حسين الذكر
يعد الاستقرار العام انعكاسا عمليا لبيئة سياسية مؤمنة بالتداول السلمي للسلطة، كمبدأ أساسي لكل الانتعاشات الأخرى من قبيل الامن والاقتصاد والتطور، مهما كان الترتيب بين سلم الدول اكثر غنا او فقرا، فان الرقي هو أعلى مراحل الاستقرار والاستثمار والتداول، لا يشترط في بلوغه المال ولا يقف عند عتبة الموارد، بل انه الاستقرار وليد رحم الادارة الناجحة الواقعية، التي تجيد التعاطي مع الملفين الداخلي والخارجي، بلا جهل ودم وتسقيط وتهميش، وهذا لا يعني عدم وجود أجندات خارجية في ظل صراع عالمي كان وما زال وسيبقى ابد الدهر، لكن العلة في الإدارة السياسية وكيفية تعاطيها مع الملفات شريطة أن يكون المواطن والوطن أولا.
فالعراق قبل 2003 وبعد هذا التاريخ المفصلي كانت الأموال موجودة فيه، ويعد الاغنى في العالم جراء ما يملك من ثروة وطنية وموارد وحضارة، لكنه لم يبلغ مرحلة الاستقرار كما انه لم يحسن حتى الإبقاء على ما كان منجزا من قبل، بكل الصعد فوقية وتحتية .
اليوم يعيش العراقيون هاجس انتظار ملف الانتخابات، الذي يبنون عليه الامال في تحسين الأحوال في ظل صعوبة اليات التغيير التي حصلت من قبل من قبيل (الانقلاب والثورة والتدخل الخارجي)، كما ان التقسيمات (قومية وطائفية) والتوافق العام اصبح يحكم الكتل الحاكمة ويمثل اطارا عاما، بالرغم من كل تشوهاته، لكنه ما زال مهيمنا وصعب تغييره بشكل جذري.
هذا الواقع يفرض على أصحاب القرار الوعي في قراءة المشهد بطريقة مختلفة والبحث عن قوائم عابرة للتقسيم الثلاثي القائم، واختيار شخصيات غير (مستهلكة ولا مملة ولا مجربة)، ومن ثم البحث عن برنامج انتخابي واقعي بلا تهويل بلا مبالغة بلا تسقيط بلا تهديد بلا وعيد.
فالعراقيون يبحثون عن السلام والامن والاكتفاء والتطور والرقي، كمحصلة تامة لمبدأ الاستقرار، الذي لا يمكن أن يتحقق الا بالتوافق العراقي التام بين جميع مكوناته وكتله واحزابه وقومياته، على ضرورة ان يكون العراق أولا بلا مزايدات ولا شعارات.