عودة الحياة الطبيعية إلى قلب بغداد ومحافظات الجنوب
العراق
2020/01/25
+A
-A
بغداد / الصباح محافظات /حازم محمد حبيب حسن شهيد العزاوي
شهدتْ العاصمةُ بغداد ومحافظاتُ الوسطِ والجنوب منذ ساعات الفجر الأولى أمس السبت، إعادة فتح أغلب الطرق والجسور المغلقة منذ قرابة 4 أشهر، بعد انسحاب اعداد من المتظاهرين من ساحات التظاهر ورفع الخيام المنصوبة هناك، حيث بدأت القوات الأمنية والجهات الساندة بعملية إزالة الحواجز الكونكريتية في ساحتي الطيران والخلاني وسريع محمد القاسم وجسر الأحرار ببغداد، كما شملت الإجراءات انتشار القطعات الأمنية في ساحات التظاهر في كربلاء والبصرة وواسط والديوانية وغيرها من المدن التي شهدت منذ تشرين الأول من العام الماضي احتجاجات وتظاهرات تخللتها أعمال عنف بعد اختراق “مندسين” سقط ضحيتها عدد من المتظاهرين والقوات الأمنية شهداء وجرحى.
وعلى الرغم من انسحاب اعداد من المتظاهرين صباح أمس من ساحات التظاهر، غير ان ساعات المساء شهدت توافد اعداد كبيرة من المتظاهرين السلميين الى ساحة التحرير في بغداد.
قيادة عمليات بغداد أعلنت في بيان أمس، افتتاح جسر الأحرار وساحتي الطيران وقرطبة وسريع محمد القاسم بشكل كامل، كما تم افتتاح ساحة الخلاني ورفع الكتل الكونكريتية حولها، ولفت البيان الى أنه “تم تنظيف ساحة الطيران وشارع النضال وساحة قرطبة وإعادة افتتاحهم أمام حركة العجلات بشكل دائم”.
وباشرت ملاكات أمانة بغداد، حملة لتنظيف وغسل جسر الأحرار بعد رفع الحواجز الكونكريتية عنه وإعادة فتحه من قبل القوات الأمنية. بدوره، قال السكرتير الشخصي للقائد العام للقوات المسلحة الفريق الركن محمد حميد البياتي: إن “عمليات وأمانة بغداد تبذلان جهوداً مشتركة برفع الحواجز والعوائق أمام حركة المواطن والعجلات”، وأضاف، أنه “تم فتح جسر الأحرار، وسيتم فتح جسر
السنك”.
مدير العلاقات والاعلام في مديرية المرور اللواء عمار وليد، أكد أن “الأجهزة الأمنية والخدمية، نجحت في افتتاح جميع الطرق في شارع الرشيد وحافظ القاضي ومحمد القاسم وجسر الأحرار”.
وأضاف، إن “فتح تلك الطرق أدى الى إنهاء الزخم المروري الشديد بعد قطعها من قبل متظاهرين خلال الأشهر الماضية وسينشط العمل التجاري في قلب بغداد”، وأوضح، أن “المرور تخطط لفتح جسري السنك والجمهورية خلال المرحلة المقبلة لإنهاء الزخم المروري في جميع شوارع بغداد”.
من جهتها، أعلنت قيادة العمليات المشتركة، أنها ستعمل على تعويض المتضررين من أحداث التظاهرات في منطقة الشورجة.
وقال الناطق باسم القيادة اللواء تحسين الخفاجي: إن “هناك لجنة مشكلة لتعويض المتضررين من التجار وأصحاب المحال التجارية في منطقة الشورجة”، مؤكداً “العمل على تعويض جميع المتضررين خلال الفترة المقبلة”.
وأضاف الخفاجي، أن “القوات الأمنية ستعمل على دعم أصحاب المحال التجارية في العودة الى مزاولة أعمالهم بشكل طبيعي”، مؤكداً “عودة الحياة الى طبيعتها”.
