السيمفونيَّة لم تعد حكراً على النخبة

ثقافة 2023/06/07
...

 بغداد: محمد إسماعيل

 تصوير: رغيب أموري

يكتظ المسرح الوطني، بجمهور يفوق طاقته الاستيعابية.. ألف يجلسون على الكراسي، ومئة يقتعدون أرضية المسرح ذات الموكيت الوثير، عند المقدمة والممرات الجانبية والوسطية المتقاطعة، وخمسمئة لا يجدون حيزاً.. حتى ولو افتراضاً في حلم أثناء غفوة تعبى.. عائدين من حيث جاؤوا يحملون وعداً من المايسترو بيوم إضافي؛ احتراماً للذوق الفطري وهو يرتشف الموسيقى الأوركسترالية، مثل لبن من شكوة ريفية ذات زبد كالذهب. جرب كريم وصفي، قيادة "جمبر ميوزك" في القرى والقصبات النائية، ولقي إقبالا ذوقيا فائقا

وقاد محمد أمين عزت، الفرقة السمفونية الوطنية، في ساحة التحرير.. تحت نصب الحرية، فتراءى له جواد سليم بين جمهور يصغي بإجلال للأنغام الغربية المركبة، وهي تتعاشق بحب مع ذاكرة الألحان الشرقية لدى كل فرد منا. 

قال الموسيقار قيس حاضر، عن جمهور السمفونية البالغ ثلاثة آلاف في المسرح الوطني: "هؤلاء ليسوا موسيقيين وليس كلهم أكاديميين، ومعظمهم غير متعلمين، لكنهم كلهم ذوو ثقافة ذوقية رفيعة" مؤكداً: "ليسوا جمهور نخبة؛ لأن الموسيقى لا فاصلة فيها.. إنها واحدة.. سواء أكانت شرقية أم غربية، بدليل أغلب السمفونيات، فالقادمون إليها متذوقون؛ لذلك نقدم لهم حركات كلاسيكية بنكهة

عربية".

وأضاف المايسترو عزت: "حققت الفرقة الوطنية السمفونية رسالتها عندما غادرت القاعات المغلقة ونزلت الى الشارع بين الناس، الذين استقبلوها بشغف منجذبين الى متعة الإصغاء الجميل". 

لفت الموسيقار أحمد سليم: "منذ عشر سنوات تغير أداء السمفونية، مستقطبة جمهورا أوسع" مفيداً: "القائمون على الفرقة نشروا الثقافة الأوركسترالية لدى عامة الناس؛ فجاؤوا ولم تخيبهم، والآن أصبحت حفلات الفرقة الوطنية السمفونية، جزءاً من تقاليد الناس البسطاء وشغلت حيزاً من إهتماماتهم.. يتابعونها بجد ويحضرون حفلاتها بالتزام دقيق متماهين مع النخبة التـي سمعـــوا أو قــرؤوا عنــها؛ فعاشوها".

وأثنى الفنان عدنان نزار، على التواصل الاجتماعي الذي: "أسهم بتثقيف الشباب والارتقاء باهتماماتهم" بينما لحظت عازفة التوبا إسراء سعدي: "أن أعماراً ومستوياتٍ اجتماعية متباينة تحضر حفلات الفرقة.. شباب قادمون من المحافظات، وهذا ما نريده.. بدليل المسرح مقبط" وواصلت عازفة الكونترباس نغم جبار: "طالما الشباب يتقبل السمفونية ويرغب بسماع موسيقاها العالمية، معناها المجتمع في تطور فكري وانتظام اجتماعي 

متصاعد". 

وتابعت دعاء ماجد: "جميل أن تنزل موسيقى النخبة، فاتحة باب القاعات المغلقة لتطل على الشارع فتلقى إستجابة جماهيرية تدل على وعي شعبي رفيع" وأشار عازف الكمان علي عبد الشهيد، الى أن: "سطوة الجمال على خصوبة ذوق الناس.. من غير المتخصصين بشؤون الثقافة.. قدموا إلى الحفل بهذا الزخم الغزير.. عدداً واستيعاباً".

وبيّن علي عبد الشهيد: "لست معنياً بالموسيقى، لكن تشدني الأوركسترا السمفونية ذوقيا"، داعياً الى مزيد من الجهد الإعلامي الذي ينطلق من داخل الفرقة إلى  الناس.