معرض جديد للفنان محمود عجمي

ثقافة 2019/01/10
...

زياد جسَّام
افتتح يوم الثلاثاء الماضي المعرض الشخصي السابع للفنان "محمود عجمي" بعنوان "ترنيمة الحصى" كان ذلك على قاعة المعرض الكبرى لدائرة الفنون في مبنى وزارة الثقافة والسياحة والآثار، وقد قصَّ شريط الافتتاح السيد وزير  الثقافة الدكتور عبد الامير الحمداني وكان برفقته وكيل الوزارة الاستاذ فوزي الاتروشي ومدير عام دائرة الفنون العامة الدكتور علي عويد ونخبة من الفنانين والاعلاميين والمهتمين.
وقد وصف الفنان عجمي أعمال هذا المعرض : "بأنّها اختلاجات سكنت نفسي الحالمة بالسكون بعيداً عن صخب حياة لاتريد الاستقرار عند حد". مواصلاً، "اشتغلت هذه المرة على المهمل من الخامات على عكس ما قدمته في تجاربي السابقة، فاستخدمت الحصى والجلمود والطابوق المصهور، مبيّناً: أنّ الأعمال الفنيّة "68" التي شارك بها جسّدت الجانب الفطري للطبيعة ممزوجة بأسلوبه الفني".
هذا وفي اثناء التجوال قدم الفنان شرحاً مفصلاً لاعماله المتميزة وقد كانت هناك بعض المداخلات الايجابية من قبل السيد الوزير د.عبد الامير الحمداني،  اذ كانت اغلب الاعمال لها علاقة بالاثار العراقية، وهذا يصب في صلب اختصاصه اذ قال :" هذا المعرض قفزة نوعية، وشيء جميل بأن تستثمر الحجر والطبيعة وتقوم بتشكيل هذه التكوينات بأسلوب قديم وبرؤية جديدة"، مبيّناً: أنّ الفنان حاكى الأثر القديم مستوحياً منه تكوينات جديدة حداثوية، وهو استمرار لأصالة الفن العراقي القديم. 
وأكد السيد الوزير دعمه الكامل للفنون التشكيلية، معتبراً إيّاها الصورة الناصعة عن المجتمع، وأحد أهم ركائز وأعمدة الثقافة العراقية. اما المدير العام الدكتور علي عويد فأشاد بالمعرض ووصفه بالناجح، مبيّناً كيف استطاع الفنان أن يلهم مخيلة المتلقي برؤى فنية عبر مشغولاته الجميلة.
وعبَّر الدكتور عويد عن شكره لوزير الثقافة عبد الأمير الحمداني لرعايته المباشرة للمسيرة الثقافية والفنية وتقديم دعمه وكافة التسهيلات التي تسهم في النهوض بواقع الثقافة العراقية. لم تكن اعمال الفنان محمود عجمي الـ "68" في هذا المعرض واقعية بقدر ما كان يحاول زجّها في منطقة تعبيرية تجريدة، وهذا ما وضعه في خانة الفنانين الدلاليين أي أنه يشتغل من منطقة الايحاء. محاولاً ترجمة الواقع الى رموزه واشاراته التعبيرية التجريدية. وفي بعض أعماله النحتية حاول أن يعتمد على ما تنتجه الطبيعة من تكوينات واضافة تفاصيل بسيطة عليها لتتحول الى عمل شبه واقعي مثل رأس ثور، او جمل او اي رموز أخرى، وهذا تحقق لديه من خلال اشكال الحصى العفوية.. وهنا يمكن القول بأنّها محاولة لتجاوز نمطية الاساليب المتعددة التي اشتغل عليها الكثير من الفنانين ،إذ أحال عناصره الى مجسّمات ثلاثية الابعاد وهي عبارة عن رموز محمّلة بالكثير من التأويلات التي بإمكان المتلقي ان يُؤوّلها حسب وجهة نظره.
استمتع الجمهور بذلك الجمال البصري الذي رسّخه الفنان الواعي محمود عجمي منذ بداياته، إذ أصبحت واضحة للعيان امكانية تكنيكه وجرأته وخبرته بالتعامل مع الخامات ودمجها وتجريبه على سطوح لوحاته الذي لا ينتهي.
طروحاته كانت سهلة وواضحة لكل من يراها  دون أن تفقد خصوصيتها النخبوية وعلاقتها التاريخية على مدار الزمن ، قربها من تكوينته الفكرية وامكانية توظيفها في مشروعه الفني اعطاها دفعة نحو منطقة اداء ارادها ان تكون متميزة وفريدة.
من هنا تأتي هذه التكوينات العفوية في بعض الخطوطة والكتل المعتقة ومواضيعه التي لا تخلو من رموز الحضارة العراقية، لدلالة ربما يقصدها أن تأخذ طابع المنحوتات في أغلب الأحيان، أراد الفنان عجمي أن يخلق رؤية جديدة للخروج عن التقليدي، اذ بقي يتنقل في أعماله بين الرسم الشبه كرافيكي والنحت على الخامات المتنوعة، متمسك ببناء الرمز المحلي اذ ركّز على التفكيك والمقارنة بين صور الاشكال بكل رموز حياتنا، وهذا لا شك بأنّه يصب في خانـة واحـدة الا وهـي خانة اثبـات الذات. وتبدو رؤيته متنوعة لا تقف عند حدٍّ معين، إذ يجد متعته بالتجديد والتغيير.