انسحاب أنصار التيار الصدري
ساحات التظاهر ببغداد والمحافظات، شهدت منذ ليلة الجمعة/السبت، انسحاب الآلاف من أنصار التيار الصدري ورفعوا الخيام المنصوبة منذ تشرين الأول من العام الماضي، وكشف قياديون في التيار الصدري عن أسباب الانسحاب من ساحات التظاهر.
القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، أفاد لوكالة الانباء العراقية “واع” بإن “الكثير من سرايا السلام وأتباع التيار الصدري وأصحاب الدعم اللوجستي وخيم تقديم المؤونة والغذاء عندما يرون السيد الصدر غير داعم للتظاهرات، فحتماً سيبدؤون بالانسحاب من ساحات التظاهر”، مؤكداً أن “تغريدة السيد الصدر الأخيرة فيها عتب على بعض المتظاهرين في ساحة التحرير والساحات الأخرى في المحافظات”.
وأشار الزاملي الى أن “السيد الصدر أكد أنه سوف (لن يتدخل بالتظاهرات لا بالسلب ولا بالإيجاب حتى يراعوا مصير العراق)، ما يعني أنه من الآن لن يتدخل بالمتظاهرين حتى يراعوا مصلحة العراق”.
من جانبه، أكد النائب عن تحالف سائرون غايب العميري، لوكالة الانباء العراقية “واع” أن “هناك ثلاث رسائل قد وجهها السيد الصدر من خلال تغريدته الأخيرة، أبرزها تتضمن الشكر والثناء لكل عراقي رافض لوجود القوات الأجنبية على الأراضي العراقية، وعلى رأسها القوات الأميركية”، لافتاً الى أن “السيد تفاخر بظهور العراقيين المخلصين المنددين بوجود المحتل والمطالبين بخروجه”.
وأضاف أن “الرسالة الثانية التي تضمنتها تغريدة الصدر تتمثل بعتبه على بعض متظاهري ساحة التحرير والساحات الأخرى في المحافظات، لمن شكك بالتظاهرة وبدعوة الصدر الى التظاهرة المليونية”، مبيناً أن “الجميع يعلم أن الصدر عراقي وقراره عراقي، لذلك هذا التشكيك ليس بمحله”.
ودعا العميري، “المتظاهرين الى مراعاة المصلحة العراقية العامة”، مشيراً الى أن “تظاهرة الجمعة كانت تخص السيادة العراقية، ولا نعلم سبب عدم رضا المتظاهرين والطعن بالتظاهرات وبقرار السيد الصدر”.
وأوضح أن “الرسالة الثالثة التي حملتها التغريدة كانت شديدة اللهجة الى السياسيين ودعوتهم الى الإسراع بتشكيل حكومة مستقلة خلال الفترة القريبة المقبلة، وإلا فإنه سيعلن براءته من كل سياسي”.
بدوره، أكد المتحدث باسم سرايا السلام الشيخ صفاء التميمي، عدم وجود توجيه للمتظاهرين والمعتصمين بالانسحاب من ساحات التظاهرات، وقال: إن “الكثير من المتظاهرين قرؤوا تغريدة السيد الصدر الأخيرة وانسحبوا على إثرها من ساحات التظاهر التي كانوا يتواجدون فيها”.
وانتقد النائب عن تحالف سائرون سعد مايع، إساءة بعض المتظاهرين الى الأجهزة الأمنية، لافتاً الى أن هذه الأفعال بعيدة عن أهداف التظاهرات السلمية.
وقال مايع: إن “السيد مقتدى الصدر كان ولا يزال داعماً للتظاهرات السلمية والمطالبة بالحقوق المشروعة التي كفلها الدستور، وفق المعايير والضوابط”، مؤكداً أن “التظاهرات التي تخرج عن الضوابط ومعايير الدستور فالسيد الصدر بعيد عنها”.
وأضاف، أن “هناك إساءات تصدر من بعض المتظاهرين بحق الأجهزة الأمنية وكذلك على الممتلكات العامة والخاصة، وهذا لا يعد مطلباً جماهيرياً وليست هذه رؤية بلد بل أنها رؤية هدامة”، لافتاً الى أن “هناك من يستغل حماسة الجماهير لاستثمارها ووضعها في
مساره”.
