ترجيحات بتأجيل استكمال التشكيلة الحكومية لما بعد العطلة التشريعية

الثانية والثالثة 2019/01/12
...

بغداد/ الصباح/ عمر عبد اللطيف
 
توقع النائب الثاني لرئيس مجلس النواب بشير حداد، عدم حسم منصبي وزارتي الداخلية والدفاع في المدى القريب، مؤكداً أن تأخر استكمال التشكيلة الوزارية قد يضعف رقابة البرلمان للحكومة ومحاسبتها على البرنامج الحكومي، وفي حين رجّح برلمانيون تأجيل استكمال التشكيلة الحكومية الى ما بعد العطلة التشريعية المرتقبة لمجلس النواب، عدّ مراقبون أن مثل هذا الأمر "خلاف المتوقع".
وقال النائب الثاني لرئيس مجلس النواب بشير حداد في حديث صحفي تابعته "الصباح"، "لا أرى في المدى القريب حسماً لمنصبي وزارتي الداخلية والدفاع ولا نستطيع تحديد سقف زمني"، وأضاف "من المحتمل أن تدار الوزارتان بالوكالة وتبقى على هذا الشكل بيد رئيس الوزراء الى أن يتم الاتفاق على المرشحين، وربما هذا يستمر لحين نهاية عمر الحكومة ولا خيار أمامنا إلا بالتوافق على المرشحين".
وأكد حداد، أن "التمسك بالرأي وعدم القبول بالمرشحين سيؤخر حسم المنصبين" مشيرا الى أن "تأخر استكمال الكابينة قد يضعف رقابة البرلمان للحكومة ومحاسبتها على البرنامج الحكومي"، لافتاً إلى أن "تحالف الاصلاح والإعمار، يريد تغيير مرشح البناء فالح الفياض للداخلية، وهم لا يخشون من تمريره بتصويت الأغلبية بل لا يريدون نقض الاتفاق على معايير الترشيح ومواصفات المرشح أي أنه اعتراض على أصل المبدأ وليس على الشخص" مشيراً الى أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني مع مرشحي عبد المهدي حتى لو كان المرشح للداخلية هو الفياض".
وبين نائب رئيس مجلس النواب، انه "لا يوجد في السياسة موقف دائم وإنما مصلحة ثابتة ولا صديق باقٍ ولا عدو دائم والخارطة السياسية العراقية هي هكذا اليوم"، مشيرا الى أن "التوافقات السياسية والتحالفات تكتيكية وليست ستراتيجية بعيدة المدى ونقول ان جميع التحالفات هي تحالفات مرحلية وهذا شيء صحيح لأن كل مرحلة لها ظرفها وطبيعتها السياسية".
ونوه حداد بأن "أكبر تحديات تواجه حكومة عبد المهدي هو نقص الكابينة والارهاب والأزمات المالية والسياسية وانخفاض أسعار النفط والخدمات وملف النازحين والعقوبات الاميركية على ايران وغيرها".
وأشار الى أن "العلاقة مع الاتحاد الوطني الكردستاني هي علاقة ديمقراطية وسياسية"، مبينا أن "حسم مرشح وزارة العدل إذا لم يحصل توافق كردي – كردي فإن الاغلبية هو الخيار الآخر وهو ضمن الآليات الديمقراطية وليس أمامنا الا هذا الطريق أما بالتوافق او الاغلبية".
وأوضح حداد، أن "الاتحاد الوطني أخذ حصته وأكثر في رئاسة الجمهورية وينبغي أن يبقي منصبا للحزب الديمقراطي في الحكومة، لكن الاتحاد يقول ان منصب الرئاسة حسم بالتصويت وانهم يجب ان يشاركوا في الحكومة وهنا الخلاف بين الحزبين، وهم يعتقدون أن لديهم حصة في الحكومة ولكن الديمقراطي يقول إنهم اخذوا حصتهم وهذا جدل مستمر بينهما".
ونفى عضو هيئة رئاسة مجلس النواب، "حصول أي إشكال في التصويت على الكابينة الوزارية برئاسة عادل عبد المهدي وكنا حريصين على مشاركة النواب ولا نعتقد مشاركة غيرهم في التصويت من الموظفين أو الضيوف كما يقال"، مشيرا الى ان "غياب التصويت الالكتروني مشكلة نواجهها في عد أصوات النواب وبدأنا بمشروع التصويت الالكتروني وهو لا يكلف كثيرا وأعطي الى شركة والآن في مرحلة التعاقد".
 
