عبد المهدي: سياستنا متوازنة ومنفتحة على جميع دول العالم

الثانية والثالثة 2019/04/24
...

بغداد / محمد الأنصاري
 
أكد رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي أن لدى العراق خطة طموحة لتطوير قطاع الطاقة، وفيما تعهد بتوفير الكهرباء للمواطنين بشكل أفضل من المواسم السابقة، انتقد النهج البيروقراطي القائم منذ عقود في التعامل مع ملف الاستثمار، داعياً إلى إيجاد تشريعات لدعم القطاع الاستثماري، كما أوضح أن العراق قدم سياسته الخارجية للعالم ولدول الجوار بوصفها سياسة متوازنة قائمة على المشتركات لا الخلافات، وفي موضوع إكمال التشكيلة الوزارية، بين عبد المهدي أنها وصلت إلى نهايتها، كما أكد أن «داعش» الإرهابي كالسرطان الذي يجب أن يجتث بصورة نهائية وأنه لا صحة للأحاديث التي تقول أن «التنظيم الإرهابي عاد لقوته السابقة». 
يأتي ذلك في وقت قرر فيه مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها أمس منع استيراد منتجات صناعية (المرطبات، والعصائر) لدعم المنتوج المحلي، وشهدت الجلسة الموافقة على إعادة عرض مقترح قانون تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات رقم (12) لسنة 2018 مجدداً على مجلس الوزراء، وقرارات أخرى تتعلق بمعالجة التلوث في مياه نهر دجلة ومعالجة الغاز المصاحب لحقل الحلفاية النفطي.
 
المؤتمر الصحفي
وبدأ عبد المهدي مؤتمره الصحفي الأسبوعي أمس، بتقديم إيجاز لأهم القرارات والمواضيع التي بحثها وناقشها مجلس الوزراء في جلسته الاعتيادية، وأوضح أن المجلس أقر عدة مشاريع لمعالجة التلوث في مياه نهر دجلة وتوفير التخصيصات المالية الكافية لها ما يساعد في تحسين نوعية المياه في دجلة، وأعلن عن تكليف وزارة الإعمار بإعادة بناء الجسر الثالث بمدينة الموصل، وأشار عبد المهدي إلى قبول توصيات المجلس الأعلى للطاقة بما يتصل بالغاز المصاحب في حقل الحلفاية بمحافظة ميسان، مؤكداً أنه «مشروع ضخم وحيوي ويزيد من قدرات العراق بما يخص الغاز».
وتابع عبد المهدي: «لقد شهدت جلسة مجلس الوزراء تقديم ملخص لمحاضر جلستين بين العراق والأردن لاستعراض نتائج الفرق من الناحية الفنية، حيث تم التوصل إلى تعديل بعض مقررات السلع بين البلدين ما يساعد المنتجات العراقية بشكل كبير»، كما أعلن قرار منع استيراد بعض المنتجات الصناعية (العصائر والمرطبات) دعماً للمنتج الوطني.
وأضاف، «لقد قدمنا مقترحاً إلى مجلس النواب لتعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات»، موضحاً، «لقد أدخلنا في مقترح التعديل أمرين أساسيين، أولهما تعزيز فكرة أن لا نبعثر القوائم الكبيرة في المحافظة على قوتها، فأساس الديمقراطية وجود كتل قوية لديها برامج تستطيع أن تمضي قدماً في إدارة المشاريع، والأمر الآخر، هو فرز نسبة بقرابة 30 بالمئة لمن يحصد أعلى الأصوات لكي نضمن للمستقلين والكفاءات ممن يمتلك رصيدا شعبيا الحصول على الأصوات والدخول في منافسة صحيحة وسليمة حتى لو كان دخوله من باب القوائم الفردية، ومن بين اقتراحاتنا في تعديل القانون المذكور هو أن يجري تنافس الحصول على مقاعد المجالس وفق الأصوات التي حصل عليها المرشح لنضمن عدم تكرار تجربة المساومات في الحصول على المقاعد، والتي كانت تؤدي إلى عملية تثلم نزاهة الانتخابات».
مؤكداً أن «كل هذه المقترحات تأتي لضمان الاستقرار في المحافظات من ناحية إداراتها ومجالسها التنفيذية، ولقد عرّفنا مجالس المحافظات بوصفها مجالس خدمية وليست تشريعية، ويجب أن يراعى الجانب الخدمي في قانون انتخابات مجالس المحافظات».
 