وأشار النائب عن سائرون، الى أن “المتضرر الوحيد من قطع الطرق هو المواطن الفقير وأهالي المناطق القريبة من ساحات الاحتجاج”، مؤكداً أن “السلوك العدواني الذي يمتلكه بعض المتظاهرين غير صحيح وسيغلب على قناعة الرأي العام ويصبح المجتمع ضدهم”.
تغريدة العتاب
وكان زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر قد نشر ليل الجمعة، تغريدة أعرب فيها عن أسفه وعتبه على المتظاهرين قال فيها: “وأني لأبدي أسفي وعتبي على من شكك بي من متظاهري (ساحة التحرير) وباقي المحافظات، ممن كنت سنداً لهم بعد الله وكنت أظنهم سنداً لي وللعراق.. وممن والاهم من أصحاب القلم الخارجي المأجور.. ولأشكونّهم عند رب غفار لي ولهم”.
وأوضح الصدر، “إلا أنني من الآن سأحاول أن لا اتدخل بشأنهم لا بالسلب ولا بالإيجاب حتى يراعوا مصير العراق وما آل إليه من خطر محدق يتخطفه الجميع من الداخل والخارج بلا هوادة ولا رحمة”.
وبين، “أعلن غضبي وبراءتي من كل سياسي يحاول تأخير عجلة التقدم بتشكيل حكومة قوية مستقلة ذات سيادة ووطنية ونزاهة وكفاءة تبعد عنا الاحتلال والتدخلات الخارجية أجمع.. فهم طلاب سلطة ومال، وما أنا إلا عاشق للوطن وشعبه، لا أهوى سلطة ولا أطلب مالاً ولا أحب الدنيا قدر حبي
للشهادة”.
أوضاع المحافظات
وبالعودة إلى أوضاع محافظات الوسط والجنوب، شهدت كربلاء المقدسة، حالة من الاستقرار والهدوء بعد إعادة فتح الطرق والساحات المغلقة، وأكدت الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة، أنه لا صحة للأنباء المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن نصبها عدد من الخيام في ساحات التظاهر وسط العاصمة بغداد وبقية المحافظات.
وقال المتحدث باسم العتبة الحسينية المقدسة أفضل الشامي في بيان تلقته “الصباح”: إن “الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة نفت نصبها عددا من الخيام وسط ساحات التظاهرات في العاصمة بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية”.
وأكد الشامي، أن “الأنباء التي تداولتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي، هي عارية عن الصحة ولا أساس لها”.
في واسط، أعلنت قيادة شرطة المحافظة، عن فتح الشوارع والطرق الرئيسة في الكوت بعد إغلاقها من قبل المحتجين في وقت سابق، مشيرة الى أن بلدية الكوت باشرت تنظيف الشوارع من النفايات التي خلفتها عمليات حرق الاطارات.
وقال قائد شرطة واسط اللواء علي حسن هليل لـــ “الصباح”: إن “مفارز الشرطة باشرت عمليات فتح الشوارع التي تم إغلاقها من قبل بعض المحتجين بواسطة كميات من الأنقاض والاطارات المستعملة المحترقة”، لافتاً الى أن “الطرق الرئيسة بين الكوت وباقي المحافظات الأخرى، أصبحت سالكة الآن أمام جميع المركبات”، مبيناً أن “حملة التنظيف ورفع الأنقاض، شهدت تضافر جهود الجميع من اـجل عودة مدينة الكوت الى طبيعتها”.
وفي الناصرية، نفى قائد شرطة محافظة ذي قار الجديد العميد ناصر الأسدي، وجود أي توجهات أو قرار باستخدام القوة ضد المتظاهرين.
وقال الاسدي في تصريح لـ “الصباح”: إنه “لا توجد أي نوايا أو قرارات باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، وإن ما تروج له بعض المواقع الاخبارية عن قدوم قوة خاصة سيتم استخدامها ضد المتظاهرين لا صحة له”، مبيناً إن “التعليمات التي تم إصدارها لجميع الضباط والمنتسبين والاجهزة الامنية الساندة، تقضي بضرورة التعاون وعدم استخدام القوة، وإن عملنا سيتركز على تكثيف الجهد الاستخباري وإبعاد وملاحقة الجهات التي تستغل التظاهرات لنشر الفوضى”.
