ستراتيجية صيد السمك!

آراء 2020/12/22
...

 عبدالزهرة محمد الهنداوي
الجوع كافر، ولا يختلف اثنان على وجوب محاربته بكل ما يتاح للمرء من اسلحة وامكانات، فلا احد يلومه، إن حمل الجائع، سيفه وخرج ليقاتل حتى طواحين الهواء من اجل الظفر بلقمة.
ومن هنا صدرت الكثر من المواثيق الدولية، الهادفة الى محاربة الجوع، وآخر تلك المواثيق، "الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة" التي اطلقتها الامم المتحدة عام ٢٠١٥، ويسعى العالم الى تحقيقها عام ٢٠٣٠، وكان اول هدف منها هو محاربة الجوع، عبر مجموعة من الغايات والمؤشرات التي تحقق هذا الهدف في نهاية المطاف.
ولكن، يبدو من الصعب القضاء على الجوع في ربوع المعمورة، في ظل دوامة الحروب والصراعات، التي مازالت تتفجر وتندلع في كل صباح ومساء، مخلفة وراءها ملايين البشر يتضورون جوعا.
اذاً مالحل، وهل ان ما يطلقه العالم من خطط وستراتيجيات، للقضاء على الجوع، ليس سوى شعارات، هدفها المتاجرة بآلام الناس والرقص على جراحاتهم، أم ان العالم مقسوم الى فريقين متصارعين، احدهما يحارب الجوع، والاخر يحارب مَن يحارب الجوع؟!، يبدو أن هذه النظرية هي الاقرب للواقع، ومن خلال ذلك يمكن القول إن على الفريق المحارب للجوع تبنّي ستراتيجة صيد السمك، او ما تعرف بـ"سياسة التمكين"، القائمة على تطوير قدرات ومهارات الفرد، التي تجعله قادرا على المنافسة في سوق العمل، وبالتالي حصوله على فرصة عمل، توفر له العيش الكريم، اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار التوجهات الاقتصادية العالمية القائمة على نظرية "دعه يعمل، دعه يمر" وبالتالي فإن العمل والمرور، يتطلبان مهارات وقدرات تنافسية، تتناسب، وطبيعة هذه المهمة.
وفي العراق، فإن سياسات محاربة الجوع والفقر، مازالت دون مستوى الطموح، لأنها لم تُرسم، وفق "ستراتيجية صيد السمك"، فعلى الرغم من انفاق اموال طائلة على مدى سنوات طويلة، في هذا المجال، الا أن الأرقام ما زالت تتحدث عن وجود نحو ١٠ ملايين فقير، نسبة كبيرة منهم يتقاضون اعانات من الحكومة ضمن شبكة الحماية الاجتماعية، ما جعلهم يعتمدون بشكل مطلق على تلك الاعانات، وترك التفكير في البحث عن عمل هنا وهناك، وبتقديري المتواضع، لو ان جانبا من تلك الترليونات التي صُرفت رواتب للمستفيدين منها، جرى تخصيصها لبرامج تطوير القدرات، لهؤلاء الناس لكان الوضع مختلفا الآن.
ان سياسة اعطاء الجائع سمكة، لن تحل مشكلته، بل ربما تفاقمها، لأنه سيبقى بانتظار سمكة أخرى لن تأتي أبدا! ولذلك فإن الحل، ان أعطيه سنّارة وأدلّه على الطريق الذي يوصله إلى النهر او البحر، ليختبر صبره وقدراته في صيد السمك، وان أول سمك يصطادها، ستكون مفتاحا مهما لصيد المزيد منه، فيأكل بعضه ويبيع البعض الاخر، ويعيش عيشة سعيدة.