العلاقات الدبلوماسية
ثم تطرق رئيس الوزراء إلى الجانب الدبلوماسي والعلاقات السياسية للعراق مع جواره ودول العالم، وتحدث عن «الزيارة المهمة التي أجراها رفقة الوفد الحكومي إلى المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي، وهي الزيارة التي تلت الزيارة إلى مصر والقمة الثلاثية التي عقدت في القاهرة، وكذلك الزيارة إلى الجمهورية الإسلامية في إيران»، موضحاً أن «العراق بهذه الزيارات عرّف دول المنطقة والعالم بسياسته الخارجية، بأنها سياسة غير تابعة إلى طرف وهي سياسة متوازنة تنفتح على الجميع تتفاعل مع كل المشتركات ولا تجعل الأمور الخلافية هي الأساس».
واستدرك عبد المهدي، أن «الأمور الخلافية لا تلغى وجهات النظر المختلفة بين الدول موجودة، ولكننا نحاول تفعيل المشتركات ما يساعد في حل الخلافات، فنحن لا نعمل في قعر الخلافات وإنما في قمم المشتركات، ومن خلال هذه السياسة كما يلاحظ الجميع هذا الإقبال الكبير على العراق ما يساعد على تحسين صورة البلاد في العالم الخارجي، ورؤيتنا تقول أنه كلما تحسنت علاقة العراق بالجوار، كلما تحسن الواقع الداخلي للعراق، والعكس صحيح، ونحن حريصون على إقامة علاقات متوازنة مع دول الجوار وجميع دول العالم، وتحسين العلاقات لا ينحصر بالشأن السياسي أو الدبلوماسي فقط، بل له آثار اجتماعية وأمنية واقتصادية وثقافية، فالاتفاقات التي وقعت مع جميع دول الجوار لها تلك الآثار الإيجابية التي نرجوها».
 