لا زواج كاثوليكيا 
من جانب آخر، قال عضو مجلس النواب رياض المسعودي لـ"الصباح": إن "تأجيل استكمال التشكيلة الحكومية الى ما بعد العطلة التشريعية لمجلس النواب احتمال وارد، لأن اتمام التشكيلة وفق الاسماء الحالية الموجودة غير ممكن وسيشكل تحديا كبيرا للحكومة".
وأضاف، أن "تأجيل استكمال الحكومة لمدة من الزمن هو أقل خسارة من تمرير المرشحين الحاليين"، مبيناً أن "الكتل السياسية ليس فيما بينها برنامج طويل الامد او ستراتيجية واضحة، فهناك متغيرات آنية تطرأ بين فترة وأخرى على طبيعة الحوارات والتحالفات والمشاورات بين تلك الكتل".
وبين المسعودي، أنه "لا يمكن في العراق أن نضمن تحالفات اشبه (بالزواج الكاثوليكي) وكل ما يجري رؤى وقتية تتعلق بمسألة خاصة وبزوال المؤثر سوف يتغير كل شيء وهو ديدن العملية السياسية في العراق بالتأرجح وعدم الاستقرار".
 
ما بعد العطلة التشريعية
من جانبه، استبعد عضو مجلس النواب عبد الامير المياحي، حسم ملف استكمال التشكيلة الحكومية خلال الايام التي تسبق التصويت على الموازنة العامة للدولة لعام 2019.
وأضاف المياحي لـ"الصباح"، ان "هذا الموضوع سيترك لما بعد العطلة التشريعية، لإعطاء فرصة لرئيس الوزراء لتقديم مرشحين مقبولين لدى الجميع لتمريرهم من قبل اعضاء مجلس النواب دون تحفظ على مرشح وآخر".
وتوقع المياحي، أنه "رغم تأجيل استكمال الكابينة فإن عادل عبد المهدي سيكون مصراً على تقديم نفس المرشحين وبقاء الوضع على ماهو عليه".
من جانب آخر، قال النائب عن كتلة المحور الوطني مقدام الجميلي: إن "المحور الوطني قدم أسماء عدة مرشحين منذ فترة إلى رئيس مجلس الوزراء لشغل حقيبة وزارة الدفاع"، مشيراً إلى أن "سليم الجبوري ما زال هو الأقرب والأوفر حظاً لشغل المنصب".
وأضاف، أن "تقديم الأسماء إلى البرلمان ما زال موعده لم يحدد حتى اللحظة بانتظار حسم مرشحي باقي الوزارات وخاصة وزارة الداخلية نتيجة لإصرار كل طرف على موقفه وهناك حوارات مستمرة ومكثفة لحسم مرشحها"، مبيناً أن "وزارة العدل أصبحت شبه محسومة بعد توافق القوى الكردستانية على القاضي ريزكار محمد أمين كمرشح لشغل الحقيبة"، بحسب الجميلي.
 
