علي الأسعد
السياسة تحتاج الى منصات اعلامية فاعلة، لها أدواتها، ولها خطابها الواقعي والنقدي/ المهني، فضلا عما تتطلبه من اجراءات تعزز صلاحيتها في التداول، وفي صناعة العقلانية لذلك الخطاب، وهذا ما يعني أهمية ربط الفعل السياسي بجملة من الفعاليات التي تخص الممارسة، او ما يخص تمثيلها في السياق الوطني العام، أو في السياق التفاوضي، أو في وجودها داخل السجالات التي تسعى للاشهار، وحتى لغاية التأثير في الآخرين، أو التعبير عن مصالح معينة . ما يجري من سجالات «سياسية» في المشهد العراقي حول قانون الموازنة، يعكس مدى التشويش المفهومي للاداء السياسي، وللتعاطي مع توصيفها، ومدى قدرة بعض السياسيين على استقراء حمولاتها المهنية والايديولوجية والثقافية وحتى السياقية.
فالبعض يربط الخطاب السياسي بالمصالح، وربما بحسابات انتخابية، أو بمواقف لها مرجعيات ايديولوجية، تعكس حجم المساحة التي يتحرك بها الخطاب السياسي، مثلما يعكس طبيعة ازمة ادارة الملفات السياسية في المشهد العراقي، وهذا بطبيعة الحال ستكون له ارتدادات على مستوى الاتفاق على معالجة القانون واقراره، ومقاربة الاشكالات الفنية والصياغية في فقراته، لاسيما ما يتعلق بالفقرة الحادية عشرة، والخاصة بإقليم كردستان.
إن وضع قانون الموازنة رهن الصراعات السياسية له آثاره السلبية في الواقع الاقتصادي للبلاد، وله تداعياته على مجرى العملية السياسية، واستحقاقات ملفاتها ومشاريعها، وحقوق المواطنين الذين يطمحون لأن يتجاوز السياسيون أزماتهم وسجالاتهم باتجاه التعاطي المهني مع القوانين، وبما يسهم في استشراف أفق وطني للتنمية، والبناء، ولمواجهة التحديات الصحية والامنية والاقتصادية، والتي باتت اليوم جزءا من مسؤولية الجميع، وعلى المستويات كافة.