السرطان الداعشي
وجدد عبد المهدي، إدانة الهجمات الإرهابية التي طالت الكنائس في سريلانكا، مبيناً أن «العراق أكثر بلد ابتلي بالإرهاب، ولا يوجد بلد قدم من التضحيات في مواجهة الإرهاب وهزمه أكثر من العراق، ونفتخر بهذا الدور، بأن العراق يوفر الأمن والسلام والاستقرار في داخل البلد والمنطقة والعالم بكل المقاييس»، عادّاً الحديث عن استعادة «داعش» الإرهابي لقوته «لا صحة له، ومعلوماتنا الاستخبارية أصبحت كبيرة ودقيقة جداً عن هذا التنظيم الإرهابي ونرصد ونتابع كل تحركاته، وهناك تعاون كبير مع دول العالم للقضاء عليه، وداعش هزم في العراق ويهزم في سوريا، ورغم محاولات بقايا هذه التنظيم الإرهابي استعادة قوته إلا أن قواتنا الأمنية البطلة تقف بالمرصاد وهي تمسك زمام المبادرة»، إلا أن رئيس الوزراء أكد أن «داعش لم يمت نهائياً وهو كالسرطان الذي ينبغي اجتثاثه بكل خلاياه، وإن الأوضاع الأمنية في العراق في تحسن مستمر بفضل تماسك أبناء شعبنا وقواتنا الأمنية».
وبشأن موجة السيول، أشاد عبد المهدي بالتعاون الكبير والمنظم بين مختلف مؤسسات الدولة والقوى الأمنية المختلفة والأهالي، مبيناً «إصدار بيان يومي لموقف الحالة المائية في البلاد في كل المحطات والمواقع والخزانات والسدود لطمأنة المواطنين ورد الإشاعات والمبالغات التي أثارت بعض القلق، وقد تمكنت أجهزة الدولة بكل كوادرها بالتعامل بدقة وحرص وحرفية مع هذا الأمر»، وأوضح أن «الخزين المائي يبلغ حالياً أكثر من 43 مليار متر مكعب، وهو مهم للسنوات القادمة، ويضاف لهذا الأمر أننا بدأنا منذ أيام قليلة باستلام محصولي الحنطة والشعير في مختلف السايلوات، وليس ذلك فحسب، وإنما قمنا خلال أيام بدفع أثمانها ومستحقاتها للمزارعين بعد فحص العينات، وهو أمر مهم لتشجيعهم أكثر فأكثر مما ينشط القطاع الزراعي في البلاد بما له من أثر في زيادة فرص العمل وتحسين لقطاع حيوي في العراق يسهم في تدوير حركة الإنتاج في عدة قطاعات أخرى، وهو ما يدفع عجلة الاقتصاد الوطني نحو التقدم».   
أسئلة الإعلام
وأجاب رئيس الوزراء عن الأسئلة التي وجهها مندوبو وسائل الإعلام المختلفة التي حضرت المؤتمر، ففي إجابة له بشأن موضوع إكمال الكابينة الوزارية والأسماء المرسلة لشغل الوزارات المتبقية والعراقيل التي تؤخرها، قال: «نعتقد أن القوى السياسية وصلت إلى اتفاقات ونهايات لإكمال هذا الملف، عبر طرح عدد من الأسماء لكل وزارة من الوزارات الأربع المتبقية»، وبين أن «الأسماء التي سيجري إرسالها بشكل رسمي من قبل الكتل، سيتم إرسالها إلى الهيئات المسؤولة كالنزاهة والمساءلة والعدالة لتلقي الإجابات منها بشأنهم، وبعدها نقدم ونعرض الأسماء التي نراها مناسبة منهم إلى مجلس النواب للتصويت عليها»، مؤكداً «أننا في نهايات إكمال التشكيلة الحكومية».
وبشأن فرضية رفض الإدارة الأميركية منح إعفاء جديد للعراق بشأن العقوبات المفروضة على إيران، وما يسببه عدم استيراد الغاز من طهران من تأثير في إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق، أكد عبد المهدي «صعوبة الإجابة على الافتراضات، حيث يؤدي ذلك إلى تعدد السيناريوهات المطروحة والتي يمكن أن يساء فهمها ويربك الصورة الحقيقية»، وأضاف، «نحن بعيدون عن هذا الواقع المفترض، كما أن القرار الأخير الصادر عن واشنطن بهذا الشأن يتعلق بصادرات النفط وليس أشياء أخرى».
كما أوضح رئيس الوزراء، أن «العراق لديه خطط طموحة في مجال الطاقة، حيث أننا ننتج حالياً أقل مما ينبغي من النفط الذي كان مقرراً مع دخول سنة 2020 وهو 6 ملايين برميل، ومازلنا ننتج أقل من ذلك بكثير»، وبشأن تعويض الإنتاج الإيراني للنفط في السوق العالمية، بين «أننا ننتظر ونرى واقع الأمور وكيف ستتجه، فالتقديرات السابقة لم يحصل الكثير منها، فالسوق النفطية سريعة الحركة وعلينا مسايرتها بشكل مباشر وسريع».
وفي إجابة له عن قضية الكهرباء وشركات الجباية، أكد عبد المهدي، أن «قضية الكهرباء في البلاد لن تحل دون جباية، ففي جميع دول العالم لا توجد كهرباء مجانية، وبالمحصلة فإن الجباية ضرورية لتنظيم مسألة الكهرباء، وهناك الآن تطبيق للجباية في بعض المناطق والمواطنين يدفعون المبالغ المترتبة على استهلاكهم، سواء لوزارة الكهرباء مباشرة أو لشركات الجباية، وستستمر الأمور في الوقت الحالي على ما هي عليه، حيث لا توجد خطط إضافية في هذا المجال الآن، ونحن متفائلون، ونعتقد أننا سنوفر كهرباء أفضل من السابق، والصيانة الآن في طريقها إلى الاكتمال في المحطات الكهربائية بشكل منظم قبل موسم الصيف».
وفي سؤال عن البيئة الاستثمارية في العراق ومعرقلاتها، قال عبد المهدي: «لطالما قلنا أن البيروقراطية هي أهم موقع أمام الاستثمار، وهناك ثقافة نشأت خلال 6 عقود كثير من العقبات التي تضع قوانين الاستثمار خارج العصر ما يشكل معرقلات كبيرة أمامه»، موضحاً أن «لدى الحكومة محاولات باتجاهين، الأول هو حث وتشجيع الإدارات والمؤسسات على تبني البرنامج الحكومي واتباع المبادئ الدستورية والابتعاد عن التشريعات القديمة التي كانت مركزية ومتحفظة وتريد الاعتماد على ثروة النفط فقط، دون الاعتماد على قطاعات الاقتصاد الأخرى من مستثمرين ورجال أعمال في القطاع الخاص، بل أن تلك البيروقراطية كانت تتهم بتهم مختلفة وتسيء الظن رغم أنهم شركاء وصنّاع حقيقيون للاقتصاد الوطني، وغيابهم يؤدي إلى ثلمة كبيرة في الاقتصاد ويدفعه إلى الاعتماد فقط على الواردات النفطية التي مهما عظمت تبقى محدودة».
وأضاف، أن «الاتجاه الثاني لدينا لتحريك وتشجيع القطاع الخاص الأهلي الذي يصنع الثروات والمبادرات، وقد كانت لدينا مناقشات في مجلس الوزراء عن كيفية رفع الحواجز عن الاستثمارات وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، حيث أن بيئتنا ما زالت طاردة للاستثمار، ما يتطلب تعاون الجميع حكومة وبرلمانا ورأيا عاما وإعلاما».
 
