللواء الثالث في الفرقة الاولى بالشرطة الاتحادية تعرض الى كسر ساق قدمه اليسرى، وتم نقلهم للمستشفيات القريبة”، مؤكدة أنه “رغم هذه الأفعال استمرت قواتنا بضبط النفس ومتابعة واجباتها الامنية المكلفة بها”.
موقف المحافظات الأمني
وإلى الموقف الأمني في محافظات الوسط والجنوب، حيث أصدرت قيادة شرطة ذي قار، توضيحاً بشأن إطلاق نار حدث ليلة الأحد/الاثنين في صوب الجزيرة، مشيرة إلى أن مسلحين أطلقوا النار على المتظاهرين وأصابوا عدداً منهم.
وقال بيان للشرطة تلقته “الصباح”: إن “قائد شرطة ذي قار وجه مزيدا من القوات لدعم ومساندة القوة المرابطة بالقرب من مكان الحادث، حيث تمت مطاردة السيارات عدد (3) نوع (بيك اب) والتصدي لهم”. وأضافت، أن “قوة من شرطة النجدة توجهت لنقل المصابين من المتظاهرين للمستشفى لغرض التداوي والذين تعرضوا لإطلاق نار أثناء تواجدهم على أطراف الجسر السريع في صوب الجزيرة من مدينة الناصرية”. وأكد البيان، أن “المتظاهرين أفادوا بأن العجلات المشتبه بها أطلقت النار عليهم ولاذت بالفرار حال وصول الشرطة”، مبينة أن “الجهات الأمنية المختصة تواصل إجراء البحث والتفتيش والتحري وجمع المعلومات للتحقيق والكشف عن الجناة”.
وتابعت قيادة الشرطة ان “المتظاهرين المعتصمين في ساحة الحبوبي بمأمن تام، ويوجد تعاون وتواصل بين المتظاهرين والقوات الامنية لقطع الطريق أمام المتربصين والمغرضين، ولا صحة لما تداول في بعض شبكات التواصل الاجتماعي والقنوات الاعلامية بشأن تعرض ساحة الحبوبي لهجوم أو اعتداء من أي جهة كانت”.
وفي البصرة، شهدت المحافظة انتشاراً أمنياً في مركزها، كما تم قطع الطرق المؤدية إلى ميناء خور الزبير وميناء أم قصر ومنع الموظفين من الدوام، ومنعت مجموعة من العناصر المندسة الموظفين من الوصول الى مديرية التربية في البصرة.
كما شهدت المثنى في ساعات الصباح الأولى أمس، حرقاً للإطارات في الشوارع الرئيسة والتقاطعات، فضلاً عن غلق جسر المفوضية وحرق إطارات في شوارع الرميثة وقضاء الخضر، وشهدت محافظة النجف قطوعات في أغلب الطرق الرئيسة وحرق للإطارات، فضلاً عن غياب الدوام الرسمي لأغلب دوائر المحافظة.
أما في محافظة كربلاء، فقد أشارت مصادر محلية إلى أن “الأوضاع الأمنية مستقرة، وهناك انسيابية في حركة السير مع استمرار التظاهر السلمي”، بينما شهدت محافظة الديوانية، قطعاً للطرق وحرقاً للإطارات في جميع مداخل المدينة، إضافة الى انتشار أمني مكثف للقوات الامنية.
وأكدت قيادة عمليات الفرات الأوسط، أن الوضع الامني في محافظتي كربلاء المقدسة وبابل تحت سيطرة القوات الأمنية، وقال مدير اعلام القيادة العميد فاهم الكريطي: إن “القوات الامنية بمختلف تشكيلاتها تنتشر بشكل مكثف في محافظتي كربلاء وبابل، والوضع الامني تحت السيطرة وليس هناك ما يثير القلق”.
واضاف الكريطي، ان “قيادة العمليات وبعد إغلاق عدد من الطرق في المحافظتين، بدأت بالتفاوض مع المتظاهرين لافتتاحها من دون إحداث فوضى واللجوء الى التهدئة”.
وفي محافظة بابل، لم تشهد المحافظة قطعاً للطرق داخل مدينة الحلة باستثناء مجسر الثورة، وذلك بعد إعلان عطلة رسمية في المحافظة لجميع مؤسسات الدولة باستثناء الخدمية منها، إلا أن متظاهرين قاموا بقطع الطرق الخارجية التي تربط مدينة الحلة بالأقضية والنواحي.
وقدم اتحاد نقابات بابل ورقة عمل الى الحكومة المحلية متضمنة إجراءات إصلاحية تنهض بواقع المحافظة وتلبي مطالب المتظاهرين .
وكشف نقيب الصحفيين فرع بابل علي الربيعي في تصريح لـ “الصباح”، عن أبرز ما جاء في ورقة العمل، ومن بينها إعفاء المسؤولين الذين جاؤوا عن طريق المحاصصة في المحافظة، وتكليف بدلاء من الموظفين بتلك الدوائر المشهود لهم بالكفاءة والخبرة والنزاهة واعتماد خطة عمل دورية تكون سنوية أو نصف سنوية أو موسمية أو شهرية حسب طبيعة العمل من قبل الدوائر وتقدم للمحافظة وتعد خارطة عمل لتجنب القرارات الارتجالية.
وفي السياق نفسه، شهدت محافظة واسط هدوءاً مع فتح أغلب الطرق المهمة في المحافظة، الى جانب انتشار أمني للقوات الأمنية.
وأعلن ناشطون مدنيون في ساحة التظاهرات بالكوت التصعيد بالتظاهرات مع الالتزام بسلميتها، معبرين عن استنكارهم لعمليات حرق الاطارات المستعملة في الشوارع والتقاطعات الداخلية بالمدينة، مؤكدين أن كل من يقوم بهذه العمليات «لا ينتمي للمتظاهرين السلميين».