ودعا الأسدي، “الجميع الى الاحتكام الى لغة التهدئة والحوار وممارسة الحياة الطبيعية من دون توقف لعجلة التعليم أو الحركة أو الخدمات، لكي تنعم محافظتنا بالأمن والسلام من دون استغلال الظروف من الخارجين عن القانون”.
وكانت قيادة شرطة ذي قار قد أعلنت في وقت لاحق أمس السبت، إصابة قائد شرطة ذي قار وعدد من عناصر الأمن بعد التعرض لهم بالحجارة من قبل “عناصر منفلتة”.
إلى ذلك، وجهت قيادة عمليات الرافدين، قطعاتها بإعادة الانتشار في المحافظات التي شهدت انسحاب المتظاهرين.
وقال قائد عمليات الرافدين اللواء الركن جبار الطائي: “وجهنا بإعادة انتشار القوات الأمنية داخل المناطق التي انسحب منها المتظاهرون”، لافتاً الى أن “القوات الأمنية لن تسمح بقطع الطرق أو حرق الإطارات والإساءة تحت أي مسمى”.
وأضاف أن “الوضع الأمني في جميع المحافظات جيد جداً باستثناء محافظة ذي قار، وأنه ما زال هناك عدد من المتظاهرين على الطريق الدولي”، مبيناً أنه “تم الاتفاق مع قادة التظاهرات في ذي قار على فتح جزء من الطريق الخاصة بمركبات الركاب وعجلات المواد الغذائية”.
أما قائد عمليات البصرة الفريق الركن قاسم نزال، فقد وجه بالتواجد المستمر للقوات المسلحة من الجيش العراقي في الشارع.
وذكرت القيادة في بيان تلقته “الصباح”، أن “قائد العمليات أوعز بتأمين المحيط الخارجي لوجود المتظاهرين السلميين، ومنع دخول المندسين والمخربين إلى ساحات الاعتصام، شريطة عدم الخروج من الأماكن المخصصة لهم وعدم التظاهر في الأماكن العامة والمفتوحة، التي أدت إلى استهدافهم خلال اليومين الماضيين”.
وأضاف، أن “القيادة دعت ولأكثر من مرة خلال اللقاء مع اللجان التنسيقية الى عدم التظاهر خارج الأماكن المخصصة، وأن القوات الأمنية ومنذ اليوم الأول من انطلاق التظاهرات أخذت على عاتقها حماية المتظاهرين، ولكن عدم التزام البعض من الإخوة يضعنا وإياهم في موضع الحرج ويعرضهم إلى استهداف مباشر من قبل الخارجين عن القانون”.
وفي سياق متصل، قامت مجموعة من المتظاهرين في البصرة بتسليم أحد المندسين إلى الجيش العراقي خلال عملية الانتشار، “مما يعكس الصورة المشرفة والإيجابية لأبناء البصرة وحجم التعاون المشترك بين الجيش وأبنائه المتظاهرين”، بحسب بيان
العمليات.
وفي الديوانية، أقدمت مجموعة من المعتصمين في ساحة الساعة وسط المدينة على رفع الخيام العائدة لهم.
أما في ديالى، فأفاد مصدر أمني في المحافظة، بأن قضاء بعقوبة مركز المحافظة بدون قطوعات للطرق أو الجسور لليوم الثالث على التوالي.
وقال المصدر: إن “الوضع الامني في بعقوبة ومحيطها هادئ ومستقر، ولم تشهد قطع أي طرق أو جسور من قبل المتظاهرين لليوم الثالث على التوالي”، وأضاف المصدر، أنه “لم تشهد بعقوبة انطلاق أي تظاهرة”، لافتاً الى أن “ساحة الفلاحة وسط المدينة مؤمنة بالكامل من قبل القوات الامنية لاستقبال أي تظاهرة سلمية”.