جلسة مجلس الوزراء
وعقد مجلس الوزراء جلسته الاعتيادية أمس الثلاثاء برئاسة رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، وأفاد بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء تلقته «الصباح»، بأن مجلس الوزراء صوّت على معالجة تلوث نهر دجلة، كما قرر المجلس قيام وزارة الاعمار والاسكان بتكليف شركة آشور العامة للمقاولات الانشائية بتصميم وإعمار الجسر الثالث في محافظة نينوى.
 وتم اقرار توصية المجلس الوزاري للطاقة بشأن المناقصة المرقمة (HFY-CON/F&C 0940-0964 )  محطة معالجة الغاز المصاحب لحقل الحلفاية النفطي / شركة نفط ميسان، وصوت مجلس الوزراء على تعديل الفقرة (1) من قرار مجلس الوزراء رقم (34) لسنة 2019 بشأن محضر الاجتماع الثالث لفريق مراجعة البرنامج الحكومي وتحديد اولويات المشاريع الحكومية وكلفها التخمينية ضمن تقديرات الموازنات للأعوام 2019 ـ 2022 .
وأقر المجلس ملخص نتائج اجتماعات الفرق الفنية العراقية / الأردنية، كما قرر مجلس الوزراء منع استيراد منتجات صناعية (المرطبات، والعصائر) لدعم المنتوج المحلي، ووافق المجلس على التوقيع على الاتفاقين الحسابي والنفطي مع وكالة الصادرات والائتمان الحكومي الصيني، وشهدت الجلسة الموافقة على إعادة عرض مقترح قانون تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات رقم (12) لسنة 2018 مجدداً على مجلس الوزراء.
 
إيقاف استيراد العصائر والمرطبات
بدورها، أوضحت وزارة الصناعة والمعادن أن قرار مجلس الوزراء الذي ينص على ايقاف استيراد العصائر والمرطبات والآيس كريم سيدخل حيز التنفيذ ابتداءً من شهر حزيران المقبل، وقال الناطق الإعلامي للوزارة عبد الواحد علوان الشمري في بيان تلقته “الصباح”: إن “مجلس الوزراء وبجهود وتدخل شخصي وعاجل من وزير الصناعة الدكتور صالح عبدالله الجبوري اتخذ قراراً خلال جلسته الاعتيادية المنعقدة الثلاثاء بإيقاف استيراد العصائر والمرطبات والآيس كريم من خلال تفعيل المادة (60) من قانون الموازنة العامة للعام الحالي، والتي تنص على منع استيراد منتجات الصناعات الغذائية (المرطبات والعصائر) والتمور والفواكه والخضر والتي لها منتج محلي مماثل يغطي السوق 
المحلية”.
 
وزير كندي
إلى ذلك، استقبل رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي بمكتبه الرسمي أمس، وزير الدفاع الكندي هارجيت سينغ، وأكد عبد المهدي خلال اللقاء أن “كندا شريك مهم للعراق، وقد وقفت معنا في حربنا ضد الارهاب، ونستفيد من تجربتها في مختلف المجالات التي تخدم امننا واقتصادنا ونظامنا الاتحادي، ونتطلع الى استمرار التعاون بين البلدين في مجالات التدريب وتمويل مشاريع الاستقرار”، مؤكداً أن “حالة الاستقرار قد تحسنت كثيرا ونحن ندرك أن القضاء على “داعش” لا يتم فقط بالسلاح وإنما بوحدة شعبنا وتعزيز الاقتصاد وتنشيطه وإقامة علاقات وتعاون وتبادل للمصالح مع جميع دول الجوار”.
من جهته، قال وزير الدفاع الكندي: إن “العراق اليوم مختلف كثيراً عن زيارتي قبل أكثر من ثلاث سنوات حين كانت داعش تسيطر على مساحات واسعة والطرق مغلقة، وهذا التطور يسعدنا، وإن الفضل الاساس في تحقيق النصر يعود للقوات العراقية وتضحياتها”، معزياً عوائل شهداء محاربة الارهاب، ومؤكدا رغبة بلاده بتطوير العلاقات مع العراق ودعم جهود الحكومة العراقية في عملية إعادة الاستقرار، وزيادة الدعم ضمن عمل قوات “الناتو” في مجال التدريب وتلبية احتياجات القوات الامنية 
العراقية.