بين الداخلية والتربية
إلى ذلك، أكد النائب عن تحالف البناء عامر الفايز، أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي مازال مصرا على ترشيح فالح الفياض لوزارة الداخلية، مشيرا إلى أن التحالف يدعم ذلك الترشح.
وقال الفايز في تصريح صحفي: إن "فالح الفياض هو مرشح رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لتولي حقيبة الداخلية ومازال متمسكا به لغاية اللحظة"، وأضاف أن "تحالف البناء يدعم ذلك الترشح من قبل عبد المهدي إلا انه لا يتبنى هذا الموقف بشكل رسمي كونه مرشح رئيس الوزراء وليس الكتلة"، مبيناً أنه "في حال وجود نية لدى رئيس الوزراء باستبدال الفياض فإن البناء لا يبدي أي ممانعة بهذا الشأن".
بدوره، قال رئيس كتلة بيارق الخير النيابية محمد الخالدي: إن "أزمة إكمال الكابينة الوزارية ستطول أكثر مما ينبغي بسبب استمرار الخلافات السياسية وعدم قدرة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عقد اتفاق سياسي لتمرير المرشحين". وأضاف، ان "رئيس الوزراء عادل عبد المهدي هو الوحيد القادر على حل مشكلة وزيرة التربية شيماء الحيالي سواء بتقديم مرشحة جديدة للبرلمان أو إقالتها كونها لم تؤد اليمن الدستورية"، وأشار الخالدي إلى أن "الخلافات السياسية باتت تؤثر في البرنامج الحكومي وتقديم الخدمات"، مشدداً على ضرورة أن "يتحمل الجميع المسؤولية لإنهاء الخلاف".
 
مراقبون سياسيون
المحلل السياسي عدنان السراج، أكد أن "مؤشرات التوافق لا تزال غير متوفرة مما وسع الهوة بين الأطراف السياسية في مجالات التفاهم للاختيارات كون طرفي الصراع لايزالان متمسكين بمسألة المرشحين".
وأضاف السراج لـ"الصباح"، ان "رئيس الوزراء ترك الخيارات للكتل لحسم أمرها قبل أن يقرر هو المرشح، وهذا واضح من خلال خياراته الثلاثة التي بعثها لمجلس النواب، ودعوته للكتل السياسية بالتوافق قبل أن يذهب الى البرلمان، وتوجه لحل مشاكل المواطنين كوسيلة لإبراز دور حكومته في المرحلة
 القادمة".
وألمح السراج الى أن "الكتل السياسية دخلت في صراعات كلما تأخرت مدة استكمال التشكيلة الحكومية تتوسع الهوة فيما بينها"، مؤكداً ان "المطلوب في الوقت الحالي ردم هذه الهوة والعودة من جديد لما اتفق عليه سابقا بين الاصلاح والاعمار والبناء".
وأعرب السراج عن قلق المراقبين من مستقبل اختيار وزيري الداخلية والدفاع، وأن تتكرر مرة أخرى تجربة السنوات الماضية في حكومتي نوري المالكي وحيدر العبادي، والقلق كذلك من أن تطول المدة الى أشهر عديدة.
أما المحلل السياسي اياد العنبر، فقد أكد أن "تأجيل استكمال التشكيلة الحكومية لما بعد عطلة الفصل التشريعي خلاف لما متوقع، بوجود الكثير من التحديات والملفات المعطلة التي تنتظرها خصوصاً الأمني منها في هذه المرحلة الحساسة".
وبين العنبر لـ"الصباح"، أن "هناك نوعا من التقصير من قبل الكتل السياسية يتحمله رئيس الوزراء في الترشيحات التي لم تنل ثقة البرلمان وبقي الأخير مصراً عليها"، متوقعاً "تأجيل استكمال التشكيلة الحكومية لما بعد العطلة التشريعية قد تؤشر خللاً في أداء عمل الحكومة التي تنتظرها الكثير من الملفات الخدمية".
وأوضح العنبر، أن "الشارع العراقي لايهتم للخلافات السياسية بقدر اهتمامه بالمنجز الحقيقي للحكومة وما تعمل عليه من إصلاح ومحاربة الفساد وتحريك الملفات المعطلة"، مبيناً أن "خلاف الكتل السياسية على الاسماء المرشحة يؤكد شخصنة مواضيع ملف ادارة مؤسسات الدولة واستكمال الحكومة، أكثر مما يتعلق بدولة المؤسسات".